اوس عز الدين المانعيبقى العلم وكذلك الثقافة نبعا الحياة الدائم المتدفق حيث يرتوي منهما طالبهما إلى الأبد ولا يتأثرا بمتغيرات عوامل الزمن ،ويستمدا تطورهما من تطور العصر بفنونه وأساليبه المتعددة وكذلك بإمكانياته المتنوعة . ولذلك فان المثقف والعالم في القرن التاسع عشر ليسا بطبيعة الحال كما في القرن العشرين
وكذلك فإنهما في بداية القرن ليس كمثله في أواسط القرن أو آخره و سيأخذا بعدا زمنيا وعمقا حضاريا ليستفيدا من التطور الذي يحدث في هذا العصر لان الحياة تختلف بمجرياتها وإحداثها وعناصرها كليا وفي جميع الاتجاهات . ولذلك فان التراث الثقافي والعلمي يمثلا في محصلتهما طبيعة المجتمع لأنهما يرتبطان ارتباطا وثيقا بينهما وبين المجتمع . وان الحياة بطبيعتها ستأخذ منهجا سيتبع الإدارة الثقافية والعلمية .إننا نعيش ألان في عصر المعلوماتية ،أو ما يسمى بعصر المعلومات فائقة السرعة ،وهو الطريق السالك الذي سيسهم ويأخذ بشكل أو بآخر في التطور السريع لمجريات الحياة ،إذ لا يمكن في هذا العصر أن يعمل أو يؤسس منا شيئا حتى يلقى شيئا آخر جديدا يطور العمل داخل هذا العالم ،وهذا التسابق مع الزمن لا يخضع لأية قاعدة وأي مقياس ،عصر تكون فيه الحاسبة أداة ولغة نستطيع من خلالها تنفيذ وعمل شتى الأعمال وفي شتى المجالات وشتى الطرق كان تكون بحوثا أو مطالعة أو تجارة أو مراسلة أو محادثة وما إلى ذلك من الأعمال الأخرى التي تدخل في جميع مجريات حياتنا اليومية وبالسرعة الفائقة. وتؤدي المعلوماتية في معناها دورا مهما وحاسما في جميع أمور الحياة. لقد أصبح التطور السريع والتغيير في كل شيء هما الشيئيين الثابتين في حياتنا اليومية وان الإنسان المثقف والعلمي هو الذي يدرك هذا التطور والتغيير اكثر من غيره وعلى نحو صحيح. وجاءت (المعلوماتية) بتقنياتها المختلفة لتعالج (المعلومات) .... ذلك العدد الهائل من الحقائق والمعرفة والبيانات وبمختلف أشكالها والتي تشكل قواعد وأسس تخضع إليها الأشياء ،وبالتالي فإنها تعد اليوم أهم وسيلة لتنامي ثقافة الشعوب والمجتمعات .ولكي ننظر إلى ثورة المعلوماتية والاتصالات وأثرهما الثقافي والعلمي منذ أن وضعتا الأسس المثبتة لها نرى إنها تعين المثقف في عمل الوعي الدقيق الآخر لفهم حركة التاريخ ومعنى الوجود ذاته . إن التقنية بهذا المعنى لا تدمر العقل البشري أبدا فثورة الاتصالات بهذا الحجم هي ثورة الخيال بذاته وهي تمثل تحقيق الحلم بكل أبعاده وبكل ما يملك العقل البشري من وعي . والثقافة لا تعني الإلمام بكل الأشياء ومخطئ من يتصور هذا التصور فالثقافة تعني كيفية توظيف ما يلم به المثقف من معلومات مختلفة تخدم المجتمع وهذا لا يحدث ولا يمكن أن يتم ما لم يستطع المثقف الإلمام بأدوات عصره والتحدث بلغته ولذلك فلا يمكن للإنسان الواعي الاستغناء عن الجوانب الثقافية عندما تصنع الثقافة الإبداع في الإنسان وتنميه في مختلف الجوانب . ولقد جاء الحاسوب ليلبي رغبات الإنسان في جميع مجالات الثقافة من خلال تقنياته وكذلك البرمجيات على حد سواء . وفد زاد من انتشار الوعي الثقافي عن طريق المعلومات فائقة السرعة ،إذ نجد شبكة الانترنيت وما تقدمه من معلومات تعزز قدرة الإنسان العلمية والثقافية والمعرفية وتزيدها . وكذلك البرمجيات والتي انتشرت بسرعة فائقة وبطرق مختلفة على شكل أقراص ليزرية مدمجة وتحوي بداخلها مواد ثقافية وعلى شكل موسوعات وفي شتى المعارف والعلوم الثقافية وبجميع أشكالها وتعرضها لنا بالصوت والصورة .يقول الكاتب والأديب الكبير (نجيب محفوظ) والحاصل على جائزة نوبل بالآداب : (( أنا أمي )) ،وقد لا يصدق احد إن هذا الأديب والكاتب الكبير يمكن أن يكون أميا ،ولقد أراد محفوظ أن يعبر شيئا عن أميته هذه لأنه لا يعرف شيئا عن تقنية الحاسوب وبرمجياته لأنه هو أدرك كغيره أن الحاسوب يعد اليوم (لغة العصر الجديدة) لنا وهي اللغة التي نستورد من خلالها الثقافة وجميع أنواع العلوم لأنفسنا ،وفي نفس الوقت نستطيع من خلاله تصدير ما في عقولنا من ثقافة وعلوم على شكل نتاج علمي وثقافي يفيد البشرية جمعاء ،ولكي لا تبقى محزوزة في أنفسنا وعقولنا إلى أن يأكلها غبار الزمن . ولقد جاء الحاسوب بإمكانياته الهائلة والفائقة السرعة ليقول لنا ها قد جئت لفائدتكم وهو آلة لا يمكن أن تفيدنا إذا لم يتدخل في ضخ الخبرة والمعرفة البشرية فيها لتتراكم تلك المفردات المعرفية في خلايا ذاكرة الحاسوب لتتجمع في هيكل نعبر عنه بالبرمجيات. ولذلك فهل كان المثقف قبل ولادة الحاسوب هو ذات المثقف بعد ولادته ؟ وكيف حال المثقف اليوم وهو يواجه هذا العصر الذي تطغى عليه التقنية والحاسوب والبرمجيات والاتصالات ؟ وكيف سيكون شكل الثقافة بعد قرن من ألان ؟ سيكون طريق المعلومات فائقة السرعة هي قناة المعلومات حول الأسرة والأفراد من حولها واهم مايميز طريق المعلومات فائقة السرعة هو سريان وتدفق كم هائل من المعلومات خلال وصلة واحدة إلى المنزل . إن التحدي الكبير الذي يعرضه عالم المعلومات اليوم للمستقبل هو تغيير عالمنا الذي تعودنا عليه وإعادة برمجة حياتنا كلها في الخدمات وطريقة التسويق والقراءة وسواها . لذلك ستكون هناك روح جديدة للمعرفة
التطور المتسارع فـي عصر المعلوماتية
نشر في: 16 مارس, 2010: 05:06 م