TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات :حلبجة الشهيدة مدينة الوفاء

كردستانيات :حلبجة الشهيدة مدينة الوفاء

نشر في: 15 مارس, 2010: 07:20 م

وديع غزوانفي مثل هذا اليوم من كل عام اعتاد الكردستانيون استذكار واحدة من الجرائم التي ارتكبت بحقهم في السادس عشر من آذار1988، وكأن المجرمين ـ اعداء الانسانية ـ اختاروا هذا التاريخ وهذاالشهر بالتحديد ليجسدوا, بأبشع جريمة ارتكبوها، عداءهم للحياة ويؤكدوا وحشيتهم .
 لانظن ان اختيار هذا الشهر لارتكاب جريمة حلبجة جاء محض صدفة.. ففي آذار اعتاد الناس ان يحتفلوا بتجدد دورة الحياة حيث يعلن الربيع عن نفسه بابهى صورة فتتفتح الازهار وتورق الاشجار وتخضر الأرض.. ولهذا الشهر خصوصيته في كردستان ليس لانه يصبغ ارضها بألوان الورود والنباتات الطبيعية الزاهية، بل لما فيه من مناسبات عزيزة ابرزها ثورة كاوه الحداد وميلاد قائد الثورة الكردية الخالد ملا مصطفى البارزاني .. وهذا ما يؤكد سبب سدر المجرمين في غيهم وامعانهم في ارتكاب الجرائم بحق الابرياء من المدنيين، فكانت حلبجة حلقة في مسلسل طويل من مخطط ارهابي خبيث لابادة شعب كانت اكبر امانيه ان يعيش عزيزاً كريماً في وطنه . في حلبجة آلاف القصص يرويها الجرحى والمشردون ممن شاء الله ان ينجيهم من القصف الكيمياوي ليرووا بألم حجم الفاجعة التي تعرضوا اليها،و ليكونوا شهوداً على وحشية نظام قضّ مضاجع اهالي حلبجة المسالمين من خلال قصفهم بالاسلحة الكيماوية، وليدينوا بكل حرقة وألم كل من صمت او تواطأ وسكت اوكان شاهد زور غير مبال او مكترث بأرواح خمسة آلاف طفل وامرأة وشيخ وشاب راحوا ضحية ذلك اليوم الاسود ناهيك عن عشرة آلاف جريح الذين ما زالوا يعانون ذلك القصف الهمجي الوحشي، وإضعاف هذا العدد من المشردين.. قصص مروعة ومؤلمة كقصة علي الرضيع الذي فقد كل اهله عدا والدته فعاد اليها بعد عشرين عاماً، وعبد القادر الذي فقد ثمانية من افراد عائلته وعاش لتلازم بقية حياته الحقن والادوية لعجز رئتيه عن العمل بشكل طبيعي. نستذكر حلبجة وشهداءها ونحن موجوعون، وحسبنا ان تضحياتهم وتضحيات كل مناطق كردستان لم تذهب سدى، فكانت الانتفاضة الباسلة في 1991وما اعقبها من عملية بناء وترسيخ للتجربة التي يفتخر بها الشعب الكردي. نستذكر حلبجة ومعها قوافل الشهداء الابرار، ونقول: لتقر أعينكم وترفرف أرواحكم الطاهرة وانتم في عليين.. بعد ان نال المجرمون القصاص العادل واعترف العالم بفداحة وهول الجريمة, لكن رغم ذلك ما زلنا مقصرين وما زال الطريق طويلاً لنسدد جزءاً من دينك علينا ياحلبجة الشهيدة.. وتبقين يا مدينة الوفاء والعطاء أكبر وأنبل وأسمى من كل كلماتنا التي تظل قاصرة عن إيفائك حقك!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram