إياد الصالحي تتمدد الكلمات على سرير المشاعر تماماً مثل اعواد الثقاب الجاهزة للاشتعال ، مرتصفة بيقظتها ، تترقب ان نحيلها حريقاً يلتهم ظلمة بعض الغربان المتوسدين سطوح الأزمات والناعبين بامتياز في فضاء التملق بعد ان حسبوا ان الناس نيام عن تطفلهم ، بل تلصصهم في السطوح الأخرى ، مؤكدين انهم غسلوا وجوههم الكالحة بماء ( الصلف) وقلوبهم تنبض بالغل ووسواس نفوسهم يهتك شيطان عقولهم!
لا تعجبوا .. فقد سقط احدهم سقوطا ذريعا من صفحات الاعتزاز وبات تعاطيه مع الكلمة كأنه يحرث أرضا آسنة بقلم مثلوم ، ورائحة عرق رأيه تنبعث من ضمير متفسخ يستحق دفنه في مقبرة النسيان مع استذكار صغير يستدل عليه : ( مات الغراب الأخرق في الذاكرة صريع طيشه الأحمق )! يبدو ان البعض توهم فعلا بأنه ( سيد أسياد الصحافة) وصار امثولة المقولة التهكمية ( القلم الفارغ طوع العقل الأبله) ! وكم نموذج بليد يتنزه في حقول المهنة ، يحملون خبرة ( دهاة اللسان) اكثر من حيازتهم اصول ونواميس واحكام التربية المهنية ، هؤلاء اسرى نزعات لا تنفصل عن المكر والتدبير يوم يقع تصرف مسؤول ما في الشأن الرياضي تحت طائلة نقد صالح ونزيه ، ويعرى تماما من مبدئه عندما يكون مقصرا امام من استودعه امانة الانتخاب باصوات الرياضيين الأحرار ، فينبرون ليكونوا في الصف الاول مدافعين وموالين له على حساب وقار وهيبة السلطة الرابعة.للأسف ما زال رحم الصحافة الرياضية عاقرا عن انجاب جيل توأم لجيل الرائد الصحفي الخلوق احمد القصاب وما تلاه ، إلا في اسماء معدودة اطلقت صرخات التحدي في بلاط الصحف الأسبوعية قبل اثني عشر عاماً ، تلك التجربة الفتية الغنية بدروس المعرفة الميدانية ، خرّجت عشرات الصقور المتسلحة بالعلم والخبرة والدراية بخارطة استكشاف القدرات المهنية في صحراء الظروف الخاوية من الدعم المادي آنذاك ، ومع ذلك حلقت في المدارات الصعبة وتحملت الهمّ والغمّ لكنها أبدا لم تنبطح باليأس فقاومت مناهضي تجربتها ممّن وقفوا بالمرصاد لتطلعاتهم وأبوا وقتها حتى الاعتراف بصفة ( مشارك) في رابطة الصحافة الرياضية إلا من كان قريبا الى قواسم العمل المشترك معها بذريعة تقنين الاعضاء والحذر من ان تصبح مرتعاً لهواة ( فتل العضلات) مثلما راح الغراب يتفرد بسلوكه اللاغريب ويعتلي منصة قبحه شاتما اثنين من شواهين الصحافة الرياضية اللذين افردا جناحيهما الطويلين على مداد الاعلام العربي والعالمي منذ ربع قرن وخيّل اليه ان المكابرة مطية مجده للتسابق معهما وما درى انه يلهث في خط البداية!اما انت ايها المعلم النبيل احمد القصاب ، لم يأت ذكرك هنا مثل ومضة ذاكرة شاردة من الواقع ، بل وقفة اعتزاز ومباركة لتشبثك بالقلم برغم رعشة اصابع قلمك لما آل اليه عضمك الواهن من دهم لأمراض لم تعد تحمل قساوتها وما تستنزفه مراحل علاجك مبالغ كبيرة لا تقوى دنانير تقاعدك على الصمود امامها .وما سمعته عن حيرتك في البحث عمّن يخفف آلامك في القاهرة أثار اوجاعنا وتساؤلنا المر في آن واحد: ما سر هذا الجحود بحق الرواد ؟ بالأمس دلف المنشىء عزلته وحاصر المرض تحركه بحدود غرفته ولم تكن اغاثة الآخرين بمستوى ما طمحنا وما يفترض وجوبا ان يناله من رعاية واهتمام ، وجاء الدور التالي لينكفىء القصاب منذ شهر ونيف ولم نعد نسمع حتى همسة منه لئلا ينال سهم طائش من كرامته!اني لأعجب كيف يتناسى البعض ممن اغراهم الصعود في (كوبري) المناصب الزائلة التقارب الحميم مع الرواد واكتفوا بالقاء منشورات الدعاية لمنجزات مُبالغ فيها ، بل هي واجبة عليهم قبل ان تكون محل تفاخر وتعاظم في عيونهم ؟نناشدهم من القلب الى القلب لاسيما ان بعضهم يملك قلبا ابيض وليس معدناً مصفحا بان يُشعروا المنشىء والقصاب بانهما قريبان من اسرة الصحافة الرياضية ويمثلان دورة الحياة الطبيعية في درس العطاء المتبادل ، فاوراق الربيع مهما تلذذت بخضرتها وبهجتها لابد من ان تتلقفها احضان الخريف في قدر رباني يبقي فيه فصول الحياة تتدولب بمرور السنين ولن يخلد غير الذكر الطيب للانسان وما عمله صالحا او ما اقترفه من خطايا بحق أخيه الانسان.ان دموع المنشىء والقصاب ليست خرساء لكنها اغلى من ان تسقط تحت اقدام البعض ممن انطلق شهاب غرورهم عاليا في سحاب الرياضة بعد ان بنوا قصور شهرتهم من عطاء قلمي الرائدين الفاضلين المخلصين لرسالة الصحافة وسمعتها النظيفة.ومضة : الواثقون لا يهزهم صفير الرياح الهوجاء !Ey_salhi@yahoo.com
مصارحة حرة: نعيب الغراب وأنين القصاب!
نشر في: 16 مارس, 2010: 04:51 م