اعداد / المدى الاقتصاديلم يفكر كل من «كارل بنتس» و«مايباخ» عندما نجحا في عمل أول محرك يعمل بالبنزين عام 1885م في السيارة كما هي معروفة الآن، وإنما أرادا ببساطة عمل آلة جر لتحريك السفن والعربات عمومًا. وكان هنري فورد في أمريكا هو من نفذ أول خط إنتاج للسيارة. وظلت صناعة السيارة في ألمانيا صناعة يدوية بحتة حسب طلب كل مستهلك، وبالتالي اختلفت كل سيارة عن مثيلتها، ولم تكن هناك مصانع وإنما ورش للإنتاج تشبه ورش الهواة حاليًا.
مشكلة القيادةلم تكن قيادة السيارات الأولى في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين مسألة بديهية، فقد كان على السائق إدارة المحرك يدويًا، وقبل ذلك كان عليه ضبط ترتيب الاحتراق وتفريغ الهواء عند تزويد السيارة بالوقود، هذا في داخل المدينة، أما إذا خرج بالسيارة خارج المدن فهناك أخطار أخرى مثل الحيوانات التي تقف في الطريق، فقد كانت تثور وقد تهاجم السيارة عند سماعها آلة التنبيه، وغير ذلك مما لا يتوقعه قائد السيارة. لكن المشاكل التقنيـــة كانت أكبر بكثير، فعلى سبيل المثال مشكلة الفرامل، التي لم تكن – بالطبع – بالكفاءة الحالية على الإطلاق، وكان على قائد السيارة الضغط على الفرامل أكثر من مرة حتى يقلل من سرعة السيارة، قبل أن يتمكن من إيقافها. وفي ذلك يقول المؤرخ رولت:«إن قدرة السيارة على السير فاقت قدرتها على التوقف»، ولهذا كانت آلة التنبيه بالسيارة أهم كثيرًا من الفرامل.وكانت الإطارات تشكل تحديًا كبيرًا لصبر قائدي السيارات. فقد استعملت الإطارات المملوءة بالهواء لأول مرة في 1895م، وكانت أغلب أعطال السيارات بسبب الإطارات، فقد كانت ملساء وكانت جدرانها رقيقة جدًا ولم يكن الكاوتشوك مخلوطًا بمواد أخرى مقوية – كما هو الحال الآن – ولذلك فقد كانت حساسة جدًا للشمس وللحرارة عمومًا. ولم يكن الإطار الاحتياطي شيئًا بديهيًا وبالتالي كان على السائق أن يقف ويصلح الإطار على الفور حتى يستطيع مواصلة السفر.أما الإضاءة فكانت ضعيفة جدًا، ولم يكن الغرض منها إنارة الطريق أمام السائق، وإنما فقط لكي يرى الآخرون السيارة. وكان يستعمل لذلك إما الزيت أو الشمع. والطريف أن الدراجة الهوائية سبقت السيارة إلى الإضاءة الكهربائية، لكنها في مراحلها الأولى كانت لا تتحمل الاهتزازات القوية إذا وقعت السيارة في مطب أو ما إلى ذلك. ثم تحسنت بعد الحرب العالمية الأولى وأضيفت إليها الإشارات الجانبية (الفلاشر). حتى عام 1914م كانت نظرة السائقين إلى بعضهم وإشاراتهم باليد كافية تمامًا(كافية تمامًا حتى يومنا هذا في كثير من البلدان النامية). كانت صناعة السيارات قبل عام 1914م، أي قبل الحرب الأولى، عبارة عن ورش صغيرة تصنع السيارة حسب الطلب – كما ذكر سابقًا – وكان الإنتاج قليلًا جدًا، ولم يكن مربحًا بالمرة. وعندما بدأت أوروبا تدرك مستقبل السيارة، وأنها صناعة قادمة وقابلة للنمو، دخلت كثير من الشركات الألمانية في هذه الصناعة، مثل أوبل الذي كان صانعًا للدراجات الهوائية، ووشتاير صانع السلاح. كما دخلت كل من شركة سيمنز و AEG من قطاع الصناعات الكهربائية أيضًا في صناعة السيارة.وقد أدى التبادل التكنولوجي من خلال الاستيراد والتصدير ومنح تصاريح الإنتاج إلى تدويل صناعة السيارة، كما قاد التنافس ورغبات المستهلكين المتزايدة إلى الإسراع في البحث العلمي لتطوير السيارة. وكان من نتائج ذلك إنشاء أول معهد لأبحاث السيارات في العالم في كلية التكنولوجيا بجامعة برلين عام 1909م، وتبعه معهد دريسدن عام 1918م، وآخن 1923م، وكارلسروهه 1924م، وهانوفر عام 1928م. وبذلك انتقلت صناعة السيارات من الحبو إلى المشي، فقد أنهت هذه المعاهد العلمية مرحلة التجريب والهواية إلى الأبد، وحولت صناعة السيارة إلى هندسة وعلم منظم.rnمعركة الوقود وانتصار البنزينيخطئ من يظن أن اختراع بنتس ومايباخ لمحرك البنزين أدى إلى ثورة، فقد كان ذلك الاختراع مجرد اقتراح أكثر من كونه اختراعًا. فقد سبقته محركات البخار والكهرباء، بل أنها كانت قد انتشرت إلى حد كبير، ففي أمريكا - على سبيل المثال – وفي بداية القرن الماضي كانت 40 % من السيارات تسير بالبخار، و38 % بالكهرباء، و22% فقط بالبنزين. وكان التنافس والصراع أولًا بين البخار والكهرباء، ولم يكن البنزين يمثل إلا الاختيار الثالث والأخير، خاصة إذا علمنا أن السيارة التي كانت تسير بالبخار لم تكن بطيئة على الإطلاق، فقد وصلت التجارب بها في أمريكا عام 1925م إلى سرعة قصوى قدرها 205 كيلومترات في الساعة، وكان هذا هو الرقم العالمي في سرعة السيارة. وعليه فلم يكن أحد يتوقع هذا الانتصار المذهل للبنزين على حساب البخار والكهرباء، لكن هذا الانتصار له بالطبع أسبابه، ومنها على سبيل المثال، التعقيد الواضح في محركات البخار مقارنة بالبنزين، وضياع مساحة كبيرة من السيارة بسبب خزانات المياه الكبيرة... وغيرها. لكن هناك سببين رئيسين أديا إلى هزيمة محركات البخار أمام البنزين: أولهما أن محرك البنزين يحتاج إلى خزان (تانك) صغير فقط لكنه في الوقت ذاته يجعل السيارة تسير مسافات أطول كثيرًا من البخار، مما مكنَ السائقين من الخروج من المدن بالسيارات، وشعور قائد السيارة بالخروج إلى عالم آخر، وكان ذلك شعورًا جديدًا وغريبًا لم يعتده الناس من قبل. و
تاريخ صناعة السيارات في العالم
نشر في: 15 مارس, 2010: 04:55 م