اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > صالح سلمان: عرفت الطريق الآن

صالح سلمان: عرفت الطريق الآن

نشر في: 26 مارس, 2010: 05:14 م

باسم عبد الحميد حموديغادرنا منذ ايام الصحفي الرائد والقاص العراقي الذي لم ينصفه النقاد الاستاذ صالح سلمان .نشر صالح سلمان (سليمان) اولى اعماله تحت عنوان (السجن الكبير) عام 1954 وبتوقيع صلاح سلمان (الذي عرف به زمنا) ضمن سلسلة(الفن المعاصر) التي صدرت ضمنها مجموعة غائب طعمة فرمان القصصية الأولى (حصيد الرحى)،
 وكان سبب تغييره لبنية اسمه خشيته من ملاحقة (التحقيقات الجنائية- الأمن العامة فيما بعد) فاذا صدر امر بملاحقة الكتاب ومؤلفه لم يجد الملاحقون شيئا فاسم القاص وهم واسم المؤلف الحقيقي هو :صالح سلمان ، الذي تحول عند هربه الى الكويت عام 1963 الى : صالح سليمان ،الذي رافقه طوال حياته ... حتى النهاية. ولد صالح في مدينة سوق الشيوخ عام 1927 وارتحل الى بغدادحيث استكمل دراسته في اعدادية التجارة ليعمل في الصحافة ويتعرف على مجموعة من المثقفين اليساريين منهم: غائب فرمان ومحمود الجندي وعبد الوهاب بلال وسلمان محمود حلمي وبدر السياب وليبدأوا باصدار سلسلةمن النتاجات القصصية والشعرية منها: ديوان (خفقة الطين) لبلند الحيدري وليعلنوا عن كتب اخرى منها مجموعة غائب القصصية الاولى ومجموعة مسرحية قصصية عنوانها (في الغاب) للكاتب الكردي اليساري عبد الصمد خانقاه ثم خف نشاط (الجماعة) وقل اختفى لهذا السبب أو ذاك: خانقاه انشغل بالمحاماة والسياسة، وغائب بالعمل في جريدة (الاهالي) وصالح بالعمل في جريدة (الحرية) ثم في جريدة (البلاد) ، وهي أهم الصحف في تلك الايام، اضافة الى صحف مهمة اخرى مثل (الشعب) و(الحوادث ) و(اليقظة) المسائيتين. كان صالح سلمان صحفيا لامعا اشتهر بكتاباته الأسبوعية (كلمات على طرف اللسان) وبصفحته المهمة في جريدة (الحرية) وهي صفحة أسبوعية اسمها (القارئ) يحررها القراء من كل مشرب وثقافة ، وقد أسهم الأدباء الشبان – أيامها عام 1955 وما تلاه بتحريرها ومن هؤلاء: احمد فياض المفرجي وموفق خضر وسامي حناواسعد محمد جعفر – د. اسعد الخفاجي استاذ الفيزياء النووية فيما بعد – وكاتب هذه السطور وغيرهم .في جريدة البلاد عمل صالح سلمان براتب اكبر مع مجموعة من كبار الصحفيين الممتهنين لمهنة المتاعب أمثال السادة آل بطي، ملاّكي الجريدة ومحمد حامد وعبد اللطيف حبيب وسليم البصون وغيرهم، وتولى سلمان الاشراف على الكثير من الصفحات منها الأخيرة والتحقيقات والثقافية ، وقد تمكنت من التسلل الى (البلاد) محررا لصفحة الطلبة كمحرر متدرب عام1957 وانعقدت بيني وبينه صداقة ادب واحترام. كان يسكن مع المطرب الكبير يوسف عمر في بيت واحد، وكنا نحن شبان الادب: اسعد وسامي وموفق نزوره لنصحبه من بيته في جديد حسن باشا الى الجريدة التي تقع في واحد من ازقة الجديد، وكان الصحفي الاقرب الينا سنا وتفكيرا والاكثر مشاكسة وايمانا بالتجديد، هو ومنير رزوق وحميد رشيد. تعرفت عليه بعد نشره (السجن الكبير) الذي كانت قصصه تعني العراق دون سواه، وما كان صالحا وسواه يعتقدون ان ايام دولة الباشا السعيد هي الايام الاسعد حيث لم يجدوا فيها سوى السجن لايام والضرب على القفا ان اشتدت المعارضة، وكان الله يحب المحسنين. حين تزوج صالح فرحنا به كثيرا وتغير برنامج يومه وانتظم زوجا صالحا لفترة ، ولكنه كان يتمرد احياناويلتقي بشلتنا المؤلفة من نزار عباس وخليل الشيخ علي وجيان وسعدي يوسف ليعيش سويعات خارج القفص الزوجي . كانت قصته في المجموعة الاولى التي اصدرها اتحاد الادباء بعنوان (قصص مختارة) عام 1959 واحدة من اهم القصص المختارة أذ كانت (حدث ذلك يوم الجمعة) تصور ذلك الحمال الصغير وهو يحلم بالاغتسال في الحمام العمومي بعد هموم عيش ووساخة بدن ، ليكتشف ذلك الفتى ان ما فقده كبير ومهم وأن يوم الجمعة قد تحول عنده الى يوم حزن اضافة الى احزانه العادية وحزن عدم العمل في ذلك اليوم المقدس. لم يكتب صالح سلمان الكثير من الاعمال السردية وما زالت اوراق ايام فراره الكبير الى الكويت لم تظهر بشكل مستقل لتعطي صورة لامكاناته التي تغافل عنها النقاد الا اقلهم. في السنوات الاخيرة اعتكف ابو سليمان في منزله في حي الصحفيين بعد ان غادر جيرانه شاكر الجاكري وعبد القادر البراك وسواهما، وظل صالح يتعامل مع ذكرياته واصوات محبيه عبر الهاتف او عبرالذهن المتوقد المستذكر حيث يرى الذكرى أمامه شاخصة بتفاصيلها: هذا هو جاره الجواهري الكبير وهو يفتح ديوانه ليلا للاصدقاء من ساسة وشعراء ورجال لغة، وهذا هو البراك جالسا متوسطا منير ورشيد الرماحي وصالح وهو يروي ذكرياته لهم. هاهم أهل الجاكري وسط الدكان الذي فتحوه وهو يمتار منهم بعد ان لم تمنحهم السلطة اي راتب تقاعدي. وهكذا !! ذهب صالح سلمان هكذا وقد عرف طريق رحلته الجديدة الابدية التي كان يدري انها كانت تقترب...وقد عرف انها هي الحقيقة التي لاحقيقة سواها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram