الكتاب: كم من الأصدقاء يحتاج المرء؟  تأليف: روبن دونبر ترجمة: هاجر العاني احدى ميزات الاشتراك في موقع فيسبوك الكثيرة هي الاكتشاف بأن لدى اصدقائك اصدقاء اكثر بكثير مما لديك، وحسب ما يذكره (روبن دونبر) اننا يجب ان لا نستاء حيال ذلك، وبصفته أستاذ علم الانسان التطوري في جامعة اوكسفورد فـإنه يشير الى ان أغلب الذين يستعرضون أعداد اصدقائهم السخيفة على موقع فيسبوك (لنقل اكثر من 200 صديق) "
يعلمون القليل بشكل ثابت او لا يعلمون شيئاً عن أغلب الافراد الموجودين في قائمتهم"، وعلى الارجح انك علمت ذلك من قبل، وما قد لا تعلمه هو أنه هناك حد تطوري لعدد الاصدقاء الذين يمكن ان يكون لدينا بشكل ذي معنى سواء كان ذلك في موقع فيسبوك او في الحياة الواقعية. وفي عام 1993 قدم (دونبر)،وهوعالم في الرئيسات (رتبة من الثدييات تشمل الانسان والقرد الخ.)، افتراضاً صغيراً لافتاً للنظر أصبح يعرف من حينها بعدد (دونبر) والذي يكرس له سبعة فصول في هذه المجموعة الممتعة من مقالات العلم الشعبي، وقد أدرك (دونبر) ان أحد الاسباب الكامنة وراء تطوير القردة لادمغة كبيرة الى هذا الحد هو أنها تمكنت من قيادة علاقات اجتماعية معقدة، وعلاوة على ذلك علم (دونبر) انه يوجد علاقة متبادلة قوية بين حجم دماغ القرد – وخاصة ً خلايا النيوكورتيكس "المسؤولة بالدرحة الاولى عن التفكير الواعي"- وحجم جماعاته الاجتماعية، ومن ثم طرح (دونبر) هذا السؤال:"ما هو حجم الجماعة التي قد نتنبأ بها بالنسبة للبشر بالنظر الى خلايا النيوكورتيكس الكبيرة لدينا بشكل غير اعتيادي؟" والجواب انه يثبت في نهاية الامر انها تبلغ (150) خلية. فهل لدى (دونبر) فعلاً جماعات اجتماعية عددها (150)؟ حسناً، نعم، كما يصدف ان يكون. ما هو حجم القردة الانكليزية في عصر كتاب يوم الحساب (كتاب انكليزي صادر في العصور الوسطى يعتبر سجلاً ومسحاً لكل اراضي انكلترا واقيامها وملكيتها. كلف (ويليام الفاتح) المعنيين بكتابته عام 1085؟ 150، وحجم مجتمعات العصر الحجري الحديث من الشرق الاوسط؟ أيضاً 150، وحجم الوحدة العسكرية الاساسية في الجيش الروماني أبان عصر الجمهورية؟ حوالي 130. اما التجمعات القبلية ما قبل عصر الصناعة فتميل لان تكون اكبر – ما بين 500 و 2500 شخص – ولكن ضمن القبائل توجد عادة جماعات أصغر شبيهة بالعشيرة والتي يبلغ عددها، ايضاً، 150، وحتى الآن حيث يعيش الكثير منا في مدن يبلغ تعداد سكانها عدة ملايين يواصل العدد الانخفاض من جديد، وعلى سبيل المثال يلمـِّـح (دونبر) الى ان (150) هو عدد طبيعي من الاشخاص الذين نرسل لهم بطاقات التهنئة بعيد الميلاد المجيد على الرغم من أنه لم يلتق بزوجي الذي لم يسبق له ان أرسل اكثر من حوالي ثلاث بطاقات. ونظرية (دونبر) تشكل مادة ساحرة وتثير كل انواع الاسئلة – كيف ينبغي لهذا الرقم ان يلعب دوراً في المدارس؟ او في تخطيط المدن؟ وكيف نفسر السبب في ان تلك الفراشات الاجتماعية التي تبدو بشكل حقيقي انها تنجح في احتواء اكثر بكثير من (150) صديقاً حميماً – (نيكي هاسلامز) الخاص بهذا العالم؟ فهل تتمتع (الفراشات) عادةً بخلايا نيوكورتيكس الكبيرة؟ ولسوء الحظ هذه مجموعة من المقالات مع كل عدم الترابط الذي تتضمنه تلك المقالات وهكذا فـإن المعاني الضمنية الكاملة للعدد لا يتم تطويرها أبداً، ومباشرة ً حالما يثير (دونبر) شهيتنا فـإنه يمضي نحو أحد مواضيعه الاخرى مثل دور الزواج الاحادي (الزواج مرة واحدة في العمر او الزواج من شخص واحد فقط في وقت واحد) في النشوء و التطور، وهو يبين ان "ربط الزوجين" او الزواج الاحادي ينطوي على مخاطر تطورية ونشوئية هائلة ومن ثم  حقيقة ان (5%) فقط من الثدييات تكون احادية الزواج (والبشر الذين يحكمهم علم الاحياء الخاص بنا ليسوا كلهم أحاديي الزواج ولا كلهم متعددي الزواج والذي يبدو أمراً صحيحاً تقريباً). "اختيار سقيم لشريك الحياة – شخص لا يتمتع بالخصوبة او والد (او والدة) كسول او ميال للخيانة الزوجية – مخاطر تعرِّض للخطر اسهامك في التبرع بجينات الجنس البشري"، الا ان للزواج الاحادي ميزات، فالرجل واثق من تمريره جيناته (مفترضاً ان شريكة حياته مخلصة) والمرأة واثقة من ان لديها شخصاً ليبقى قربها ويعيل الصغار – فصغار البشر عرضة للاذى اكثر بكثير من صغار القردة - كما ان الزواج الاحادي يرتبط بعلاقة متبادلة مع حجم أدمغتنا الكبير، والبشر الذين يختارون ان يكونوا أحاديي الزواج يحتاجون الى استخدام كميات ضخمة من المقدرة العقلية محاولين الوصول إلى أفضل اتفاق يمكننا الوصول اليه من شريك حياة (على الرغم من اننا قد لا نعي اننا جشعون جداً كالمرتزقة). أما فصوله بشأن الفرق بين ثقافة القردة والبشر فهي أقل نجاحاً، اذ يخبرنا المؤلف بأن القردة لا يفتقرون الى ثقافة أساسية، فعلى سبيل المثال باستطاعة الشمبانزي ان يصنع أدوات اساسية لصيد الاسماك، غير ان القردة تعجز عن كتابة مسرحيات شكسبيرية (و (دونبر) يعالج هذه النقطة بإسهاب مفرط جداً). شكراُ ايها البروفيسور. اما السؤال الاكثر اثارة للاهتمام والذي لا يناقشه (دونبر) فهو لماذا ما يزال الشمبانزي عاجزاً عن الاشتراك في موقع فيسبوك برغم تغريد القردة