TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > دماء فـي پونا الهندية

دماء فـي پونا الهندية

نشر في: 16 مارس, 2010: 05:08 م

د. عبد الله المدنيتقع مدينة پونا، التي تعتبر ثامن أكبر مدينة في الهند وثانية كبرى مدن ولاية "مهاراشترا" من بعد "مومباي" (بومباي سابقا)، على إرتفاع 560 ميلا فوق سطح البحر. وكانت  هذه المدينة، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 937 ميلادي، ذات يوم عاصمة لإمبراطورية "ماراتا".
 وفي عام 1817، الذي شهد هزيمة القوات الماراتية أمام القوات الإنجليزية، ألحقت پونا بأراضي التاج البريطاني لتخدم مذاك وحتى إستقلال الهند في عام 1947 كثكنة عسكرية لقوات المستعمر.وإذا كان الرعيل الأول في الخليج العربي قد عرف "حيدر آباد" عاصمة ولاية "أندرا پراديش" الجنوبية كوجهة للاقتران بالسيدات الهنديات المسلمات، وعرف بومباي، كمدينة كزموبوليتية تخدم أغراضه في الترويح والتثقيف وتسويق اللؤلؤ وشراء حاجات مواطنيه المتواضعة في حقبة ما قبل إكتشاف النفط، و إذا كان هذا الرعيل قد عرف شقيقة بومباي(ميراج) أو (مرج بحسب نطقهم)، كوجهة للإستشفاء بفضل مصحاتها ومستشفياتها العريقة - تحتضن اليوم كليتين من أفضل كليات الطب في الهند، وأكثر من 100 مستشفى وعيادة خاصة، وإشتهرت بأنها أول مدينة في آسيا أجريت فيها عملية قلب مفتوحة وذلك في عام 1954 ، كما اشتهرت منذ القرن 19 بمستشفياتها التبشيرية التي وظفت خيرة الأطباء المتخصصين)، فإن الآباء والأجداد ومن ثم أبناؤهم وأحفادهم من الجيل الجديد في الخليج عرفوا شقيقة بومباي الأخرى(پونا) كوجهة للتحصيل العلمي بفروعه ومستوياته المختلفة.لقد ظلت مدينة پونا منسية لزمن طويل، فيما عدا إشتهارها كمركز للأنشطة الإجتماعية والدينية، ومكان لإقامة المصلحين الإجتماعيين والشخصيات البارزة ضمن حركة التحرير الوطنية التي قادها المهاتما غاندي ورفاقه. لكنها في السنوات المبكرة لحقبة ما بعد الإستقلال، شهدت تغيرات كثيرة، فتحولت مثلا إلى مقر لأكاديمية الدفاع الوطني وللمختبرات الكيميائية القومية. كما شهدت في عقدي الخمسينات والستينات تطورات صناعية كنتيجة لوقوع الإختيار عليها كمركز لتصميم وتصنيع المركبات والحافلات والجرارات الزراعية من قبل مؤسسة تاتا المعروفة. وفي عام 1961 تعرضت المدينة لفيضان مدمر خرب أجزائها القديمة، فكان ذلك الحدث المأساوي نقطة إنطلاق لإعادة تشييدها وفق تخطيط حديث. وبإكتمال العملية في عام 1966 كانت المدينة قد إمتدت في كل الإتجاهات و تغيرت خرائط وجهها كليا. غير أن النقلة الكبرى في حياتها حدثت في التسعينيات حينما اتجهت إلى اقتصاد المعرفة كبديل للإقتصاد الزراعي. ولعل ما مكنها بسهولة من تحقيق هذا التحول هو ما راكمته من تسهيلات وتجهيزات تربوية وتعليمية وتدريبية ممثلة في إحتضانها لمئات المعاهد والجامعات ومراكز التدرب على التخصصات العلمية المطلوبة كتكنولوجيا المعلومات والإتصالات، و تكنولوجيات وسائل المواصلات، وتكنولوجيات الترجمة و إجادة اللغات العالمية الحية. ليس هذا فحسب، وإنما إشتهرت أيضا كمدينة توفر االترفيه البريء كألعاب الرياضية المختلفة والبرامج المسرحية والموسيقية والأدبية  وبأكلاف في متناول ذوي الدخول المتواضعة من أبناء العالم الثالث. وربما لهذا السبب، معطوفا على تميز المدينة بقدرتها على قبول الثقافات المختلفة في أجواء رائعة من التسامح، صارت پونا الخيار الأول للكثير من الأسر متواضعة الدخل في الخليج والعالم العربي حين البحث عن وجهة لإبنائهم من أجل التحصيل الجامعي، وذلك بدليل أن جامعات المدينة وكلياتها لئن ضمت البحريني والإماراتي والعماني، فإنها ضمت أيضاً السوداني واليمني والصومالي والسوري والفلسطيني والإيراني (تقول أحدث الإحصائيات المتوفرة أن نحو 500 ألف طالب يقطن پونا حاليا، من بينهم 18 ألفا من الطلاب الأجانب)و بطبيعة الحال فإن ما دعانا للحديث، ولو متأخرا بعض الشيء، عن هذه المدينة المسالمة النائمة بأمان فوق هضبة "ديكان" هو تعرضها في الثالث عشر من فبراير المنصرم لهجوم إرهابي دموي، ونعني بذلك الإعتداء الذي إستهدف مقهى "جيرمان بيكري" أو "المخبز الألماني" الذي يتجمع فيه عادة الطلبة الأجانب الدارسون مع زملائهم الهنود للتسلية البريئة والترويح عن النفس. أما الذي إرتكب تلك الجريمة النكراء التي أودت بحياة 15 شخصا بريئا - كان من ضمنهم سعيد عبد الخاني (26 عاما) الشاب الإيراني المسلم الذي كان قد أتم للتو 6 أسابيع من برنامج مكثف لللغة الإنجليزية - وجرحت 60 آخرين - كان من بينهم طلبة مسلمين من السودان والأردن فقدوا أطرافهم، وبالتالي صاروا من ذوي الإعاقة الدائمة مثل "أنيس الفاتح" و "أمجد أحمد"، فهو نفسه الذي خطط ونفذ وأدار هجمات مومباي البربرية في عام 2008 ضد نزلاء فندق "تاج محل" الفخم، والتي أسفرت عن مقتل 166 شخصا وجرح 600 آخرين، أي جماعة "عسكر طيبة" (تبنت جماعة إسلامية غير معروفة قالت أنها متفرعة من عسكر طيبة مسؤولية الاعتداء) و"عسكر طيبة" لمن لا يعرفها جماعة إرهابية تتخذ من باكستان مقرا لها ومسرحا لتدريب كوادرها وأرضا للإختباء، وتدعي زورا وبهتانا بأنها تعمل من أجل تحرير كشمير و نصرة شعبها المسلم، ولكأ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram