حسين عبد الرازقrn rnأثار البيان المهم الذي أصدرته أحزاب الائتلاف الديمقراطي الأربعة (التجمع - الوفد - الناصري - الجبهة) عقب (مؤتمر الإصلاح الدستوري) اهتماما وجدلا واسعا في المجتمع السياسي المصري وأجهزة الإعلام والصحافة الحزبية والخاصة، وتراوحت المواقف بين الاتفاق والاختلاف وقبول التوصيات ورفضها، وهو أمر طبيعي ومفهوم في ظل تعدد المواقف والرؤى والمصالح، ولكن ما لفت نظري تساؤل طرح من جانب عدد من المهتمين بالشأن العام، حول عدم تطرق البيان للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة وتزايد نسب الفقر والبطالة وانخفاض مستوى معيشة الطبقات الشعبية والوسطى وشيوع الفساد.. إلخ.
والرد على هذا التساؤل من جانب أحزاب الائتلاف الديمقراطي ضروري رغم وضوح الأمر وبساطته.* فالمؤتمر عقد من أجل هدف محدد عاجل وهو بدء التغيير السياسي والدستوري، وكان موضوعه (الإصلاح الدستوري) والانتخابات الحرة النزيهة، آخذين في الاعتبار أن مصر ستشهد خلال هذا العام والعام القادم انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى وانتخابات مجلس الشعب وانتخابات رئاسة الجمهورية.إن هناك اتفاقا بين أحزاب الائتلاف الديمقراطي وتوافقا عاما في المجتمع إن التغيير السياسي والدستوري هو المدخل للتغيير والإصلاح السياسي والدستوري، فاستمرار الأوضاع الاستبدادية القائمة وحكم الفرد واحتكار حزب واحد للسلطة منذ عام 1976 وحتي الآن، يصادر إمكانية التغيير، فبدون تداول سلمي للسلطة عبر صندوق الانتخابات في انتخابات حرة نزيهة يختار فيها الشعب بين أحزاب وبرامج وسياسات متنافسة بعد أن ينتزع الحريات الديمقراطية كافة ثم يحاسب الحزب الفائز دوريا فإما أن يعيد منحه الثقة أو يسحبها عنه ويسقطه، فلن يحدث أي تغيير في السياسات الاقتصادية والاجتماعية.* ورغم أن المؤتمر كان مركزا علي التغيير والإصلاح السياسي والدستوري، فقد تطرقت المناقشات للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تفصيلا، وتناول بالنقد السياسات المتبعة والفروق الطبقية التي تزداد اتساعا واتجاه الحكم لخصخصة التأمين الصحي وكارثة أموال التأمينات الاجتماعية والقانون الجديد للمعاشات والفساد والارتفاعات الفلكية في الأسعار، وتدهور مستوى التعليم والصحة وأزمة السكن وعار الأمية.. إلخ، وأشار البيان الختامي بسرعة لهذه القضايا فقال (يعاني المصريون نتيجة غياب الديمقراطية والانفراد بالسلطة، وتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية أدت إلي تأزم الحياة وانهيار المرافق العامة وانتشار الفقر والبطالة والفساد وتراجع معيشة الغالبية العظمى من المواطنين..).* إن المؤتمر والأحزاب الأربعة الداعية له ملتزمة بوثيقة الائتلاف الديمقراطي التي صاغتها في أكتوبر 2007 وأذاعتها في مؤتمر صحفي في 10 فبراير 2008 والتي طرحت (مبادئ لدستور ديمقراطي وبرنامج الإصلاح والتغيير) ينص في بنده الثالث علي (ركائز النظام الاقتصادي - الاجتماعي) القائم علي تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر والحد من الفوارق بين فئات المجتمع ورفع الحد الأدني للأجور وربطها بالأسعار ومواجهة البطالة، ودور الدولة في الرعاية والحماية الاجتماعية، وإقامة نظام تعليم حديث وعصري، ومواجهة ثقافة التخلف السائدة بإشاعة ثقافة عقلانية نقدية ديمقراطية، ونشر ثقافة المساواة بين المرأة والرجل، ومواجهة الفساد بصورة منهجية منتظمة وليست انتقائية ولا موسمية.واتفاق الأحزاب الأربعة علي هذه الوثيقة باعتبارها التزاما مشتركا لها جميعا لا يمنع كل حزب علي حدة من تجاوزها طبقا لبرنامجه ووثائقه.وبالنسبة لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي فبرنامجه العام وبرامجه النوعية الخاصة بالتعليم والصحة والزراعة والإسكان، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي، يتضمن تفاصيل لسياسات بديلة لسياسات الأزمة التي يطبقها الحكم القائم، ويخوض الحزب - إلي جانب معارك التغيير السياسي والدستوري - نضالات يومية لمواجهة سياسات الحكم وطرح سياساته البديلة على الرأي العام، ولابد في الأيام والأشهر القادمة أن ترتفع وتيرة المعارك الاقتصادية والاجتماعية التي يخوضها الحزب مع الجماهير، مؤكدا أن التغيير السياسي والدستوري هو المدخل للتغيير الاقتصادي والاجتماعي وحل مشاكل الناس اليومية.rn
التغيير السياسي.. ومشكلات الناس اليومية
نشر في: 27 مارس, 2010: 04:32 م