التون كوبري ويجوز كتابتها بصورة "التون كبرى" قصبة في لواء كركوك واقعة بين جسرين قائمين على فرعي الزاب الصغير الذي يقال له ايضا الزاب الاصغر وبتعبير آخر الزاب الاسفل ويقال للفرع الاعلى التون كوبري جسر الذهب ولابد ان القائل التون كوبري اراد ان يقول التون صو كوبريسي اي جسر نهر الذهب فاستطال الجملة فاختصرها.
وقد ذهبت الى القول بهذا الاختصار معلمة الاسلام وكذلك حضرة الاب صاحب هذه المجلة (5"1927-28" 362)، ورجحت معلمة الاسلام قولها على ما ينسب الاسم الى وفرة الدخل الذي يؤخذ عن العبور. وبعض العراقيين منا يعرب التون كوبري مع اختصاره فيقول "القنطرة" كما قال الاب في كلامه الذي اشرت اليه اما الحكومة فتكتبها في ما تصدره من الرسميات بصورة التون كوبري.ويروي بعض الناس عن سبب تسمية التون كوبري ان السلطان مراد الرابع جحاء بغداد في سنة 1048هـ (1638م) امر بتشييد جسر هناك فابان من امر بذلك حاجته الى مال كثير فتقدم اليه بالمشروع وان تبلغ النفقات ثقل الجسر ذهبا ولا يمكننا ان نقبل هذا السبب للتسمية- على فرض صحة الامر بالبناء وتداول الكلام عن النفقات- لوجود نهر هناك اسمه التون صو قبل مجيء السلطان مراد الى بغداد فضلا عن اسم التون كوبري كان معروفا قبل زمن السلطان المار الذكر بنحو ثلاثة قرون على اقل تقدير وقد سمع ايضا حضرة الاب صاحب المجلة ان باني القنطرتين اللتين في آلتون كوبري هو السلطان كما ان سالنامة الموصل لسنة 1325هـ (1907م) (ص215) كانت قد قالت ما تعريبه:" ان هذا الجسر العظيم اسس في عصر مراد خان الرابع ولايزال حافظا صلابته ومتانته" أهـ. اما التاريخ فأنه يخطيء صاحب السالنامة اذ انه يبين لنا ان الجسر كان قد خرب وانه جدد بعد الالف والمائة من الهجرة كما سيجئ فلم يكن الجسر القائم في زمن وضع السالنامة ذلك الجسر الذي ينسب بناؤه الى السلطان مراد ان صحيحا وان غلطا.وهئنذا اروي لك ما وجدته عن قدم اسم التون كوبري مقتبسا الكلام من بضعة مصنفات فيها العربي والتركي والفارسي والبرتغالي مبتدئا بما هو اقرب عهدا فما قبل ذلك.ذكر التون كوبري كتاب "فذلكه كاتب حلبي" (بالتركية) (2: 66) المتوفي في سنة 1067هـ (1656م) في حوادث سنة 1034هـ (1624م) وذلك في قوله الذي اعربه كما يلي: "كان بكلربكي قرمان وهو جركس حسن باشا قد شتى في جهات الجزيرة وحسن كيف (حصن كيفا) فشاع تجمع الاعداء في التون كوبري وكركوك فسار اليه..."أهـ .وذكره كتاب "شرفنامه" بالفارسية (1:440) ومؤلفه شرف خان وقد اتمه في سنة 1005هـ (1596م).وكذلك ذكره بصورة Altun Copri مستر افونسو البرتغالي(2) في رحلته (ص220) وقد ابتدأ بها في سنة 1565م (973هـ).وجاء بذكره ايضا رستم باشا في تاريخه المترجم الى الالمانية(3) (ص86) وكانت وفاة الباشا المؤرخ في سنة 968هـ (1560م).ومن الذين ذكروا آلتون كوبري قديما- حتى قبل مجيء السلطان سليمان الى بغداد في سنة 941هـ(1534م)- عبد الله بن فتح الله البغدادي الملقب بالغياث في كتابه المسمى التاريخ الغياثي اذ قال: " ثم اسبان ترك امير محمد بن شيء الله بجصان ورحل الى كركوك وداقوق فاخذها واخذ آلتون كوبري" وقال: " فلما سمع الوند بموت اسبان وانهم سلطنوا بولاد وليس لهم فيه ارادة.. توجه الى كركوك- وكانت اولكته- وتوجه منها الى اربل وآلتون كوبري والموصل فاخذها" وكذلك قال: " وكان كور خليل ومقصود بيك ابن حسن بيك بالموصل فتوجهوا الى كركوك ودقوق والتون كوبري"أهـ وكان المؤلف عائشا في اواخر القرن التاسع للهجرة على ما كان بيّنه حضرة الاب صاحب المجلة فيها وبينته فيها انا ايضا في مقالة العمارة والكوت.واقدم عهدا من كل ذلك ما جاء في كتاب "ظفر نامة" بالفارسية لشرف الدين علي اليزدي الذي كان من رجال النصف الاول من القرن التاسع للهجرة وقد انجز كتابه في سنة 828هـ (1424م) على ما في قاموس الاعلام. فانه قال ما معناه: " فتوجه العلم الذي شعاره النصر بضمان الله وحفظه وتأييده الى بغداد بطريق آلتون كوبري"أهـ .والظاهر ان الجسر لم يكن صالحا للعبور عليه في سنة 1038هـ(1628-29م) فقد جاء في كلشن خلفا ما ملخصه (ص75من المطبوع) ان خسرو باشا هيأ في الموصل ظروفا لعبور التون صو فعبره وخيم العسكر المنصور في شهرزور. فيجوز ان الباشا اراد العبرة في موضع غير موضع الجسر فاحتاج الى ظروف (للاكلاك) واذ فرضنا ان عبرته كانت في موضع الجسر فيمكن ان يقال ان السلطان مراد حينما جاء الى بغداد- وذلك بعد عبرة الباشا ببضع سنوات- رأى الجسر منهدما فامر ببنائه.فهمنا سماع الاب ان قنطرتي "التون كوبري" من ابنية السلطان مراد وكذلك قالت سالنامة الموصل وقد روت كلامها بصيغة لاتبقي مجالا للشك في ان الجسر من ابنية السلطان المار الذكر كأن ذلك حقيقة تاريخية راهنة مع ان كلشن خلفا ايضا (ص129 من المطبوع) يخبرنا في حوادث سنة 1129هـ (1716م) اي بعد مجيء السلطان مراد الى بغداد بنحو ثمانين سنة بما تعريبه ملخصا:"فصل: ومما وفق له الوزير المشار اليه (حسن باشا والي بغداد) من عمل الخيرات الكثيرة انه عرض على الدولة ان الجسر القائم على النهر المعروف
آلتون كوبري في التاريخ
نشر في: 21 مارس, 2010: 04:42 م