وديع غزوانمرة اخرى ترتقي القوى السياسية في إقليم كردستان الى مستوى مسؤولياتها امام مواطنيها ,عندما غادرت مواقفها الخاصة وتخلت عن الاختلاف في وجهات النظر بشأن القضايا الداخلية , من اجل المصلحة العامة..
فاتفقت مجتمعة على ترشيح جلال طالباني لولاية رئاسية ثانية وعلى ان تكون كتلة واحدة في مجلس النواب القادم , خطوة لانظننا نغالي اذ وصفناها بالمباركة.ان اتفاق القوى الكردية الفائزة الذي اعلنه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني يعد نقطة تحول كبيرة في مسار العمل السياسي الكردستاني بما يؤسس له من علاقات جديدة بين اطراف المعارضة والحكومة مبنية على مبدأ التحاور الايجابي الذي يتجه لتعميق التطبيق الديمقراطي وتجذيره , دون ان يعني ذلك احتواء قوى المعارضة وتفريغ دورها في ممارسة النقد البناء , بل على العكس فان هذا الاتفاق سيكون فرصة مناسبة لكل كتلة سياسية لمراجعة مسيرة المرحلة الماضية بكل مافيها من ايجابيات و سلبيات , خاصة فيما يتعلق بالعلاقات التي شابها التشنج بين عدد من الاحزاب الكردية وانعكست بالتأكيد على المواطنين بهذا الشكل اوذاك .في الجانب الاخر ربما يكون هذا الاتفاق درساً اخر للقوى السياسية في العراق بشكل عام لمراجعة ادائها وفتح صفحة جديدة من المشاورات بشأن تشكيل الحكومة الاتحادية القادمة , مشاورات تتسم بالصراحة والوضوح لتشكيل تحالفات قاعدتها الاساسية الثقة المتبادلة , والتي كانت غائبة عن طبيعة العلاقات بين اقطاب العملية السياسية منذ 2003حتى الآن .لقد كنا واثقين من قدرة القوى السياسية الكردية على تجاوز خلافاتها وتركها وراء ظهورهم لصالح التجربة الكردستانية والوصول الى نقاط تفاهم مشتركة فيما بينها , واشرنا الى ذلك في اكثر من مقال , حتى قبل اعلان النتائج شبه النهائية للانتخابات وارتفاع درجة سخونة الخلافات بين الكيانات الكردية التي اججتها وزادت من حدة سعيرها الدعاية الانتخابية , علاوة علىتصرفات فردية غير مسؤولة من قبل هذا الطرف او ذاك . ان اجتماع الرئيس بارزاني بقائمة التحالف الكردستاني وقائمة التغيير وقائمة الاتحاد الاسلامي وقائمة الجماعة الاسلامية , وقرارها الجماعي بتشكيل وفد موحد لإجراء المباحثات مع القوائم الفائزة الاخرى, دليل آخر على صحة النهج المعتمد في إقليم كردستان لتعميق المفاهيم الديمقراطية , رغم ما شابه او ما قد يعتريه من اخطاء مردها اجتهادات فردية لاعلاقة لها بالخط السياسي العام او بحرص المسؤولين في الاقليم على ترسيخه , من خلال تقوية صوت المعارضة الصادقة التي تضع نصب عينيها المصلحة الكردستانية فوق اي اعتبار آخر , بعيداً عن اتباع سلوكيات هدفها تصيد الاخطاء .ولعل من المناسب هنا ان نحيي الجهود الخيرة التي اثمرت عن هذا الاتفاق الذي نأمل ان يكون مدخلاً لمراجعة جميع القوى والاطياف السياسية الاخرى في غير إقليم كردستان , مناهجها الحوارية في ما بينها , التي غلب عليها طابع التوافقات المصلحية , التي كانت غير قادرة على مواجهة اي عاصفة تتعرض لها .
كردستانيات :خطوة مباركة
نشر في: 4 إبريل, 2010: 05:45 م