مهدي عباس وإذا كان الريحاني في عالم المسرح زعيماً و(شيخ طريقة) وعلامة بارزة في تاريخ هذا الفن بعد أن جمع بين يديه كل آليات هذا الفن (التمثيل - الإخراج - التأليف - الإدارة - الإنتاج) إلا أنه في عالم السينما قد ظلم نفسه كما ظلمته السينما ولم تتمكن من استثمار موهبته الرائعة وقد كتب الموسيقار محمد عبد الوهاب مقالاً بعنوان (فنان خلق للسينما)
يقول فيه (كان للريحاني وجه معبر صارخ الملامح ناطق السمة تكاد كل خلجة فيه تبرز قصة بليغة صامتة وله لمحات تطفر من عينيه يسجل فيها أروع أحاسيس الفنان الملهم.. دمعة كسيرة أو نظرة مرحة أو غشاء من حزن أو فرح يكسبه لوناً إعجازياً قل أن يكون له نظير في العالم.. وله نبرة صوت فيها كل شجن الفنان تقفز رأساً من خفقة قلبه لتخرج من شفتيه ولا تسجل كل هذا إلا كاميرا السينما).ويدفعنا كلام عبد الوهاب إلى الدخول مباشرة في قلب تلك العلاقة الشائكة التي ربطت الريحاني بالسينما حيث لم يحبها وربما تصور أنها ستؤثر على عشقه للمسرح ورغم أن معظم ممثلى الكوميديا من جيله قد سبقوه إلى السينما إلا أنه لم يتأثر أو يشعر بالغيرة. ففي عام 1919 عرض فوزى الجزايرلى فيلمه القصير (مدام لوليتا). وفي عام 1920 شارك على الكسار وأمين صدقى في الفيلم القصير (الخالة الأمريكانية) كما شارك فوزى منيب في فيلمى (خاتم سليمان - في بلاد توت عنخ آمون) عامى 22، 23 كما شارك أمين عطا الله في فيلمى الباشكاتب عام 1924 والبحر بيضحك عام 1928. كما شارك بشارة واكيم في فيلم المعلم برسوم يبحث عن وظيفة عام 1925، وشارك شرفنطح في فيلم (سعاد الغجرية عام 1928). وقد شاهد الريحاني كل هذا وكأن الأمر لا يعنيه وعندما بدأ أول محاولاته مع السينما في عام 1929 كانت النتائج سيئة جداً حيث شارك مع المخرج جاك شونز في تقديم فيلم صامت ولم يتم الفيلم.. وفي عام 1931 قدم فيلمه الثانى (صاحب السعادة كشكش بيه) من إخراج استيفان روستى وذلك استثماراً لنجاح هذه الشخصية التي ابتكرها الريحاني والذي دخل هذا الفيلم تحت ضغط الأزمة المادية من دون سيناريو أو خطة عمل وكان يعتمد على الارتجال حيث كان الريحاني يؤلف (أولاً بأول). وفي عام 1933 قدم أول أفلامه الناطقة بعنوان (حوادث كشكش بيه). وفي عام 1934 قدم فيلم (ياقوت) من إخراج إميل روزييه، وهذا الفيلم أول وآخر فيلم يشارك فيه بديع خيرى كممثل وقد تم تصويره في ستة أيام في باريس وقدم الريحاني هذا الفيلم تحت وطأة أزماته المادية.. وفي عام 1936 قدم فيلم (بسلامته عايز يتجوز) من إخراج ألكسندر فاركاش ورأى الريحاني أنه كان فيلماً سيئاً وأنه شخصياً كان فظيعاً بدرجة مؤلمة. وبشكل عام فقد كانت كل أفلام الريحاني الأولى سيئة ولم تستطع استثمار موهبته الكبيرة وقدراته اللامحدودة كممثل عبقرى.. ولم يستطع الريحاني نفسه أن يستثمر قدراته من خلال السينما لأنه في ذلك الوقت لم يكن على دراية كاملة بكل آليات فن السينما كما أنه قد تعامل مع مخرجين محدودى الموهبة، إضافة إلى أن السينما المصرية كانت في بداياتها إلا أن الريحاني كان يطمح في أن يصل إلى مكانة (شارلى شابلن) دون أن يمتلك المناخ العام الذي كان يعيش فيه شابلن.المهم أن الريحاني انتظر حتى عام 1937 لكى يقدم أول أفلامه الكبيرة وهو (سلامة في خير) من إخراج نيازى مصطفي الذي درس السينما في ألمانيا وعمل كمونتير وكان من أنجح من استخدموا الحيل في السينما المصرية ولذلك تدخل بفاعلية في تعديل السيناريو الذي كتبه الريحاني وبديع خيرى فنجح الفيلم خاصة وأنه يضم مجموعة كبيرة من الممثلين الريحاني - حسين رياض - فؤاد شفيق - شرفنطح - راقية إبراهيم - روحيه خالد، وكان (سلامة في خير) ثالث فيلم ينتجه استوديو مصر الذي أنشأه طلعت حرب بعد فيلمى لاشين - العزيمة. وبعد نجاح سلامة في خير، قدم الرباعى (الريحاني - بديع - نيازي - أستوديو مصر) فيلم (سى عمر) سنة 1941 وهو فيلم مقتبس عن الفيلم الأمريكى (رغبة) للمخرج فرانك يورج، وقد تم تمصيره بشكل رائع وتشجع الريحاني وقدم شخصيتين في الفيلم (عمر - جابر) رغم أنه رفض نفس الفكرة في فيلم سلامة في خير.وحقق سى عمر نجاحاً أكبر من سلامة في خير حيث كان أكثر نضجاً في كافة المجالات. ورغم نجاح سي عمر إلا أن الريحاني لم يتحمس للسينما بالشكل الكافي ولذلك انتظر خمس سنوات كاملة حتى قدم فيلميه (لعبة الست - أحمر شفايف) في عام 1946 من إخراج ولى الدين سامح الذي كان مهندساً للديكور في أستوديو مصر منذ افتتاحه وشارك في فيلم (وداد) كما شارك في فيلمى الريحاني السابقين... ويأتى فيلم لعبة الست كواحد من أهم كلاسيكيات الكوميديا في السينما المصرية بينما يغلب الطابع التراجيدى على فيلم أحمر شفايف حيث تعمد الريحاني أن يشبع رغبته الدائمة في الأداء التراجيدى وإن أدى ذلك إلى عدم نجاح الفيلم على المستوى الجماهيري لأن الجمهور لم يعتد على الريحاني (تراجيديان). وفي عام 47 قدم الريحاني فيلم (أبو حلموس) ليعود به إلى كوميديا الموقف والفيلم مأخوذ عن إحدى مسرحيات بديع خيرى والريحاني. وبعد هذا الفيلم اتفق عبد الوهاب وأنور وجدى اللذان كانا شريكين في شركة إنتاج سينمائى مع الريحاني على تحويل مسرحياته إلى أفلام وكانت البداية في عام 1949 بفيلم غزل البنات من إخراج أنور وجدى الذي حشد كوكبة رائعة من كبار ال
الريحاني والسينما المصرية
نشر في: 2 إبريل, 2010: 05:24 م