عامر القيسي عندما خرجنا للانتخابات على ايقاعات القنابل والتهديدات، لم نكن نمزح، ولم نعتقد اننا في رحلة مدرسية الى متنزه الزوراء، ولا احتفال بعيد من الأعياد، لقد فعلنا ذلك لأننا نفكر بحياة مختلفة ولأننا نريد عراقاً على هوانا بعد كل الذي عانيناه من الدكتاتورية البغيضة، وقدمنا من أجل هذا العراق الكثير من الدماء والدموع، وبالتالي من غير المسموح به ان يأتينا من يتلاعب بأقدارنا لسواد عيون فلان وعلان.
بعد كل الذي فعلناه، نكتشف ان ارادتنا يراد لها ان تصادر وكلمتنا ان تختنق ولمستقبلنا ان يرتهن لأهداف غير اهدافنا المشروعة في عراق ديمقراطي فدرالي موحد وسعيد يعيش مثل بقية الأمم المتحضرة.الجميع يتحدث الآن عن التزوير، الحيتان والأسماك الصغيرة، يقولون ان الانتخابات في مرحلتي العد والفرز قد تم التلاعب بها وتغيرت ارادة الناخبين. ويجري الحديث من البعيد البعيد، مرّة عن تدخلات حكومية وأخرى عن أموال دول الجوار " كومة حجار ولا هذا الجار " وثالثة عن موظفين مرتشين ورابعة عن الشيطان الأزرق الذي يأتي بلباس الزيتوني، الذي اشتاق اليه البعض!ولكن لو سألنا أي مواطن عما يجري، ومن زوّر ضد من، ومن صادر حق من، ومن هو الظالم ومن هو المظلوم؟ لو وجهنا هذه الاسئلة وغيرها الى المواطن العادي، لبقي صامتاً حائراً لايعرف عن ماذا يجيب ولا كيف يجيب، والسبب، لأنه لايعرف الحقيقة، بكل بساطة ووضوح نقولها اننا نشعر كما لو اننا طرشان بالزفة! نرى ولا نسمع، ولو قلبناها لتتوافق مع الحقيقة، فاننا نسمع ولا نفهم، والسبب بسيط وواضح ايضا، لان الكلام الذي نسمعه، لارائحة ولاطعم ولالون له!ولأجل كل ذلك، يتوجب على السياسيين في الحكومة وخارجها، في البرلمان الذي ودعنا وخارج البرلمان، في الفورمة السياسية وفي غيرها، من الامريكان والطليان، والروس واليابانيين، من رجال الدين وغيرهم، ان يكشفوا لنا المستور ويقولوا لنا الحقيقة كاملة، بالأسماء والأرقام والمبالغ وينشروها كما فعلوا مع ملصقاتهم الدعائية، على أعمدة الكهرباء التي واعدونا بها وفي الساحات العامة التي يحتفلون بها، وفي الصحف التي يمولونها، ومن خلال الفضائيات التي يعشقون كاميراتها، ومن رسائل الموبايل، التي سرقت لحظات نومنا، عندما استخدموها في دعاياتهم الانتخابية. يقولون لنا الحقيقة حتى لانضرب اخماساً باسداس، وحتى نتيقن من انهم أناس يستحقون تضحياتنا واحترامنا لهم ولخطاباتهم السياسية، اننا نطالبهم بالحقيقة لأنهم صراحة صدعوا رؤوسنا بالحديث عن الشفافية واحترام المواطن وخياراته.مطلبنا هذا لايتطلب اموالاً لتحويله الى واقع معيش، كما يقال عادة، انه مطلب ابسط من "شربة الماي " ولا يحتاج الا الى جرأة سياسية وقناعة حقيقية باحترام المواطن، واحساس وطني بالتضحيات التي قدمها الناس من اجل العراق الجديد. افعلوها مرّة واحدة، واكشفوا المستور وسترون ردود افعال الناس، وفي غير ذلك، اعتقدوا بأن من مصلحة المواطنين الكرام ان لا يشاركوا في أية انتخابات حتى لو جلبوا صناديق الاقتراع الى ابواب منازلهم وانا منهم بطبيعة الحال!
وقفة: اكشفوا المستور!
نشر في: 22 مارس, 2010: 05:37 م