في عام 1973 طلب منه معد ومقدم برنامج "افاق الفن" في تلفزيون بغداد، ان يكون ضمن الاطار التاريخي لعائلة سليم، وان يجتمع الاخوة: الحاج سعاد ونزيهة ونزار ليقدموا صفحات من سجل ذكرياتهم التي حملت الكثير من تاريخ الحركة التشكيلية في العراق،وليتحدثوا عن اخيهم الفنان الراحل جواد: في ملاعب الصبا، وعلى مراكض الحياة وفي خضم الاحداث، فكانت هذه الخلاصة التي كتبها نزار تعريفا بوالده، والتي احتفظ بها مقدم البرنامج). سكرتير التحرير
*اسمه الكامل (الحاج محمد سليم علي الموصلي) *كان اول استاذ رسم للامير غازي. *عند تأسيس مدرسة التفيض الاهلية ومدرسة الجعفرية، تبرع في تدريس مادة الرسم مجانا فيهما. *كان من مؤسسي جمعية حماية الاطفال واذكر بهذه المناسبة صورة الارملة في العيد التي رسمها على اثر قصيدة الرصافي بالعنوان نفسه ومطلعها: لقيتها ليتني ما كنت القاها تمشي وقد اثقل الاملاق ممشاها وقد طبعت القصيدة بالماء المذهب البارز وبجانبها الصورة ووزعت على المدعوين في اول حفلة اقامتها الجمعية ليتبرع المدعوون باثمانها للجمعية، وما زالت الصورة نفسها رمزا على طابع التبرع لجمعية حماية الاطفال بعد ان اعاد اخي سعاد رسمها لتكون صالحة للطبع، وكذلك شعار الجمعية (الوردة) الذي وزعت الاف النسخ الورقية منه في الاعياد وقد اشتركنا جميعاً بذلك اذ نحمل صناديق التبرعات المقفلة نجول بها الشوارع العامة والمؤسسات والفنادق والمقاهي نضع الشعار على عربات المارة ومن نلقاهم لقاء ما يرمونه في الصندوق، وقد كان سكرتيرا للجمعية فترة طويلة من الزمن وكان يقوم بنفسه على الاشراف اول يوم العيد على ختان الاطفال الفقراء وكانت اسعد ساعات العيد التي لا انساها عندما كنت قربه في الباص الخشبي ووراءنا رتل من الباصات الخشبية وفرقة الميدان الموسيقية الشعبية تصدح والاطفال واهاليهم يصفقون ونحن نجول بهم مناطق بغداد ثم نعود الى المستشفى حيث يتم ختانهم فنوزع عليهم الشكرات والمناديل التي كنا قد قضينا اياما في توزيعها داخل الاكياس الصغيرة او ظروف المكاتيب مع المناديل ولعل صورة موسيقى الشارع والموسيقى الشعبية التي رسمها جواد كانت بعض ما اوحت اليه تلك الايام. كما انه اشرف على سحبات اذ كنت اساعده في درج ارقام البطاقات المسحوبة والفائزة، وكانت في قصتي (نصيب) بعض الصور والتجارب التي احسستها وانا اكتب تلك الارقام، لقد اثر فينا ولاشك ، رشاد وسعاد وجواد، ونزيهة...فهل كنا سنكون فنانين دون سليم؟ هل كنا سنفكر بالالوان والاوراق والخطوط كادوات نعبر بها لو لم نجدها جاهزة امامنا؟! اني اذكر اسلوبه في تصحيح رسوم طلابه..ولعلها كانت اول تجربة واعد لها فلا تقييم الصور.. كان يجمع الصور في مجاميع مختلفة ومتدرجة حسب صلاحيتها ثم يضع الدرجات على تلك المجاميع،وكان يقوم بتصليحها وقد كانت سعاد وجواد يساعدانه في ذلك.. وقد فهمنا من ذلك النظرة العادلة الصائبة المقارنة عندما ننظر الى اي عمل فني. *عندما رأى ولدي رشاد صورة والدي الشخصية التي رسمها على المرأة بالبزة العسكرية و(النياشين) على صدره اصابه الغرور فسألني في اية معركة نال جده هذه الاوسمة، فاجبته مبتسماً ان والدي كان انسانا مسالما طيبا وقد منع الطبيب التركي ارساله الى الحرب قائلاً ان هذا الانسان لن يطلق بارودة على احد لو كان عدواً له، فما هذه المداليتين اذا؟ سأل ولدي مستغرباً.. انهما مداليتان نالهما في الرسم والخط..اجبت ولدي مختالا واحسست بأنه قد فهم شعوري وازداد تقديراً لجده. واذكر بهذه المناسبة ان الفنانين البولونيين عندما جاءوا الى بغداد اثناء الحرب العالمية الثانية قد عجبوا جدا بهذه الصورة واعتبروها من انجح الرسوم الشخصية..وقد اعتز بها جواد دائما.. كما اعتز بها الان. *واذكر انه علمني بادئ الامر كيف اكبر الصور بالمربعات وقد طلب مني ان اكبر صورة الشيخ محمد عبده وصور محمود كامل نصير المرأة (كذا) ليضعها في مدرسة التفيض ولا ادري ان كانت ما تزال هناك! كما علمني كيف (اجر الخط المستقيم) بان اسحب القلم من اليسار الى اليمين على ان اقطع نفسي حتى انتي من ذلك، كما علمني كيف اظلل واقيس الاحجام. *كان قد حكم عليه بالاعدام في تركيا لاشتغاله بالقضية العربية ومساعدته للعرب الذين كانوا يودون الهروب من تركيا بطرقة سرية وعند محاكمته رفض ان ينكر عروبته وقد عملت والدتي على الافراج عنه وابعاده بكتابة عريضة الى اتاتورك –زميله في الكلية العسكرية – انها لم تكتب العريضة بنفسها الا انها كانت قد املتها على احدهم وسألته ان يكتب كل ما تقول.. وقد زارته في السجن وكنت انا طفلا رضيعا فقرصتني لتجلب انتباه السجان قائلة انني ابكي اذ ان موعد رضاعتي قد حان، وعندما دخلت الزنزانة وجدته يعقد اطراف شرشفه الذي مزقه لينتحر! فقد كان الانتحار عنده اجدى من السجن او الاعدام..وهكذا كان لقاء العائلة على سطح السفينة في البسفور.. عند وصوله بغداد عام 1925 -1926 طلبوا منه المشاركة في تاسيس الجيش العراقي فرفض لي حينه قائلاً: انه لن يعمل في جيش انكليزي ولكنه عمل في تاسيس مديرية النفوس العامة التي بقي يعمل فيها الى النهاية وقد طلبوا منه في اواخر ايامه ان يرشح نفسه للنيابة فرفض ، توفي عام 1942. *ما كان يحتفظ برسومه وا
ورقة مطوية من ذكريات الفنان :نزار سليم يكتب عن والده
نشر في: 4 إبريل, 2010: 04:28 م