TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الغــزو الثقافي.. صـنـاعـة للسـيـطـرة أم صناعة للوهم!

الغــزو الثقافي.. صـنـاعـة للسـيـطـرة أم صناعة للوهم!

نشر في: 15 مارس, 2010: 04:22 م

علي حسن الفوازيبدو لي ان علاقتنا بالاخر الحضاري والاشكالي والامبريالي ملتبسة وغامضة ومثيرة لمواقف خلافية واسعة، اذ كثيرا ما تفهم هذه العلاقة بانها طريقة للتسليم بمفاهيم القوة والسيطرة، وان التعاطي معها ينطلق من كونها علاقة اشكالية خاضعة لمفهوم ثنائية القوة والضعف فقط، الضعيف فيها اما ان يكون خاضعا  لقانون القوة الغاشمة باشكالها المتعددة تابعا او محتلا، واما ان يكون  مقلدا  للقوي او متماهيا مع نموذجه،
وهذا الفهم كثيرا ما أوقع الفكر العربي المعاصر بالتباسات كثيرة وجعله تحت سايكولوجيا اعادة قراءة الازمة وانتاج مفاهيمها دائما او استحضار المفهوم الضاغط لـ(سايكوباثيا) المؤامرة. فمن يتحدث عن علاقتنا بالاخر مهما كان مستوى هذا الحديث لايضمن لحديثه الاطمئنانات الكامله لانه سيقع شاء أم ابى  تحت افتراضات مفهوم الغزو الثقافي من الاخر وتهويل اخطاره واغواءاته، والتي تجعل هذا الحديث اشبه بهلوسات واستغاثات المحاصر في قلعة قديمة ويخشى ان تتهدم حصونها امام الغازي المستبد، ومن يتحدث عن علاقة ايجابية مع الاخر تقوم على فكرة الحوار وعلى  فكرة تعددية   الثقافات واهمية جدالها  وحوارها  يواجه  محنة الخضوع للاخر وربما تهمة هيمنته الثقافية والسياسية، وكأن هذا الحديث  يفترض اصلا وجود نمط للثقافة الواحدة المهيمنة والسلطة الواحدة  والعقل الواحد، مقابل غياب اي شكل او مستوى للاستجابة او المعارضة من الطرف المستهدف، وخلو اطرافه  من فعل الارادة والمقاومة التي تعبّر عن جوهر الهوية الوطنية والثقافية، والتي هي تجسيد لقوة الروح الحية في المعنى والجسد والمكان والتاريخ الثقافي، ومن يتحدث باتجاه اكثر علمية عن ثقافية  العولمي في اطار التعاطي مع اسئلة الثقافة المعاصرة  وشروطها وجدلها الحداثوي ومابعده، يضع نفسه امام افتراضات واغترابات تتهمه بالخداع والتضليل وكأن هذه العالمية غير  قياسية وانها مضللة دائما، وان الثقافي العربي مازال ابنا بارّا للتاريخ والابوة القديمة، وان انتاجه الثقافي مازال هو الاخر قرينا بصنايعية سوق عكاظ او المربد وما عليه سوى ان يتبادل السمن والعسل ونعاس القصائد !!لذا اجد ان الطرح الاشكالي الذي يفترض تحديدا استباقيا حول دهاء الغازي وغباء المتلقي طرح غير دقيق وغير موضوعي لسبب بسيط وواضح وهو الغاؤه القصدي وغير المبرر لفاعلية وعي المشاركة، وباننا لم نعد داخل بيئة السوق القديم والقصر القديم، بل اننا نعيش في عالم  متنافذ على بعضه، تحكمه المصالح والصراعات والمنافع والنظم المالية والستراتيجيات السياسية والاقتصادية بكل مظاهرها المعقدة والبسيطة. هذا التوصيف يفترض نوعا من العلاقات الثقافية التي يجب ان تكون بمستوى هذه البانوراما الكونية، والتي تفترض حسابات وخططا فاعلة، مثلما تستدعي وعيا استثنائيا باشكالات الصراع المعاصرة وتجاذباتها ومصادر قواها الفاعلة  التي ينبغي ان تنتظم في سياقات خاصة لادارة آليات هذا الصراع، فضلا ضرورات التوافر على عناصر التخصص والحرفية والمهنية التي تمهد لصناعة الدولة المشرعتة بالنظام والقانون والمواطنة والحقوق والعدالة الاجتماعية، والتي تصنع بالمقابل مصادر للقوة الاخلاقية والمعرفية التي تحمي الهويات العميقة مثلما تحمي الهوية الوطنية العامة من التفكك امام اية قوة اخرى، لان انهيار الهويات يرتبط بالاستبداد اكثر من ارتباطه بالاخر، وان حماية الهويات من الانحلال يرتبط بالدول الحديثة التي تحترم مكوناتها الاثنية والدينية، وان العلاقة مع الاخر تتحدد على وفق حسابات ومصالح وسياسات يرسمها النظام العالمي اولا، وتحددها طبيعة هذه الدول وقوتها الاقتصادية والحضارية والسياسية ثانيا.وعي مفهوم الدولة والهوية الوطنية يرتبط ايضا بالقدرة على تجاوز اشكالات ماقبل الدولة، تلك التي تقترن بتجاوز عقد العصاب المكاني والقبائلي وباتجاه وعي معطيات ما يمكن ان يثيره من صراعات(غير مسيطر عليها) في  سياق تشابك ازماته التاريخية والدينية والقومية، وفي سياق ضعف الدولة الوطنية وتحلل مؤسساتها، والتي تضع فكرة الاخر الغربي والاميركي بوصفه منتجا للازمات، ومنحازا لطرف من اطراف الصراع  الذي ينتمي للماضي ولنمطية ثقافة ماقبل الدولة اكثر من انتمائه للحاضر وقيم الدولة المعاصرة.هذا الوعي لايحدد في جوهره شروطا أولية  للغالب والمهزوم بقدر ما يوفر مجالا حيويا لانكشاف الثقافات على بعضها البعض، والكشف عن الكثير من هشاشة انماط الثقافات التقليدية القومانية والرجعية ذات العمق الشوفيني والتوتاليتاري والثيولوجي بمعناها الشمولي والتي انتجت لنا اشكالا معقدة من الدكتاتوريات الفكرية والسياسية والسلطوية والايديولوجية. اذ ان تاريخ  المهيمن الدكتاتوري قد ارتبط  كثيرا بوجود مثل هذه الثقافات الشمولية. ناهيك عن ان صناعة الديكتاتور قد ارتبطت ايضا بمعطيات الصراعات الدولية وحسابات المصالح الدولية، خاصة وان اغلب دكتاتوريات العالم الثالث في مراحل مابعد الحرب العالمية الاولى والثانية او حتى مايسمى عند البعض بحركات التحرر الوطني قد انتجت لنا اشكالا غرائبية للحكم الديكتاتوري السياسي والعسكري والايديولوجي وبلبوسات وطنية خاصة واحيانا بحماية م

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram