TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > التنمية الاقتصادية وجدلية القطاعين العام والخاص

التنمية الاقتصادية وجدلية القطاعين العام والخاص

نشر في: 5 إبريل, 2010: 04:32 م

. ايسر ياسينيدور في فلك السياسة يومنا هذا صراع شرس بين فكرين يبدوان من اطارهما الخارجي متناقضين بالكامل ويقعان على تناقض كامل، الاول هو ذالك الذي يدعو الى التصرف بالقطاع العام بالكامل على اعتباره من بقايا اطار فكري سابق قام على الاشتراكية،
 والثاني يدعو الى دور حكومي اكبر في مجالات الحياة العامة بعد ان اثبت القطاع العراقي الخاص عجزة عن مواكبة آليات السوق التي دعا لها.إن التحليل الماركسي يقوم، كما هو معلوم، على استخدام قوانين الفلسفة في تفسير تطور المجتمعات. والفلسفة الماركسية انطلقت من كون الفلسفة تفسر التطورات في المجتمع لتصل إلى أن الفلسفة تعمل على تغيير المجتمعات ولكن وفقاً للضرورات وليس للرغبات. فقد أشار كارل ماركس إلى أن انتقال المجتمعات الإنسانية من تشكيلة اقتصادية اجتماعية إلى أخرى أعلى منها مرتبط أساساً بوجود تناقض بين مستوى تطور القوى المنتجة وبين علاقات الإنتاج السائدة في المجتمع بحيث تتحول هذه الأخيرة إلى كابح للنمو الاقتصادي مما يجعل الانتقال من أسلوب الإنتاج القائم إلى أسلوب إنتاج آخر متقدم عليه ضرورة اقتصادية للإفساح في المجال أمام تطور القوى المنتجة وزيادة مستوى النمو. وأعتقد أن الماركسيين الذين تولوا قيادة بعض البلدان لم يحسنوا قراءة ماركس اقتصادياً وأخذوا فقط بمقولة ديكتاتورية الطبقة العاملة سياسياً فقط غير منتبهين إلى مقولة ماركس إن ديكتاتورية الطبقة العاملة تقود إلى أن تأمين مصلحة الطبقة العاملة تعني بالضرورة تأمين مصالح الطبقات الأخرى في المجتمع.إلا ان الماركسيين ذاتهم لم يحسنوا قراءة المنشور الذي أعده فريدريك إنجلس تحث عنوان: مبادئ الشيوعية بمثابة صيغة بديلة للبيان الشيوعي «المانيفست». في مبادئ الشيوعية ركز أنجلس على الجانب الاقتصادي وحدد شروط انتقال المجتمعات الضعيفة النمو إلى الاشتراكية بطريقة تشجيع نمو القطاع الخاص حتى يصل الطابع الاجتماعي للعمل في مشروعاته إلى مرحلة التناقض مع الطابع الفردي لتملك هذه المشروعات. لم يحدد أنجلس مدة محددة للتحوّل، بل أشار إلى المعيار، ولكنه في ذات الوقت أكد على إسهام المشروعات الخاصة في تنمية المجتمع وتطوير القوى المنتجة سواء بإدخال تكنولوجيا متقدمة أو بدفع ضرائب تصاعدية لتمويل الخدمات العامة الضرورية لتطوير المجتمع.والخلاصة إن أي نظام اقتصادي اجتماعي لا يقود إلى تحسين النمو الاقتصادي عما كان في النظام الذي حلَّ محله يفقد مبرر وجوده اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. إن مثل هذا النظام يمثل انتكاسة وليس ثورة مهما كانت التسمية التي يتخذها لنفسه، وهو الامر الذي ينطبق الى حد كبير على الواقع العراقي، ففي الوقت الذي تم احلال نظام السوق بصورة قصرية على الواقع الاقتصادي العراقي شهد ذلك الواقع ظهور آليات للسوق الاحتكارية عملت على تهميش الفرد العراقي وابتزازه لمناسبة ومن دون مناسبة.ثم لماذا نحتاج إلى تحليل النظرية الاشتراكية والأخطاء التي ارتكبت في تطبيقها في الواقع العراقي ولا نستقرئ تاريخ الدول الصناعية المتقدمة ونتعرّف كيف صنعت تقدمها الاقتصادي والاجتماعي؟ فمازال للقطاع الحكومي في فرنسا دور غير صغير نظراً لأن القطاع الخاص على سعته وتوسعه مازال لم يشغل كل مساحات الاستثمار والنشاط الاقتصادي. في الولايات المتحدة الأمريكية وفي المملكة المتحدة كان للقطاع العام دور غير قليل في تنشيط الاقتصاد حتى أنه يمكن التأكيد أن في كل الدول الصناعية لعبت الحكومات والقطاع العام دوراً كبيراً في توضع آلية السوق ومن ثم وبعد أن أصبحت آلية السوق فعالة فعلاً توسعت أعمال القطاع الخاص أو نمت خصخصة مؤسسات القطاع العام. وحتى في الدول الليبرالية جداً مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة لم تجرِ موجات خصخصة مؤسسات القطاع العام إلا في الثمانينيات من القرن العشرين المنصرم في عهد رئاسة رونالد ريغان ورئاسة وزارة مرغريت تاتشر.ثم يجب عدم إهمال ضرورة التفريق بين القطاع العام والتوجه الاشتراكي فالكثير من الدول الرأسمالية بنت قطاعاً عاماً نشيطاً جداً من أجل دعم النمو الاقتصادي. كان القطاع الخاص في بداية التراكم الرأسمالي الدولي وحتى في مرحلة متقدمة يحجم عن دخول بعض الأنشطة بسبب الكثافة العالية لرأس المال وعدم قدرة، وأحياناً رغبة، القطاع الخاص في ولوج هذه الأنشطة، لولا تصدي الحكومات لإقامة مثل هذه الأنشطة لما تمكنت هذه الدول من بناء اقتصاد سوق متقدم يمكنه توجيه الموارد المتاحة بناء على آلية السوق. لقد تحمل الكثير من الحكومات خسائر كبيرة في تمويل مشروعات وقطاعات أساسية للاقتصاد الوطني ومن ثم نقلت ملكيتها للقطاع الخاص عندما قوي عوده ووضعت آلية اقتصادية سليمة لتفعيل قوانين السوق.إذاً لا يجوز الخلط بين القطاع العام الاقتصادي والاشتراكية لأن المهم يكون في الدور الاقتصادي والاجتماعي الذي يعطى للقطاع العام. ففي دول الحرية الاقتصادية يكون القطاع العام لتسهيل النمو الاقتصادي وتهيئة المناخ لتطور القطاع الخاص ويبقى مع هذا قطاعاً عاماً وملكية حكومية.والغريب أن الدول الصناعية المتقدمة التي بنت تقدمها على أساس من التدخلية والحماية وتقو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram