TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلام ابيض :كرجية

كلام ابيض :كرجية

نشر في: 19 مارس, 2010: 04:51 م

جلال حسن لا أحد يستطيع ان يلوم (كرجية) على زواجها من( مهدي) في دار المسنين في مدينة الديوانية، ليس لأنها عاشت قصة حب جارف مع الحبيب الموعود ، بل مارست حقها الطبيعي بسن تجاوزت العقد السبعيني.
دائما تقف الاعراف الاجتماعية مانعا في تحقيق بعض الغايات السامية، ولكن الروح الانسانية تخترق بالحق الشرعي ثوابت السكون العام وتعبر الى ضفاف اكثر امان بفتح نافذة للامل في زمن جديد.في حياتنا تلعب النمطية، والسكون فعلا خاملا لا يمكن تجاوزه بفعل التعود على اشياء ثابتة، لكن من يستطيع ان يكسر هذا الجمود هو من يقدر ان يحقق ذاته، ويعرف اين يضع قدميه في دائرة المجتمع الذي يعيش فيه، لا احد ينتظر الموت طالما هناك قلب ينبض بالبقاء.هكذا هي سنة الحياة تفتح نوافذ للحرية والضحك عاليا في وجة الريح ,لذلك يكون التجدد عنوانا للعبور الى ضفة السعادة ومسك عشبة الفرح.(كرجية) الانثى، اعادت التوازن لحياتها بعد ان تخلى الجميع عنها وتركها اولادها وحيدة في دار المسنين، فلم تجد في همّ الوحدة غير البوح لمهدي الذي وجد ايضا في عيون كرجية ومن اول نظرة دنيا واسعة للتوحد ولم يمنعهما كبر العمرفاتفقا سوية وتكلل الامر بالزواج المبارك وسط اهازيج ورقص الاصدقاء.هذا ما شاهدناه عبر الفضائيات وتناقلته وسائل الاعلام، وكان حديث العوائل العراقية بالاعجاب والتقدير والتهاني، وبقدر ما يثير الامر من اشعال ابتسامات بريئة كمحط اعجاب، لأن كرجية تصرفت كأي عروس شابة بغنج ودلع انثوي بثوب زفاف بنفسجي وبرقع ابيض، وزينت يدها بخاتم  وسوار وقلادة من الذهب، في المقابل شمر العريس عن كوفية بيضاء ودشداشة مثلها ، وزفا بعشر سيارات وسط افراح وهلاهل حفل حضره النازلون في الدار وعناصر حراسات وموظفو دار المسنين.ثمة زيجات تحمل أفعالا نعتبرها غرائبية مثل شاب في العشرين يتزوج امراة في التسعين او العكس، ولكن الحقيقة ليس هناك اية غرائبية في الامر، هناك رغبة متبادلة بين شخصين اتفقا على عنصر توافق روحي ادى الى توحدها في بوتقة واحدة، يشعر كلاهما بتحقيق ذاته في الاخر، اندماج لا تقف فيه السنون حاجزا بقدر ما يتوهج فيه فتيل الروح  بإشعال خلجات نفسية تؤدي الى ترابط، لا احد يستطيع تفسيره غيرهما. هكذا هي الحياة ترفض اليأس وتطرده ولا تعيش معه.الحياة عنفوان البقاء والتجدد الى آخر لحظة من العمر، أجمل التهاني والتبريكات الى كرجية ومهدي وعقبال البنين والبنات، وتحيا حكاية الحب من أول نظرة، ودخل قلبي من دون استئذان ؟!jalalhasaan@yahoo.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram