TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة :طريفة.. ولكن

وقفة :طريفة.. ولكن

نشر في: 3 إبريل, 2010: 04:37 م

كاظم الواسطيrnحقا، إنها طريفة تستدعي التوقف عندها بعض الوقت، والتأمل في المعنى الذي تثيره في ذهن المواطن، والطريفة هذه، هي ما أظهرته نتائج الانتخابات الأخيرة بحصول (166) مرشحاً على صوت واحد فقط، ولا مجال للشك بأنه صوت المرشح نفسه!.
 بقدر ما في هذا الخبر من طرافة تعكس ما يشبه المفارقة في العملية التي أنتجت هذه المعادلة ذات القطب الواحد، فأن فيه دلالة أكثر عمقاً على نوع التشكّل الاجتماعي والذهني الذي حرّك هؤلاء المرشحين باتجاه ترشيح أسمائهم، مفردة أو ضمن قوائم، فضلا ً عن نوعية التفكير التي تحكّمت بعقولهم قبل واثناء الانتخابات. فبماذا كان يفكر مرشح الصوت الواحد حينما عمل الكثير من الترتيبات، والأكثر من العلاقات والجولات، لكي يوصل اسمه إلى المفوضية المستقلة للانتخابات، ومن ثم ينشر صوره في الشوارع والساحات العامة ؟ وكيف أقنع نفسه بقبول ما عرضته عليه إحدى القوائم للمشاركة في العملية الانتخابية وهو غير متأكد من ثقة أفراد عائلته نفسها! بما يمكن أن يقدمه من أداء في البرلمان، في وقتٍ،هي تعرف جيداً ومتأكدة من طبيعة أدائه في العائلة، والوسط الاجتماعي القريب. إن العلّة الحقيقية لا تكمن في الشخص الذي يرشح نفسه، فلكل شخص أسبابه في التعاطي مع المحيط الذي يعيش فيه، وتبريراته الشخصية للعمل في المجال الذي يراه مناسبا لتحقيق مصالحه، ونوازعه الذاتية، بل هي تكمن، أصلاً، في طبيعة المحيط، ونوعية المجال نفسه. لقد كان العمل في مجلس النواب السابق دون المستوى الوظيفي المتعارف عليه في المؤسسات العامة، من حيث مستوى أداء النواب داخل المجلس،أو درجة شعورهم بالمسؤولية إزاء المهام الملقاة على عواتقهم. فهناك نسبة كبيرة من نواب المجلس السابق مشهود لهم بالغياب الدائم، والحضور الذي وصل حد (الصفر) حسبما ثبت في بعض الجداول الاحصائية الخاصة بعمل المجلس. وهناك التنقل المريح بين العواصم المختلفة، والاقامة في الفنادق الفخمة في وقت الازمات، وعند الحاجة للمصادقة على قرارات ذات صلة بحياة ومصالح المواطنين، كل ذلك يحدث مقابل رواتب شهرية مغرية لا يمكن أن يحلم بها المواطن المرهق بالعمل المضني على مدار أيام السنة. فأيّ صعوبة يمكن أن يتخيلها المواطن أو يخشاها، في ظل هكذا نعيمٍ من التسهيلات، والسماحات اللا محدودة التي لا تتطلب حتى تسجيل الحضور؟ والأخطر من ذلك، هو ما يسمعه المواطن، وما تتناقله وسائل الاعلام المختلفة عن لسان مسؤولين في الدولة والحكومة عن وجود نواب في البرلمان متهمين بالفساد والارهاب، لم تتخذ بحقهم أية اجراءات قانونية بسبب « الحصانة البرلمانية « التي يتمتعون بها، وهم لا يجلسون تحت قبة البرلمان. هل هناك غطاء فولاذي، مثل هذا، لا يغري الفاسد، والارهابي، ببذل كل ما يملك من وسائل من أجل التمتع بحمايته الفائقة؟. وهل هناك عتب، بعد كل هذا، على مرشحي الصوت الواحد الباحثين عن عتبة» حظوظ» لا يجدونها في مكانٍ آخر، تمنع أخلاقيات المواطنة، المواطن العادي الفقير، من الاحتفاظ برغيف خبز نسي أن يدفع ثمنه لصاحب المخبز. ونحن نقف اليوم على عتبة برلمان جديد، نتمنى أن يكون عمل النواب فيه شاقاً ومتواصلاً، بنزاهةٍ واستقامة، لا يقربه من هم دون هذا المستوى.. وأن لا يكون لهم فيه رصيد يهز ثقة المواطن، ويجعله واقفاً على مسافة من الريبة والشك تضع السياسة والساسة في منظور معتم، لن تضيئه بهلوانيات الكلام. فهل باستطاعة من حصلوا على الألوف من الأصوات، ومنحهم المواطن المحتاج، الممتنع عن الاحتفاظ برغيف خبز لم يدفع ثمنه سهواً، ثقته والأمانة على مستقبله، وأن لا يسمحوا  لنا، في قادم الأيام  أن نصفهم  بالسوء. المواطن يترّقب.. والأيام سوف تورّق سجل الأعمال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram