اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ضرورات التنافذ البصري فـي خزفيات عبد الهادي محمد علي

ضرورات التنافذ البصري فـي خزفيات عبد الهادي محمد علي

نشر في: 26 مارس, 2010: 05:15 م

د. محمد علي علوانإن التركيز على المزاوجة بين بنائية النص الخزفي والطابع النحتي له ، في منجز الخزاف (عبد الهادي محمد علي) ، يأتي وفقاً لرغبته الشديدة في طرح نماذج جمالية غير تقليدية ، فالإشتراك بالأبعاد الشكلية والتقنية والحجمية ، يؤسس لطبيعة معرفية تقترب مما أنتجته تجارب الخزافين العراقيين ، إذ تعتمد تلك التجارب على وسائل إسلوبية تهتم بالبعد التقني الى حد كبير.
لأن المعرفة الحقيقية بفن الخزف متصلة بفكرة التحول ومن ثم الإنعتاق مع طبيعة المرجع ، فإن الأشكال التي يطرحها الخزاف (عبد الهادي محمد علي) ترتبط بفكرة التجذر المكاني ، عبر إحالة البعد الزمني ، الى مقتربات جديدة تنأى بالفعل الهندسي للكتل والأحجام عنده ، الى مستوى من التعميم والإهتمام بنمطية التحول والإنتقال .وما فعله الخزاف (عبد الهادي) هو إستعراض لثيمات إسلوبية تشكلت نتيجة التراكم الجمالي والبنائي لتجربته الفنية ، وبالتالي تعزيز حالة التعبير عن الهواجس الذاتية والإحالات الفكرية ، فالنص الخزفي لديه يمتلك قابلية التأثير والمحاكاة ، ولكن أي محاكاة ؟ إنها محاكاة باطنية مخبوءة ، في ثنايا النص الخزفي ، وتتجلى كقيمة بنائية تحمل طابعاً تداولياً لمعطيات الترميز ، إذ إن هناك عدة رموز تحمل على تدعيم فكرة الموضوع ، وإيجاد حالة اقتران فعلي بين ما يحمله الشكل الخزفي من قيم جمالية وبين ما يعزز قدرة ذلك الشكل على المطاوعة والتأثير في المتلقي .وتبقى النصوص الخزفية لـ (عبد الهادي محمد علي) تحمل مقتربات تقنيه خاصة ، وتفضي في الوقت  ذاته الى طرح عدة نماذج هندسية ، تتشكل كمجموعة بنى هندسية فرعية ، تنتظم ضمن كلية شمولية للتكوين ، وتقترب أكثر من الطبيعية النحتية ، وهذا ما نلحظه في بعض نصوصه التي تتألف من كتل هندسية تنتظم في بناء هندسي عمودي او أفقي وتعتمد الاستطالة في طريقة التراكب البنائي وهي بالتالي تعبير عن نمط البناء الرياضي (الحسابي) لما يمكن أن تكون عليه الصورة الهندسية ، (التجريدية) للشكل ، وإذ يعمل الخزاف هنا على توحيد مؤثرات المشهد الرياضي ، الهندسي للنص ، وإعطائه أثراً جمالياً تجريدياً .وتبدوا محنة الإنسان والتعبير عن مشكلاته ، حدثاً ، لا يقبل الابتعاد عن ذاكرة الخزاف هنا ، فالإنسان هو المحور الذي تتمركز حولها لمضامين والأفكار والأحداث ، سيما وان النزعة الإنسانية كانت تضفي لمنجز الخزاف (عبد الهادي) مزيداً من الاتصال بالأطر التعبيرية الفاعلة ، والتي تطول البنى العميقة في المنظومة المعرفية لذاكرة الإنسان وتجليات الفكر المحمول فيها.وهنا تصبح الدلالات التعبيرية في المنجز الخزفي ، بمثابة إشارة واضحة الى تعميق الصلات والمفاهيم النفسية التي تندرج ضمن مستويات القبول او الرفض ، على فرض إن طبيعة السطح الخزفي ، تحمل مدلولات الطرح الجمالي، عبر مسوغات البعدين التقني والشكلي .بيد إن الخزاف (عبد الهادي محمد علي) كان يحمل وفقاً لضرورات التعبير بكل ما يتاح له من (خامات وأكاسيد ومواد كيميائية) ووسائط التزجيج والاحتراق، فالنص الخزفي لديه يصبح ناتجاً مهماً وفاعلاً من نواتج التجريب ، وحسب وجهة نظره ، تغدو فكرة ملامسة البعدين الجمالي والتقني للنص الخزفي ، هو إفصاح حقيقي عن تحقق البواعث الداخلية (الذاتية) والرغبة في إظهار الطابع التقني بصورة متفردة او مغايرة تماماً لما تم التوصل إليه سابقاً . وهنا لابد من الإشارة الى إن تراكم البحث الشكلي والتقني في منجزه الخزفي طوال ثلاثة عقود من الزمن (1980 -2010) ، أفصح عن إسلوب انفرد به عن مجايليه ، وكان له بمثابة الهوية التعريفية فكرياً وبنائياً ، وبالتالي فانه كان يشعر بالحاجة الفعلية الى ترسيخ اطر البحث في ميدان الخزف العراقي المعاصر ، على مستويات متعددة ،  بحثاً ابستمولوجياً قبل أن يكون مرتبطاً بالنفعية او بالجانب البنائي المحض ، ولذلك كانت طبيعة الخزف العراقي المعاصر ، وبكل ما توصلت إليه عبر تجارب (فالانتينوس) و(سعد شاكر) و (طارق ابراهيم) و (ماهر السامرائي) و(شنيار عبد الله) و (تركي حسين) و (قاسم نايف) و (احمد الهنداوي) و (ساجدة المشياخي) وغيرهم ، تسعى الى إيجاد وسائط علائقية ، تستنبط فكرة الارتباط المعرفي بـ (المرجع) والمرجع هنا يتأكد عبر حالة (التناص) بين المنجز المعاصر وبين المنجز الفخاري للعراق القديم او مع الخزف الإسلامي .والخزاف (عبد الهادي محمد علي) ليس بعيداً عن هذا التوصيف الذي عمل على الإفادة من المرجع ، وأسس لما بات يعرف الآن ، بالمنجز المحلي المعاصر ، ولكن بطابع التأثر الإسلوبي الغربي ، وحسبنا هنا تأشير فعل المؤثرات التقنية الإسلوبية في الغرب ، والتي كان لها الأثر الفاعل في بلورة التجارب الإسلوبية لكثير من الخزافين العراقيين ، فما فعله الرسامون جواد سليم وفائق حسن وشاكر حسن آل سعيد والجيل الستيني من بعدهم ، من توظيف للمؤثرات الإسلوبية والتقنية الغربية في نتاجاتهم المحلية التي حملت موضوعات للموروث المحلي واثر الفن الإسلامي ، هو نفس ما ذهب إليه الخزافون العراقيون المعاصرون ومنهم الخزاف (عبد الهادي) إذ كانت طبيعة التأثر بالخزف الإسلامي وبفن الزخرفة الإسلامية باعثاً حقيقياً له ، في الاشتغال على الأنموذج الخزفي الإسلامي ، ومحاكاة الجوهر المحرك للنماذج الإبداعية في تلك الفترات التي شهدت تطوراً ملمو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram