كاظم الجماسيظل الجبابرة والطغاة عبر صفحات التاريخ الانساني يعتنقون عقائد مدمرة تقف على طرفي نقيض مع كل ما يمت للإنسانية بصلة، ومعادلتهم في ادارة امور البشر تنحاز على الدوام الى مصالحهم الاكثر أنانية ودناءة، بصرف النظر عن فداحة النتائج ومايمكن ان تخلفه من كوارث وخيمة.
وتخبرنا حوادث التاريخ وايامه ان جبابرة الرومان قتلوا وشردوا شعوبا بأكملها، مثلما فعل اشباههم من المغول وكذلك النازيين والفاشيين وغيرهم من أساطين الدم والدمار، ولعل المفهوم الاشد أيلاما وجرحا لأعماق النفس البشرية، مفهوم الارض المحروقة الذي ساد في اعقاب الحرب العالمية الثانية التي ضجت سنواتها الخمس بالمخزي والمعيب من الكوارث البشرية التي يندى لها جبين البشر، لعل ذلك المفهوم كان ثمرة فجة لعقل الشر المتمكن في نفوس الطغاة والجبابرة.كانت القرى الكردية الواقعة على تخوم المدينة الباسلة السليمانية التي ظل النظام الصدامي اللعين يعدها شوكة في بلعومه النتن مثلما هي مدن وقصبات كردستان العزيزة، تعاني ويلات حروب الطاغية المتصلة، وظلت تلك القرى التي تضمها مدينة حلبجة الحدودية والتي يسكنها أناس مدنيون مسالمون ساحة حرب غير عادلة أبداً ليس لأولئك الناس فيها ناقة او جمل، سوى ان شراهة الاستبداد التي لن تشبع أوترتوي أبداً من دماء الابرياء، وجدت ان سكون وراحة أولئك البسطاء الكرد من شعبنا المضام تهديد جدي وخطير لسلطتها المجرمة.في السادس عشر من آذار العام 1988 وقبيل ان تلقي الحرب العراقية الايرانية اوزارها، توج الطاغية جرائمه بحق الكرد بجريمة شنعاء تندرمثيلاتها في سجل جرائم الطغاة عبر التاريخ، اذ باشرت اسراب طائراته المقاتلة ولثلاثة ايام بلياليها بإلقاء احمالها القذرة من الغازات السامة على القرى والاحياء في مدينة حلبجة التي يقطنها سكان فقراء مسالمون، وقامت قيامة المدينة اذ اختفت كل ذرة هواء نقية وحل محلها غاز خانق راح الاطفال والشيوخ والرجال والنساء يستنشقونه فيتساقطون صرعى واحداً تلو الآخر على قارعات الطرق والازقة وفي حجرات البيوت، وراحت ماشيتهم وحيواناتهم الاليفة تتساقط هي الاخرى صرعى من دون ان تفقه ان هناك إلهاً طاغياً شريراً أمر جلاوزته بحرق الزرع والضرع، حتى لم يبق عصفور على غصن او زهرة في بستان..لقد كانت واحدة من ابشع جرائم الابادة الجماعية، فتكت بحياة اكثر من خمسة آلاف روح بشرية وخلفت اكثر من اثني عشر الفا من الجرحى والمصابين والمشردين، فضلا عن ابادة اضعاف تلك الارقام من الحيوانات، ومساحات شاسعة من المزروعات والمياه الملوثة.. عدا التأثيرات الوراثية التي لم تسلم منها الولادات حتى الساعة.اليوم يمر على تلك الجريمة الاليمة اكثر من ثلاثة وعشرين عاما، ولكي لاننسى او نتجاهل مايمكن ان يقترفه الاستبداد ومايمكن ان تفعله الديكتاتورية علينا ان نذكر ونتذكر اية وحشية واي قبح مكتمل خلفته واقعة حلبجة المدينة الشهيدة، وكذلك علينا ان نوقن ان لابديل للنظام الديمقراطي الفيدرالي التعددي منهجا وطريقا لتحقيق رفاه وازدهار شعبنا.
لكـــي لا ننســــــى قيـــامــة حلبجــــــة
نشر في: 15 مارس, 2010: 04:26 م