TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قراءة فـي خطابات المثقف والسياسي

قراءة فـي خطابات المثقف والسياسي

نشر في: 15 مارس, 2010: 04:20 م

عبد الكريم يحيى الزيباريإلى متى سيظلُّ المثقف يدور في فَلَكِ السياسي ينتظر جائزته؟ بالأمسِ قرأت مقابلة لأحدِ أصدقائي الشعراء والذي فاز بجائزة الإبداع في الشِّعر، وهو يهمس في المقابلة أنَّهُ يريد مقابلة بشَّار الأسد؟ ربما كان يحلم قبل أنْ يرسِلَ مشاركته إلى لجنة مسابقة الإبداع بأنَّهُ إذا فاز، سيحظى بمقابلة الرئيس، أو رئيس الوزراء على الأقل، أو حتى وزير الثقافة، ولكن هذا لم ولن يحدث بالطبع،
 لأنَّ الرؤساء لا يقرأون، والسياسيي كذلك لا يقرأ، وإذا قرأ فإنَّهُ سوف يختار مقالاً يُسَبِّحُ بحمدهِ، وبمنجزاته التاريخية، وبحكمتهِ، وكرمه وشجاعته، ونضالهِ وغير ذلك من الصفات شبه الألوهية، وحين نشرت مجلة التايم الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 17/ 5/1999 مقالاً لوالتر إيزاكسون بعنوان(حرب مادلين/ Madeleine's War) فانتحى بها الرئيس كلنتون جانباً وقال لها: لا تقلقي لو أنِّي قرأتُ كلَّ شيء كتبوه في السنة الماضية، لَمَا نجوتُ) مادلين أولبرايت- السيدة الوزيرة- ترجمة د. محمد توفيق- شركة الحوار الثقافي- 2004- بيروت- ص584. وهو يشير إلى محاولة خلعه من منصبه ومحاكمته بسبب فضيحة مونيكا. على المثقف والسياسي أنْ ينظرا هناك إلى البعيد، أبعدُ من أرنبةَ أنفيهما، وإلا أرْغَمَ اللهُ أنفهُما بعد سنوات، حين تأتي الأجيال اللاحقة وتتهكَّـم بخطاباتهما الدون كيشوتية، و"سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الأَشِر". في عصرٍ تتسارع فيه الأنظمة والنظريات إلى نهاياتها، وينكشفُ زيف الخطابات وهي في بداياتها، وتتحد فيه الأفكار مع أضدادها ويتسابق الإنسان مع الزمن، ويتحدى الطبيعة ويخترق الفضاء ويتلاعب بخريطة الجينات الوراثية، ويتلاعب بالألفاظ ويعيد صياغتها ليعطيها معاني أخرى تلائم المبادئ المتغيرة تبعاً لتغير المصالح، بل وتجرأ البعض فظنَّ أنَّه يمكن له انطلاقاً من مختبره أن يصنع خلايا حية مبتكرة، أو يخلق نوعاً جديداً من الحياة، فكان عجزهم آيةٌ على توحيد الله، وأصبحَ العالم الكبير، قريةً صغيرة، لكن وبالرغم من كل هذا التطور، وانتشار دُعاة حقوق الإنسان كالجراد، لم يحدث من قبل أن بلغ العنف مثل هذه الدرجة الهائلة، فاستخدام القوة ولغة التهديد صارت الحل الأمثل لهذا العالم الذي يزداد غلياناً كفوهة بركان، وفي آخر مقابلة له مع جريدة اللوموند الفرنسية والمنشور بتاريخ 5 شباط 1963 أي قبل مقتله بثلاثة أيَّام، والذي أعادت نشره جريدة المدى البغدادية في ملحق "ذاكرة عراقية" في عددها 1718 بتاريخ 8 شباط 2010 ذَكَرَ عبدالكريم قاسم الرئيس العراقي التهديدات التي يتعرَّض لها(والأدهى من ذلك أنني تسلمت قبل بضعة أيام فقط مذكرة تهددني فيها واشنطن بفرض عقوبات ضد العراق إذا تمسكت بمواقفي، ولا أدري كيف يعطون لأنفسهم الحق باستخدام لغة كهذه). يتعجَّب الرئيس من دولة تتدخَّل في الشؤون الداخلية لدولةٍ أخرى، وربما كان من حَقِّهِ فهو رجل عسكري، خبرته السياسية تكاد تكون معدومة، ولكني أتعجَّبُ من مثقفين يدافعون أو يتبنون الخطاب السياسي لأحدهم، أكثر من السياسي نفسه، فيصير قيصريِّاً أكثر من قيصر، ، وخارجياً أكثر من قطريّ بن الفجاءة. ويبرر البعض من مثقفي الغرب بأنَّ الأسلحة الأكثر دماراً، هي الأكثر الإنسانية، لأنها تؤدي إلى نهاية سريعة للحرب، وفي خضم هذا كُلِّهِ تبقى الخطابات(الثقافية أو السياسية) وسيلة تهديد من جهة، ومعرفة من جهةٍ أخرى، والمعرفة سلطة تسيطر كقوة، والقوة تضعف بدون معرفة تنظمها وتقودها نحو الأهداف المتوخاة، والمعرفة لها معاني، منها المعنى الثقافي، ومنها مقاربة المضمون، أو المسكوت عنه، فلسنوات طويلة حينَ كنتُ أمرُّ بجدار الإعدادية الغربية في منطقة باب الجديد في مدنية الموصل الحدباء كنت أقرأ على جدار الإعدادية شعاراً بخطٍّ جميل(دَمٌ يُراقْ، ومجدٌ يعلو العراق) وكنتُ أتساءل: أليس للمجدِ طريقٌ آخر غير الدَّم؟ وفي المجلات والصحف والتلفاز وجدران المعامل والمدارس وفي كلِّ مكان شعارات من هذا النوع، والشعارات هذه ليست على الجدران فقط، بل كانت تُترجم على أرض الواقع أفعالاً تدميرية، فلم تكن هناك إعلانات تجارية أو مناقصات، أو شيء من هذا القبيل، جميع الإعلانات تهاني إلى السيد الرئيس، ومن أغربها في الغلاف الأخير للعد 876 من مجلة الف باء، حيث كالمعتاد صورة ملونة للسيد الرئيس بعنوان(الإدارة الديمقراطية في المنشأة العامة للخياطة: تهنئ الإدارة الديمقراطية والعاملين كافة في المنشأة العامة للخياطة السيد الرئيس.. الخ). ولا يوجد تهاني لغير السيد الرئيس، وترجمةً لأشهر شعار(كل شيء من أجل النصر) نجدُ في مجلة ألف باء العدد 876 في 10/7/1985 تصريحاً لوزير المالية العراقي هشام حسن توفيق(قد تمَّ إبلاغ الوزارات كافة بالتعليمات التي ينبغي عليها اتباعها بشأن إعداد موازناتها وقد وضعت التعليمات وفق الإطار العام للسياسة المالية، القائم على التوجيهات المركزية للحزب والثورة، والتي تؤكِّد على توظيف كل الطاقات من أجل النصر/ ص10). وبالتأكيد ليس بمقدوري استيعاب فكرة توظيف الطاقات في موازنات الوزارات من أجل النصر، ولكنني أفهم اليوم توظيف موازنات الوزارات وطاقاتها من أجل الفوز بالانتخابات، بدءاً من تعيين عامل الخدمات وصولاً إلى اختيار الوزير ووكلائهِ المحترمين، وفي عين الصفحة والعدد من مجلة أل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram