بعد نحو 60 عاما من وفاته، تم تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي عام 2008، وظهرت جينا نجيب الريحاني في المناسبة ليفيق المصريون على وجود ابنة له توارت طيلة تلك الفترة. شكك البعض في نسبها إليه لكنها أشهرت ما يثبت أنها فعلا ابنته. آلت على نفسها أن تسخر حياتها لإعادة البريق إلى تراث والدها، فأعلنت عن إصدار كتاب موسوعي عنه بعنوان «شارلي شابلن العرب»،
وإقامة متحف ومركز فنون باسمه، وإطلاق جائزة سنوية لفناني المسرح تحمل اسمه، وأخيرا إنتاج أول فيلم سينمائي عن حياته.وعلى الرغم من تقدمها في العمر ولغتها العربية المتكسرة فإنها تتحدث العامية المصرية مثل أولاد البلد، وقد اصطبغت طريقة حديثها بأسلوب الريحاني. التقتها «الشرق الأوسط» أثناء سعيها لمقابلة فنان تشكيلي يدعى حمدي الكيال، كان قد رسم للريحاني أكثر من 90 صورة والتقى بديع خيري قبل رحيله، وكان هذا الحوار حول مشروعاتها وذكرياتها:* على الرغم من كل ما يثار من حولك فإنك لا تضيعين لحظة من دون بحث وجمع لأرشيف الريحاني؟- طبعا.. أنا أبحث في كل الأماكن، التي كان للريحاني صلة بها وأتقصى عن كل الأشخاص الذين يملكون أي شيء يخصه، ومنذ سنوات عدة علمت أن هناك فنانا تشكيليا سكندريا يدعى حمدي الكيال رسم 90 لوحة لوالدي، وأقام معرضا له في ذكرى وفاته في مسرح الريحاني بالقاهرة سنة 1964 وحضره حسن فايق وماري منيب وكل فرقة الريحاني. وأخيرا وجدته، وطلبت منه ما تبقى عنده من لوحات لأعرضها في المتحف الذي أنوي تأسيسه لوالدي.. أريد أن يشعر بالراحة في مماته؛ لأنه تعب في الدنيا؟* علمنا أنك تعدين مفاجأة لعشاق الريحاني ومحبي فنه فما هي؟- سأنتج فيلما سينمائيا عن حياته، وخاصة أن تفاصيل قصة والدتي وقصتي لا يعلمها غيري، وقد ذكر بديع خيري سيرة والدتي، وقال: ثلاثة أثروا في حياة الريحاني: بديعة مصابني، وجوزفين بيكر، ولوسي والدتي، أيضا سأطلق جائزة سنوية باسم الريحاني لأحسن ممثل مسرحي، كما أعد كتابا ضخما سيصدر هذا العام، ومتحمسة جدا لترجمته إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية. إضافة إلى رغبتي في إقامة تمثال له يوضع في حديقة الأزهر ليكون قريبا من المناطق الشعبية التي أحبها.* فلماذا، إذن، تودين إقامة مسرح له بعيدا عن المناطق الشعبية؟- كنت أرغب في إقامة مركز فني باسمه يضم مسرحا ومتحفا ومكتبة لتعليم الأطفال فنون التمثيل والمسرح، ليأتي عشاقه من كل أنحاء العالم ليتعلموا، وهذا أمر من الصعب تحقيقه في الفيلا الخاصة به في منطقة حدائق القبة؛ لأنها محاطة بالعشوائيات وحاولت تطويرها بمساعدة نجيب ساويرس لكن لم نستطع.* هل كان يعيش فيها والدك، وهل أقمت بها أثناء حياته؟- أبدا، والدي أنشأها لتكون مسرحا وملتقى للتعارف بين الفنانين المسنين، وهذه من المآسي التي عاشها، وكانت الفيلا مسخّرة لخدمة العمل الفني، وخصصها لكي يعيش فيها المسنون من كبار الفنانين. وهي تقريبا الفكرة نفسها، التي يحاول الفنان محمد صبحي تنفيذها في مدينته.* هل يساعدك أحد من الفنانين أو نقابة الفنانين؟- إطلاقا.. بل على العكس، لا مسؤولون ولا فنانون.. الوحيد الذي ساعدني محمد كامل القليوبي، وقدمنا فيلما كان اسمه «مع 60 ألف سلامة» مدته ساعتان، وهو أصر على أن أتحدث في الفيلم عن قصة والدي ووالدتي، وعرض في فرنسا، ولقي إقبالا كبيرا من الناس يوميا.* طيلة رحلتك الشاقة في البحث والتنقيب، هل قابلت تفاصيل غامضة في حياة والدك؟- هناك تفاصيل لا تزال غامضة في حياته.. منها، مثلا، عمله في سن صغيرة وتحمل مسؤولية إخوته، بعد وفاة جدي، على الرغم من وجود أخيه الأكبر توفيق! وحتى الآن، لا أجد أي تفسير لعدم حفاظ فرقته أو من حوله على مقتنياته، ولا أجد مبررا لعدم تفكير أحد في تكريمه طيلة هذه السنوات! حتى مدرسة ألفرير في الخرنفش، التي كانت تحتفظ بصور له ذهبت إليها فلم أجد أثرا له هناك.. زرت حارة درب مصطفى مكان بيته القديم، فلم أجد إلا مجموعة من الطوب، طيلة الفترة الماضية لا معارض ولا برامج ولا تمثال ولا جائزة!* هل جمعت أي شيء من مقتنياته؟- بعد وفاته عام 1949، قام طلعت حسن مدير مسرح الريحاني ببيع كل ما يملكه والدي للروبابيكيا، وحتى الملابس التي كانت بحوزة خياطة الفرقة، وهي يونانية الجنسية، تم بيعها وكل مقتنياته التي كانت في شقته بشارع شريف، تم بيعها بالمزاد العلني في سنة 1961، لتسديد 200 جنيه مستحقات الضرائب! لم يحاول أي أحد تدبير المبلغ والحفاظ على هذا الكنز، ولم يفعل عمي يوسف وابن عمي بديع الريحاني أي شيء من أجل إنقاذ تراث والدي.* وماذا عن بديع خيري رفيق الريحاني، ألم تعثري على أي شيء من خلال عائلته أو ورثته؟- بديع خيري بالفعل كان معه سر الريحاني كله، لكن للأسف لم يساعدني أحد وتنكرت لي إحدى بناته وتحدثت للصحافة واتهمتني بأنني مدعية! ولو كان والدهم على قيد الحياة لتغيرت الأمور؛ لأن بديع كان يعلم بوجودي.* برأيك، ما سبب الجدل المثار حول شرعية بنوتك؟- بعد ظهوري في مهرجان القاهرة السينمائي 2008، اعتبروني مزورة و«فالصو»، ونصابة؛ لأنهم لا يعرفون السبب وراء اختفائي كل هذه السنوات. أنا كنت مقيمة بمصر ولم أكن مختفية، ولكني كنت بعيدة عن الأضواء، ولم يسألوني عن سبب ابتعادي عن الإعلام طيلة هذه السنين، وقد رفضت الر
جينا نجيب الريحاني تبحث عن جذور والدها في العراق..
نشر في: 2 إبريل, 2010: 05:23 م