د. صفد حسام الساموكتضعنا جملة المتغيرات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والإعلامية الدولية المعاصرة، التي امتاز بها المجال الإعلامي الجديد، أمام ضرورة الإفادة من الوظائف الديمقراطية الجديدة للإعلام، في ظل توافر مزايا التفاعلية الاتصالية، في مجال الإعداد لأية إستراتيجية إعلامية فاعلة فيما يتعلق بتنمية قدرات الشباب وتلبية احتياجاتهم..
لاسيّما بعد أن صارت مشاركة المتلقي العادي في العملية الإعلامية ميسّرة بفضل ما يسمى بظاهرة الاندماج، التي تشير إلى الاستعمال الشامل للرقمية في الوسائل والتقنيات الاتصالية جميعها، مما سمح بتشبيك تلك الوسائل التي كانت تعمل بشكل منفصل.ومن الناحية التقنية، أتاحت عملية التشبيك بين التلفزيون والاتصالات، على سبيل المثال، إمكانية ربط أجهزة ووسائل إعلامية كانت تاريخياً مختلفة الوظائف، فإذا كان التلفزيون وسيلة إعلام تشتغل على وفق مبدأ الاتصال الجماهيري (البث من نقطة نحو الجمهور)، فان الهاتف كان وسيلة تواصل بين نقطتين (فرديتين)، لكن الاندماج أعاد تشكيل طبيعة التلفزيون، وفضلا عن وظائفه الإعلامية، أصبح يعمل كفضاء تواصلي بين الأفراد، يتحاورون بواسطته وداخله، وهو ما دفع إلى إنتاج برامج تلفزيونية جديدة، تقوم على مبدأ إحداث فضاءات للحوار والنقاش وإبداء الرأي، من منطلق إنه ينبغي أن توجد وسائل الإعلام –أصلاً- لخدمة الجمهور وليس السلطة، خاصة بعد أن عززت تقنيات الاتصال الالكتروني الحديثة من مجالات التفاعلية في الاتصال على المستوى الجماهيري، وهو ما يدعو الباحث إلى التوصية بتبني مشروع إنشاء قناة فضائية شبابية تعتمد مبدأ التفاعلية، وتسهم جميع الوزارات والقطاعات الحكومية المعنية بشريحة الشباب في الإعداد لمفرادتها البرامجية قدر ما يتعلق الأمر بطبيعة مهماتها وواجباته بشريحة الشباب، ووفقاً للأسس الموضوعية والعلمية.ومما يزيد من فاعلية أطروحتنا هذه، ما أتاحه التدوين الالكتروني لفئات وجماعات خارج النخب الحاكمة من قدرات لإيصال صوتها للآخرين، ومكنتهم من أن يكونوا كتّاب وصحفيين ومنتجين للمعلومات، وليس مستهلكين لها فقط، متجاوزين كل قيود وعوائق استخدام وسائل الإعلام التلفزيونية، وكان وصول عدد المدوّنات إلى 70 مليون مدوّنة، قد دفع إلى تسميتها بإعلام المواطن (Citizen Media)، وهو ما يساعد على إيجاد نوع من المواطنة الرقمية والتجول في مجال الديمقراطية الافتراضية (Virtual Democracy)، الأمر الذي وفر الأجواء لإعداد متلقين قادرين على الحوار والنقاش وإبداء الرأي بالقضايا التي تهم الصالح العام في العلن.ووفقاً لهذا.. فإن الاتصال الالكتروني بمزاياه التفاعلية يمثّل منظومة جديدة تختلف عن (المنظومة المشهدية) السابقة الممثلة بالتلفزيون، تحقق مجالاً شبكياً يتحول فيه الفرد باستمرار ما بين موقعي الإرسال والتلقي، وتنصهر في داخله العوالم الفردية، وتمثل شبكة الويب فضاء جماعيا يشترك المستخدمون في إنتاجه... بهذا المعنى يمكننا النظر إليه على انه نموذج تواصلي جديد، لا يتعلق بعملية بث مركزية، ولكن يتفاعل داخل حالة ما، يساهم كل فرد (مرسل – مستقبل) في اكتشافها بطريقته أو تغييرها أو الحفاظ عليها كما هي.إن تلك المتغيرات المهمة عوامل يمكن لوزارة الشباب والرياضة الإفادة منها بشكل فاعل من خلال تنفيذ برنامج موسع لتوظيف قدرات تطور الاتصال الالكتروني والانترنت على المستوى الجماهيري، للتعرف على مشكلات واحتياجات الشباب العراقي وممارسة دور الوسيط بين هذه الشريحة وباقي القطاعات الحكومية وغير الحكومية المعنية بتلك الشريحة المهمة، عن طريق استحداث قناة فضائية عراقية، تهتم بموضوعات وقضايا الشباب الهادفة وتحاكي تطلعاتهم، باعتماد برامج المشاركة الجماهيرية الواسعة وبالإفادة من قدرات التفاعلية التي توفرها تقنيات الاتصال الحديثة. rnتلبية احتياجات الشباب في ظل المجتمع المعلوماتيفي وقت صار فيه انتقال ونشر المعلومات دون عوائق أو قيود من أساسيات تشكيل المجتمع المعلوماتي، الذي تتكامل فيه نشاطات وسائل الاتصال الجماهيرية التقليدية، وتتسع فيه إمكانات جمع وحفظ وإعداد ونشر المعلومات المقروءة والمسموعة والمرئية، مع شبكات الاتصال والمعلومات الإلكترونية الرقمية الدولية دائمة التطور والنمو والاتساع، وهو ما شكل –بالنتيجة- وسطاً إعلامياً مرئياً ومسموعاً ينشر معلوماته عبر قنواته التي تشمل وسائل الاتصال الجماهيرية التقليدية أيضاً، عن طريق شبكات الاتصال والمعلومات المحلية والإقليمية والدولية، يُهيئ نشوء المجتمع المعلوماتي لتعميم ظاهرة التحول من تقديم (الخدمات الإعلامية) للمتلقي (السلبي) في عملية الاتصال الجماهيري، الذي يتلقى المعلومات الموجهة إليه ولمجتمعه، دون مشاركة إيجابية واضحة منه، في جوانب اختيار أو إعداد أو في أساليب نشر تلك المعلومات، عبر وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية المختلفة، إلى مشاركة عناصر التركيبة الاجتماعية الفاعلة جميعها في عملية اختيار وإعداد وتخزين وتوجيه ونشر والإفادة من المعلومات، والمشاركة المؤثرة في عملية التبادل والتفاعل الإعلامي داخل المجتمع الواحد بعناصره وشرائحه كلها، وبين المجتمعات المختلفة بشكل عام، بما يوفر فرص الحوار، والتفاهم والتفاعل.. وقد أصبح هذا الواقع
توظيف القدرات التفاعلية في تنمية طاقات الشباب العراقي
نشر في: 22 مارس, 2010: 04:48 م