TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فارزة المدى: لاتخافوا على العراق

فارزة المدى: لاتخافوا على العراق

نشر في: 23 مارس, 2010: 10:09 م

عامر القيسي حين توجه ابو محمد للادلاء بصوته في انتخابات السابع من آذار ، تصور الرجل البسيط ، وكما قيل له، ان هذه الانتخابات ستحل العقد جميعها وتحلحل الجامدة منها ، وان الطريق الى الكهرباء والماء والامان والعيش السعيد مفتوح على مصراعيه . لذلك لم ترعب ابو محمد قذائف الهاون المبكرة ، ولا التهديدات المتواصلة بمعاقبة الناخبين ، ولم تمنعه من مواصلة تقدمه الى المركز الانتخابي في منطقته  .
  تناول الرجل فطوره مبكرا وذهب الى صناديق الاقتراع ليدلي بصوته . ولم يقل حتى لاقرب الناس اليه ، القائمة التي سينتخبها ولا الشخصية التي سيؤشر امامها ، لانه يعتبر ذلك من اسرار الصدور .الرجل اصيب باحباط شديد بعد ايام من الانتخابات وهو يرى ويسمع كيف يستثمر بعض السياسيين ايجابية الشارع العراقي ، ليقدموا للناخب صورة مرفوضة عن النوعية التي ذهب من اجلها الناخب . يتساءل ابو محمد بألم وحسرة " هل هذا الذي كنّا نريده " ومع ذلك يستمر الرجل في مناقشاته الحامية والساخنة مع الجيران والاصدقاء مؤكدا على حقيقة لم تبرح ذهنه منذ سقوط الدكتاتورية وهي " في العراق رجال ينقذونه دائما من المحن الداخلية والخارجية " ويدافع عن قناعته هذه بقوة ، ويدلي بالامثلة تلو الاخرى معتبرا ، دون اوهام،  ان المحن في جوّنا السياسي غيمة نيسانية سرعان ما تتبدد مع اول اشراقة للشمس. ورغم ان المشهد السياسي الذي يراه ابو محمد ، قد اكل من جرف حماسته الكثير ، وزحزح بعض قناعاته ، الا انه مازال يقول بمناسبة ومن دون مناسبة " لاتخافوا على العراق " ويستطرد رغم بعض التعليقات الليئمة التي تحاول النيل من تفاؤله!ابو محمد مازال يقلب مسبحته يمينا وشمالا ، ويقلب الفضائيات صعودا ونزولا ، وتدور الافكار في رأسه في كل الاتجاهات ويقلبها على كل المواجع ، ويربط بذاكرته الشعبية المتقدة ، بين الماضي والحاضر واحتمالات المستقبل . ثم يطلق جملته التي عرفها وحفظها اهل منطقته حتى اصبحت مثلا شعبيا متداولا ." لاتخافوا على العراق ".لايفهم ابو محمد كثيرا في التنظيرات السياسية وصفقاتها وألاعيبها وغرفها السريّة ، لكنه ينطلق عادة ، من قوة العادة في رصده للمشهد العراقي منذ التاسع من نيسان 2003 ، ومتابعته الشعبية للعقد العراقية والمنحدرات التي وصلنا اليها ،  او دفعونا اليها دفعا ، وكان يرصد في كل مرّة كيف ينضو الجسد العراقي بقايا التراب من على هامته ، وولدت لديه مشاهداته الذكية الحقيقة ، التي ظل يرددها كلما رأى سياسيا عراقيا من  شاشات الفضائيات يحاول ان يعيدنا الى المربع الاول كما يقال :لاتخافوا على العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram