rn rnrn rnrn rnrnناظم الزهاويكنت أتشوق لزيارة الأستاذ الجليل والوطني القدير المحامي الكبير المرحوم حسين جميل، كنت كما هو غيري انبهر بأسلوبه المميز في الحديث سواء في السياسة أم الاجتماع أم التاريخ، خاصة التاريخ السياسي الحديث للعراق، حيث كان من الذين أسهموا في صنع بعض أحداثه المهمة بصفته أحد الأركان الثلاثة في الحزب الوطني الديمقراطي مع المرحومين كامل الجادرجي ومحمد حديد.rnrn
في إحدى الزيارات تطرق الحديث الى موضوع طالما كنت أود سماعه منه شخصياً، ذلك هو موضوع العفو الذي صدر بحق المرحوم الشيخ أحمد البارزاني ورفاقه البارزانيين الذين حكموا بالإعدام وبقوا قابعين في غرف الإعدام لمدة تقارب ثلاث سنوات في انتظار تنفيذ الحكم.قال: كان ذلك أواخر عام 1949 حينما أسندت لي حقيبة وزارة العدل في حكومة علي جودت الأيوبي وقمت بزيارة الى لواء الموصل للاطلاع على شؤون دوائر العدل هناك.وفي تلك الزيارة علمت بوجود الشيخ أحمد البارزاني رحمه الله وثلاثة بارزانيين في السجن، وقد صدرت بحقهم عقوبة الإعدام قبل حوالي ثلاث سنوات أستأثر الموضوع باهتمامي وقررت السعي والعمل على إلغاء هذا الحكم الجائر، ولدى عودتي الى بغداد وكان عليّ الانتظار عدة أيام لمقابلة الوصي عبد الإله، حيث كان هناك يوم خاص لكل وزير لمقابلته للتباحث في شؤون وزارته، وطلبت من رئيس الديوان الملكي تقديم موعد الزيارة والتعجيل به لأمر مهم لم أفصح عنه، ولقد تم لي ذلك، ولدى مقابلتي الوصي عبد الإله شرحت له بإسهاب موضوع الشيخ احمد البارزاني ورفاقه موضحاً مدى قساوة الحكم الصادر بحقهم منذ ثلاث سنوات خلت والأقسى منه أنهم باتوا ينتظرون تنفيذ حكم الاعدام كل ليلة طوال تلك الفترة، فهم يعدمون كل يوم حتى وان لم ينفذ الحكم بحقهم، وان مبادئ العدل والقانون والاعتبارات الإنسانية تستوجب إلغاء هذا الحكم.في البداية لم يستجب لطلبي قائلاًً: ان هذا غير ممكن مطلقاً، ولكن رفضه لم يزدني إلا إصراراً ولم يثن عزيمتي بتكرار طلبي والإلحاح في ذلك، وأخيراً لم يجد بدا من الاستجابة والقبول إمام المبررات التي سقتها إليه.ورأيت من الضروري الإسراع في تنفيذ أمر الإعفاء وطلبت منه إصدار إرادة ملكية بالعفو عنهم، وتم لي ذلك أيضاً ولم أغادره إلا وهي معي، فأسرعت الى ديوان وزارتي لتنفيذ الإرادة الملكية وعلى الفور قمت بإرسال نسخة منها الى دار الإذاعة لتبثه في مستهل الأخبار الداخلية والتي كانت تذاع الساعة الخامسة عصراً، مفوتاً الفرصة تماماً على بعض المغرضين والذين كنت أخشى تأثيرهم على الوصي لتغيير موقفه، وعند الساعة الخامسة تماماً بث القرار الذي أذهل وأدهش الكثيرين، بعدها بدقائق رن جرس الهاتف وكان المتحدث هو المرحوم احمد مختار بابان قائلاً: أبو علي.. كيف تمكنت من إقناع صاحب السمو؟ لقد بذلت قبلك جهوداً مضنية على مدى ثلاث سنوات لإقناعه ولم أفلح، وكلما انفردت بسموه كنت أعيد الكرة عليه ولكنه يفلح بلياقته في تغيير الموضوع.فأجبته قائلاً: اقتنع بحكم القانون والعدل وبموجبها صدرت الارادة الملكية بالعفو والإفراج عنهم.. رحم الله أستاذنا حسين جميل الذي قام بعمل جبار احترم فيه القانون وروح العدالة.وفي عام 1964 زار كردستان وفد شعبي يضم وجوه المجتمع وشخصياته البارزة من بينهم المرحومون (حسين جميل وفائق السامرائي وعبد العزيز الدوري وفيصل حبيب الخيزران) وآخرون لمقابلة البارزاني في رانية والذي التقاهم مرحباً ومصافحاً، ولم يكتف بمصافحة المرحوم حسين جميل، بل احتضنه وعانقه شاكراً له ذلك الموقف النبيل تجاه أخيه الشيخ أحمد البارزاني ورفا قه وأهداه (خنجره الشخصي) الذي كان يحمله في حزامه تعبيراً عن الامتنان ورمزاً للوفاء وعرفانا للجميل.لقد كان الراحل هو الآخر يعتز بالخنجر اعتزازاً كبيراً واحتفظ به وقبل رحيله بعام أودعه لدى حفيده السيد عمار عبد القادر الزهاوي الذي بدوره يعتز ويفتخر به لأن هذا الخنجر هدية زعيم الشعب الكردي وقائده المناضل الراحل مصطفى البارزاني للشخصية العراقية والعربية المرحوم حسين جميل رجل القانون والاعتدال السياسي البارز، ولدى انتهائي من كتابة هذا الموضوع عرضته على السيد عمار عبد القادر الزهاوي الذي نبهني الى نقطة مهمة سمعها من والده المناضل الكردي المعروف المرحوم المحامي عبد القادر الزهاوي مفادها «ان البارزاني لدى عودته من موسكو الى بغداد عام 1958 كان من أوائل الذين قام بزيارتهم هو المرحوم حسين جميل في داره ببغداد».rn
البارزاني الراحل والمرحوم حسين جميل والخنجر الهدية
نشر في: 17 مارس, 2010: 04:33 م