علاء المفرجي على مدى تاريخ الفن السابع كان نصيب الأفلام التي تحاكي أفلاما منتجة سابقاً هو الفشل للأغلب الأعم منها، إلا باستثناءات قليلة استطاع فيها صنّاعها إضافة لمسات جمالية افتقدها الفيلم الأصل. من هنا كان على المخرج الأمريكي روب مارشال ، ان يلزم حذره في إعادة إنتاج احدى أهم روائع السينما الايطالية والعالمية فيلم ( ½8) المنتج قبل ما يقرب من خمسين عاما،
والذي يحمل توقيع احد أساطين هذا الفن فيدريكو فيلليني ، الذي حفظ له الفن السابع روائع الأفلام .المخرج روب مارشال الذي سبق له ان أدهش عشاق السينما عام 2002 بفيلمه الغنائي الاستعراضي ( شيكاغو)، معيداً فيه الاعتبار لهذا النوع من الأفلام، استطاع ان يتمثل عبقرية فيلليني في ( ½8 )، وموضوعة الفيلم ليقدم قراءته الخاصة بما يضفي على هذه التحفة الفنية روحاً جديدة. في فيلمه السابق (شيكاغو)، تلمس مارشال، ، سر نجاح عدد من الأفلام الغنائية الاستعراضية مثل( صوت الموسيقى) و(قصة في الحي اللاتيني)، وغيرها، ليقدم فيلماً استعراضياً حقق حضوراً ونجاحاً متميزاً- نال ست جوائز اوسكارات- في فيلمه الجديد ناين كان على هذا المخرج ان يتحرر من سطوة النجاح المدوي لفيلم فيلليني، ورسوخه في ذاكرة أكثر من جيل من عشاق السينما، ومكانته كأحد الشواخص في تاريخ السينما، فلجأ إلى استثمار نجاحه هو في الفيلم الاستعراضي (شيكاغو) وخبرته كمخرج مسرحي ومصمم رقصات، ليعالج موضوعه ( ½8) بقالب موسيقي راقص، والأمر الآخر هو زج عدد من أهم نجمات السينما العالمية الآن، واستبطان مواهبهن الكامنة في الرقص والغناء نيكول كيدمان، جودي دينش ، اينيلوبي كروز، صوفيا لورين، ماريا كوتيلا، فيرجي، وهو أمر يحسب له مع استثناء نيكول كيدمان التي لها تجربة ناجحة في هذا المجال في فيلم (الطاحونة الحمراء)، ولي ان أضيف أداء النجم الانكليزي المذهل دانيال دي لويس، وربما مثل هذه الإضافات لا تمنع الإحالة إلى فيلم فيلليني، الذي جسد أدواره حينها مارشيلو ماسترياني وكلوديا كاردينالي ، ابتداءً من العنوان (½8) الذي فسر ان فيلليني وضعه بعد حصيلة 7 أفلام وفيلم بإخراج مشترك، بينما مارشال وضع رقم 9 ، وهو عمر الصبي في الفيلم او عدد شخصيات الفيلم الرئيسية في الفيلم. أما الموضوع، فهو لا يبتعد كثيراً بل ان المخرج يحرص على ان يكون تحية لأحد أهم معلمي السينما.فطنة المخرج مارشال انه يعيد فيلليني إلينا، او يعيدنا إلى زمن فيلليني. ولكن من خلال أسلوب استعراضي يعتمد الترفيه يعيش من خلاله أجواء تلك المدة، وندخل فيه لاستوديوهات أيام مجد السينما الايطالية.أحداث (ناين) تدور عن مخرج في منتصف العمر (غيدو) يؤدي دوره الممثل الانكليزي دانيال دي لويس ، يعاني عسرا في الكتابة ، كتابة سيناريو لفيلمه الجديد (ايطاليا)، الذي سبق ان أعلن في حديث صحفي عن إكمال كتابته ، حيث انه غارق في بحر من المشكلات العاطفية، يهرب من عجزه في الكتابة ومواصلة العمل ، إلى حيث النساء في حياته.زوجة لويس تؤدي دورها الفرنسية ( ماريون كوتيلا)، وعشيقته كارلا ( يبنيلوبي كروز)، وبطلة فيلمه الجديد موزي( نيكول كيدمان )، ومصممة الأزياء وكاتمة اسراره ( جودي دينش)، والصحفية ( كيت هيدسون) ، ووالدته ( النجمة الكبيرة صوفيا لورين)، والمومس التي يتعرف إليها في مدة شبابه فيرجي.هروب ( دانيال دي لويس) من كتابة نصه السينمائي ، وحضور النساء في حياته، هو هروب دائم، يعكس أزمة نفسية وعاطفية، تدفع به إلى استرجاع أزمان من طفولته ومراهقته التي أثرت في تكوين شخصيته ، وعلاقته بالصحافة ورجال الدين .. هروب دائم بدأ من حق شركة الإنتاج لفيلمه، تم من زوجته الفنانة التي تتخلى عن فنها من اجل ان تحبه زوجاً ، يهرب إلى بنسيون في إحدى المحطات للقاء عشيقته (كروز).. هروب من الصحافة.. هروب من رجال الدين ، والذي يقدم فيه المخرج احد أجمل مشاهد الفيلم بلقائه بابا الفاتيكان، الذي يزجره على اهتمام أفلامه بالعاهرات، لكنه يطلب منه صورة موقعه لبطلة أحدث أفلامه .. هروب إلى سلسلة من العلاقات النسائية .. فوضى في العلاقات وفي نمط التفكير .. وفي مشهد من أجمل مشاهد الفيلم تحضر جميع شخصيات الفيلم، بينما المخرج غيدو مع كاميرته مرتفعا في( كرين) التصوير يجلس بجانبه الصبي ذو تسعة أعوام . نجح المخرج مارشال أيما نجاح في إدارة ممثليه مثلما نجح في إعادة صوفيا لورين في دور الأم إلى الشاشة مرة أخرى، الذي سبق ان قدمته بامتياز الأوسكار قبل أكثر من أربعة عقود، والحال نفسه مع باقي نجوم الفيلم الذي ترشح لعدد من جوائز الأوسكار هذا العام.
كــــلاكــيــت :عودة فيلليني
نشر في: 24 مارس, 2010: 05:13 م