TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نقطة ضوء :سقوط الأقنعة

نقطة ضوء :سقوط الأقنعة

نشر في: 15 مارس, 2010: 09:12 م

حسام مصطفى كلما خطونا باتجاه لملمة تشظيات العملية السياسية التي تأسست بعد التاسع من نيسان 2003 ، تبرز لنا باستمرار عقبة جديدة تعيق الحركة الى الامام ، وتبرز معها شخصيات عرّابة للازمة وحاضنة لها ومغذية لانتفاخها حتى تتحول حقيقة الى عقبة امام اي توجه نحو المستقبل.
لقد دفعنا ثمنا قاسيا في سنوات المحاصصة اللئيمة، خصوصا ونحن كنا نرى بأم اعيننا كيف كان الوطن يتشظى امامنا والمجتمع يتمزق ويتناحر والافكار كيف كانت تغرق في الظلامية والعنف وجنون الموت. كل شيء كان واضحا امامنا بقساوته وشدّة وطأته وخطورته على مستقبلنا، لو كتب لكل هذه الاشياء مجتمعة ان تلف حياتنا، لكن ممانعاتنا الشعبية الوطنية حالت دون ذلك، عندما اجبرت السياسيين انفسهم على ان يتبنوا خطابا سياسيا عقلانيا، فعلق البعض افكاره على شماعة الانتظار فيما رمى البعض الآخر السلاح بعد ان اقتنع انه طريق الدمار والتدمير لحامله قبل ان يكون مدمرا للموجهة ضده. النغمة الجديدة التي اطلقها طارق الهاشمي في اسواق الاغاني السياسية هي اغنية بعنوان "الرئيس عربي سنّي" وقد قال السوق السياسي كلمته في الاغنية كلمات وألحان واداء، ما اصاب السيد الهاشمي بالاحباط الشديد. الاغنية التي اعقبتها كانت من تأليف الاستاذ الجعفري وبنفس العنوان بتغيير بسيط مع المحافظة على الجوهر فاصبح العنوان بالشكل الآتي "الافضل عربي سنّي". وبذلك تخلى الطرفان عن الشعارات التي رفعاها، والتي تموت هياما بالمواطنة وتنحني للدستور اجلالا ومحبة وتترنح فرحا من شّدّة ايقاعات وانغام المواطن الواحد والوطن الواحد والمساواة الواحدة. شعارات براقة تجذب العين والفؤاد فتريحهما، وحين تقترب ساعة الاستحقاق الشعاراتي تتهاوى الاقنعة وتسقط لتظهر الوجوه على حقيقتها ، والشعارات على اساساتها والكلام على اصوله، بلا مجاملة ولا مكياج، هكذا تبدو الاشياء حقيقية وواضحة وهي تساعدنا حقيقة في فهم الغموض والالتباس اللذين اثرا بشكل مباشر على فهم ووعي المواطن ، ما خلق نوعا من الخديعة بين السياسي والمواطن  بين ماهو ظاهر من الممارسات وما هو باطن في عقلية السياسي، لذلك ربما تكون من حسنات مرحلة الانتقال هذه انها تقوم بدور الغربال  في انتقاء المواد التي تتسرب من فتحاته.كتبنا الكثير عن مثل هذه الظواهر السياسية، وهي ليست صناعة عراقية فقط، وقلنا في اكثر من مقال ان العملية السياسية في العراق لايمكنها ان تحتمل مثل هذا التضخم الفكري والسياسي والتنظيمي بل وحتى مستويات العنف ، وقلنا اننا نطبق الفوضى وليس الديمقراطية وتوقعنا ان تفرز مراحل تطور العملية السياسية وجوها جديدة وتطيح بأخرى لاحتراق أوراقها.اليوم رأينا سقوط بعض الاقنعة ونتوقع ان يرتبط هذا السقوط  بالاطاحة بالطموحات السياسية لتلك الوجوه التي لها تجربة لايمكن نسيانها في اسلوب وطريقة فقدانها مراكزها القيادية  الحزبية والرسمية، في الدولة وفي الشارع.معظم ماقلناه أو توقعناه نراه اليوم امامنا ، لكن الذي لم نره حتى الآن هو القيادات الجديدة القادرة على رفع ثقل ومهمات المرحلة وتقديم سمفونية خالدة للشعب العراقي لايمكن نسيانها الى الابد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram