TOP

جريدة المدى > مواقف > ضعف الرعاية الصحية في العراق

ضعف الرعاية الصحية في العراق

نشر في: 30 مارس, 2010: 04:37 م

ترجمة :عمار كاظم محمدلم يكن لدي اي فكرة عن مدى عمق الازمة  في نظام الرعاية الصحية  الفوضوي في العراق حتى تمرضت امي ، وبينما يترقب العراقيون ظهور برلمانهم الجديد ، كنت أجلس في مستشفى نصف فارغ في بغداد خوفا على حياة أمي لذا تركت واجبي كمواطنة في الانتخابات ولازمت سرير والدتي كي اكون بجانبها في هذا الظرف .
خلال الاسبوعين الماضيين تركت سلسلة من التشنجات الغامضة في ساقها شللا على نحو متزايد وكانت تبكي من الالم من مجرد القيام بأي حركة بسيطة وكان بحثنا المستميت لمعالجتها قد اخذنا في هذه الجولة المرعبة في نظام الرعاية الصحية في بغداد .لقد تم فحص والدتي من قبل عشرة اطباء في مستشفيات مختلفة وخمسة اطباء اخصائيين وكل منهم يرينا تشخيصا مختلفا لحالتها وقد صرفنا مئات الدولارات وعدة ليال لم نستطع النوم فيها من اجل العناية بصحتها لكن حالتها كانت تزداد سوءاً.  وفي يوم الانتخابات كانت والدتي طريحة الفراش وتئن من الالم لذلك بقينا انا ووالدي بالقرب من سريرها نحاول تسكين ألمها بالكلمات بينما كنا بانتظار الطبيب ، حيث لم يأت الطبيب في ذلك اليوم على الرغم من تأكيد الممرضة الوحيدة التي بقيت في الواجب بان الطبيب في طريقه الى المستشفى .كان التصويت في هذه الانتخابات أمراً حيوياًً لمستقبل البلاد وهي فرصة للتاثير في نوع الحكومة التي ستتسلم مهامها بينما تغادر القوات الامريكية البلاد .الكثير من الناس يريدون من قادتهم  ان يقوموا بتقوية الامن وتحسين الخدمات  العامة بما فيها قطاع الرعاية لصحية . وكان البقاء بعيدا عن الشارع في مثل هذا اليوم التاريخي اختيارا صعبا بالنسبة لمهنتي كصحفية وربما ادركت لا حقا انني ربما اجبرت على اتخاذ قرار كهذا بسبب العنف المزمن في هذه البلاد و البنية التحتية المنهارة وهي نفس اللعنات القديمة التي يتمنى الناخبون ان تزال من خلال تصويتهم . كان عمر والدتي 53 عاما وفي أواخر العام الماضي بدأ بصرها يضعف وقد شخص اخصائي العيون وجود ماء في عينيها وهو مرتبط على مايبدو بمرض السكر الذي كانت تعانيه منذ شبابها وبعد ثلاثة ايام من اجراء عملية العين لها اصيبت بتشنج في ساقها اليسرى ولم تكن قادرة على مغادرة السرير او حتى النهوض . تقنية المسح الغالية التي نتمكن من  خلالها فحص والدتي كانت متوفرة فقط في المستشفيات الكبيرة وحينما ذهبنا الى هناك وجدنا أن الكثير من الاطباء الاخصائيين الذين من المفترض أن يكشفوا على والدتي قد اختفوا أو سافروا وقد خمنت الحكومة أن نصف الاطباء الذين كانوا موجودين في البلاد قد فروا بسبب العنف الذي ساد البلاد في الاعوام السابقة ولم يعد منهم حتى الآن سوى القليل. ان نظام الرعاية الصحية الذي عانى الحصار أيام النظام المباد قد تم تجهيزه الآن بشكل أفضل لكنه يعاني نقصاً في الموظفين والاطباء الماهرين ومازال على المرضى أن يواجهوا انتظارا طويلا للمعالجة بسبب عطل بعض الاجهزة وقدمها وكما في حقول أخرى من الحياة اليومية للعراقيين فهناك ايضا فساد مستشرٍ في المستشفيات العامة  حيث يلتمس بعض الموظفين المال من المرضى إما بشكل علني كرشاوى او مقنعا بدفع المال للأدوية التي يفترض أن تكون مجانية . وخلال السنوات القليلة الماضية كان لدى البغداديين ايضا خيار زيارة المراكز الصحية الخاصة حيث أن معيار العناية فيها في اغلب الأحيان هو افضل من الخدمات العامة لكن اسعارها عالية جدا . واثناء فترة الانتخابات كان الاخصائيون الوحيدون الذين باستطاعتهم رؤية والدتي يعملون في تلك العيادات الخاصة .كانت والدتي غير قادرة على الحركة الا بجهد كبير وقد احتاجت الى سيارة اسعاف لكي نتمكن من نقلها الى الطبيب وقد اتصلنا بمركز الاسعاف لطلب ذلك لكن جميع مكالماتنا قد ذهبت هباء وبعد سؤالنا عن السبب تم اخبارنا باننا نحتاج الى ترتيب خاص  مع موظفي الاسعاف مثل عملية استئجار سيارة للأجرة. وعلى اية حال لم يستطع الاخصائيون تشخيص حالتها المرضية وكانت حالتها تسوء وعشية يوم الانتخابات قررنا انا ووالدي فحصها في المستشفى مرة اخرى ، كنت اشعر باليأس وكل ما كنت اطمح اليه هو ان اجد طبيبا يعالجها بشكل صحيح فقد كنت اخشى ان تموت ورغم ذلك كان علي ان اتصنع الشجاعة لأرفع من روحها المعنوية.بعد عدة ايام من الانتخابات بدأ الاطباء بالتقاطر الى المستشفى ووصف احدهم حقنا لتخفيف ألمها وقال الاخر انها تعاني تلفاً في العصب وقد عادت والدتي اخيرا الى البيت وهي تأخذ حقنة في كل يوم وتظهر تقدما بطيئا من التحسن وقد قررنا انا ووالدي ان نرسلها الى الخارج لغرض العلاج ربما الى الهند او لبنان .لم اكن ادرك حجم الازمة في الخدمات الحكومية حتى تمرضت والدتي ، لكنني الآن تحت انطباع ان الفقراء جدا لا يستطيعون الحصول على معالجة طبية صحيحة اما نحن الاكثر دخلا فنضطر لدفع اثمان عالية في حالات الطوارىء وإدراك حقيقة ان العراقيين لايموتون فقط بسبب القنابل والعنف لكن ايضا من الفساد والعجز وقلة الشفقة .  الغارديان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية
مواقف

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

ترجمة : عمار كاظم محمد كانت أسماء شاكر، أحد المرضى الراقدين في مستشفى الأمراض النفسية في  بغداد، تجلس على بطـّانية مطبوع عليها صورة نمر ، كانت عيونها متثاقلة، فقد بدأ مفعول الأدوية بالعمل ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram