واشنطن/وكالاتيثير نظام التأمين الصحي الذي اجتاز مرحلة تاريخية امس الاول في الولايات المتحدة، جدلا منذ قرن في هذا البلد حيث فشل عدد كبير من الرؤساء في تسوية هذا الملف الذي طالما عارضه الاطباء وشركات التأمين.ففي عام 1912 جعل الرئيس السابق تيودور روزفلت محور حملته تبني تأمين صحي مستوحى من اصلاحات اطلقها في المانيا قبل اربعين عاما بيسمارك،
هزم في الانتخابات امام خصمه ووردرو ولسون في سباق جديد الى البيت الابيض. وفي 1933 اطلق ابن شقيقه فرانكلين ديلانو روزفلت «العقد الجديد» الهادف الى اخراج البلاد من ازمة 1929، لكن الهيئة الطبية تدين الخطة التي لم تبلغ مرحلة مشروع القانون.اما هاري ترومان فقد اقترح فرض نظام اجباري للتأمين والمشروع يفشل في الكونغرس. في حين جاء الرئيس جون كينيدي بتأمين صحي للمسنين والمشروع يفشل في الكونغرس.وفي عام 1965 نجح الرئيس التالي ليندون جونسون في اقرار برنامجين للمساعدة هما «ميديك-ايد» للفقراء وميديكير للمعوقين والذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر. ويستفيد حوالى مئة مليون شخص من البرنامجين اليوم.اما جيمي كارتر فقام بحملة من اجل تأمين صحي شامل. ارجىء المشروع في عهده بسبب عقوبات اقتصادية.الا ان الكونغرس الامريكي الغى في عام 1989 قانونا اقر قبل 18 شهرا بمبادرة من الرئيس رونالد ريغن، يجنب المسنين كارثة مالية اذا اصيبوا بمرض خطير. بيل كلينتون قدم هو الاخر مشروعا للتأمين الصحي الشامل دافعت عنه زوجته هيلاري كلينتون في الكونغرس، لكنه فشل.وحسم الرئيس الامريكي باراك اوباما اخيراً معركة طويلة من اجل اقرار القانون، فقد قرر مجلس النواب الاميركي  اصلاحا لنظام التأمين الصحي يسمح بتغطية اكثر من ثلاثين مليون اميركي محرومين من التغطية.ولا ينص الاصلاح على انشاء صندوق عام للتأمين الصحي لكنه يجبر كل شخص على التأمين او دفع غرامة تبلغ 2,5 بالمئة من دخله.واقر المجلس بتأييد 219 صوتا مقابل 212 النص الذي تبناه مجلس الشيوخ في 24 كانون الاول ويوسع التأمين الصحي ليشمل 32 مليون اميركي محرومين منه حاليا في اكبر تغيير في السياسة الاجتماعية الاميركية في اربعة عقود.وقال اوباما في تصريحات مقتضبة بعد التصويت تماما «هذا المساء لبينا نداء التاريخ كما فعل كثيرون من الاميركيين قبلنا. لم نحاول التهرب من مسؤولياتنا بل تحملناها. لم نخف من مستقبلنا بل صنعناه».واشاد الرئيس الاميركي الذي سيوقع النص خلال ايام، البرلمانيين لتحديهم التكهنات بسقوط المشروع بسبب الخلافات السياسية والنزاعات الحزبية.وقال اوباما بعد اسبوع مرهق التقى خلاله حوالى مئة من اعضاء الكونغرس، للاميركيين «انه التغيير الذي نتطلع اليه».وعندما تجاوز عدد المؤيدين ال216 صوتا المطلوبة لتمرير النص، صفق الديموقراطيون وتبادلوا التهاني واشارات الفوز ورددوا كلمة اوباما التي كانت شعار حملته في 2008 «نعم نستطيع».من جهته، كشف الناطق باسم البيت الابيض روبرت غيبس ان اوباما صافح بحرارة مدير مكتبه رام ايمانويل عندما تجاوز عدد الاصوات العتبة المحددة ب216 صوتا كما صافح عددا كبيرا من مساعديه.وصوت كل الجمهوريين (178) و34 ديموقراطيا محافظا ضد اصلاح نظام التأمين الصحي بينما كان مئات المحتجين يرددون في الخارج «اوقفوا القانون».واكد اوباما الذي كان نائبه جو بايدن يقف الى جانبه «اعرف انه لم يكن تصويتا سهلا لكثيرين لكنه التصويت الصحيح»، ملمحا بذلك الى تحذيرات الجمهوريين من ان الديموقراطيين سيدفعون ثمنا سياسيا كبيرا لذلك في انتخابات منتصف الولاية.وبعد التصويت الاول وافق النواب بغالبية 220 صوتا مقابل 211 على سلسلة من «البنود التصحيحية» التي طالبوا بادخالها على مشروع قانون مجلس الشيوخ ليحقق شروطهم.وهذا النص، سيحال اذا تم اقراره، على مجلس الشيوخ الذي يفترض ان يوافق عليه الاسبوع المقبل.وسيشكل النصان تحولا في سياسة التأمين الصحي في الولايات المتحدة بعد قرن من الدعوة التي اطلقها الرئيس تيدي روزفلت لمعالجة هذا القطاع على المستوى الوطني، بتوسيعهما التغطية لتشكل 95% من الذين لم يبلغوا الخامسة والستين من العمر.ومنع القانون شركات التأمين من ممارسات عديدة بينها رفض تغطية اشخاص بسبب حالات مرض مسبقة لديهم. وقال زعيم الغالبية الديموقراطية ستيني هوير قبل التصويت ان «القانون معقد لكنه بسيط في الوقت نفسه: المرض والعجز عامان ونحن ستكون اقوى اذا واجهناهما معا بدلا من كل واحد بمفرده».اما النائب الجمهوري ايريك كانتور نائب رئيس النواب الجمهوريين قال ان «الخطة التي تكلف ترليون دولار ستأخذ اميركا التي نعرفها ونحبها الى اتجاه خاطىء».