عامر القيسي حين توجه ابو محمد للادلاء بصوته في انتخابات السابع من آذار ، تصور الرجل البسيط ، وكما قيل له، ان هذه الانتخابات ستحل العقد جميعها وتحلحل الجامدة منها ، وان الطريق الى الكهرباء والماء والامان والعيش السعيد مفتوح على مصراعيه . لذلك لم ترعب ابو محمد قذائف الهاون المبكرة ، ولا التهديدات المتواصلة بمعاقبة الناخبين ، ولم تمنعه من مواصلة تقدمه الى المركز الانتخابي في منطقته .
تناول الرجل فطوره مبكرا وذهب الى صناديق الاقتراع ليدلي بصوته . ولم يقل حتى لاقرب الناس اليه ، القائمة التي سينتخبها ولا الشخصية التي سيؤشر امامها ، لانه يعتبر ذلك من اسرار الصدور .الرجل اصيب باحباط شديد بعد ايام من الانتخابات وهو يرى ويسمع كيف يستثمر بعض السياسيين ايجابية الشارع العراقي ، ليقدموا للناخب صورة مرفوضة عن النوعية التي ذهب من اجلها الناخب . يتساءل ابو محمد بألم وحسرة " هل هذا الذي كنّا نريده " ومع ذلك يستمر الرجل في مناقشاته الحامية والساخنة مع الجيران والاصدقاء مؤكدا على حقيقة لم تبرح ذهنه منذ سقوط الدكتاتورية وهي " في العراق رجال ينقذونه دائما من المحن الداخلية والخارجية " ويدافع عن قناعته هذه بقوة ، ويدلي بالامثلة تلو الاخرى معتبرا ، دون اوهام، ان المحن في جوّنا السياسي غيمة نيسانية سرعان ما تتبدد مع اول اشراقة للشمس. ورغم ان المشهد السياسي الذي يراه ابو محمد ، قد اكل من جرف حماسته الكثير ، وزحزح بعض قناعاته ، الا انه مازال يقول بمناسبة ومن دون مناسبة " لاتخافوا على العراق " ويستطرد رغم بعض التعليقات الليئمة التي تحاول النيل من تفاؤله!ابو محمد مازال يقلب مسبحته يمينا وشمالا ، ويقلب الفضائيات صعودا ونزولا ، وتدور الافكار في رأسه في كل الاتجاهات ويقلبها على كل المواجع ، ويربط بذاكرته الشعبية المتقدة ، بين الماضي والحاضر واحتمالات المستقبل . ثم يطلق جملته التي عرفها وحفظها اهل منطقته حتى اصبحت مثلا شعبيا متداولا ." لاتخافوا على العراق ".لايفهم ابو محمد كثيرا في التنظيرات السياسية وصفقاتها وألاعيبها وغرفها السريّة ، لكنه ينطلق عادة ، من قوة العادة في رصده للمشهد العراقي منذ التاسع من نيسان 2003 ، ومتابعته الشعبية للعقد العراقية والمنحدرات التي وصلنا اليها ، او دفعونا اليها دفعا ، وكان يرصد في كل مرّة كيف ينضو الجسد العراقي بقايا التراب من على هامته ، وولدت لديه مشاهداته الذكية الحقيقة ، التي ظل يرددها كلما رأى سياسيا عراقيا من شاشات الفضائيات يحاول ان يعيدنا الى المربع الاول كما يقال :لاتخافوا على العراق.
فارزة المدى: لاتخافوا على العراق
نشر في: 23 مارس, 2010: 10:09 م