عبدالله السكوتي لقد عاصرنا سنين عجافا في زمان النظام السابق، كانت المطاردات على اللحى كما يقولون، والكثيرون لم يسلموا على لحاهم ؛ فقد ذكر ان رجلا على باب الله يكسب قوته يوما بيوم ، طرق بابه عدة مرات ورأى الرفاق امامه يطالبونه بالحضور الى الفرقة الحزبية ،
ذهب وانتمى للحزب بالاكراه ، من بعد ايام حضر نفس الرفاق ليبلغوا صاحبنا بانه يجب ان يذهب في قاطع للجيش الشعبي ، واقتادوه ليتسلم الاغراض ، تسلم مااعطوه وعاد الى امه وضع الكيس (الكونيه) امامها وقال: غدا تسلمين هذا للفرقة الحزبية وانا راحل عن بغداد ، رحل المسكين الى احدى المحافظات ، وذهبت والدته في اليوم التالي الى الفرقة الحزبية لتسليم البدلة العسكرية وملحقاتها ، دخلت الى الفرقة فاستقبلها الرفيق ، فقصت عليه الحكاية من ان ابنها على باب الله وقد سافر في طلب الرزق ، اعطته كيس الاغراض فقال لها : والمبادئ والقيم ؟ فقالت (يمه حطيتهن بالكونية وحطيت البسطال فوكهن).نحن نستذكر معا الايام التي اعطتنا الخوف والموت ، ولكننا لم نزل نحيا بالخوف والموت ، لتبقى المبادئ والقيم على حالها في (الكونيه) وفوقها (البسطال) ، هذه المرأة الساذجة استطاعت ان تحدد ان النظريات طالما حظيت بعد التطبيقات بالفشل وهذا كلام عام لايشمل البعث او غيره وانما يتناول جميع الحركات والاحزاب ، ربما تأتي النظرية وتصاغ بصورة جيدة وبمجرد ان يمر زمن عليها وتتعاقب عليها العقليات والشخوص حتى تأتي بمراحل فشلها متسلسلة وهكذا ، لتبقى المبادئ والقيم مجرد كلمات كغيرها نتكلم بها ونؤمن بها لكن التطبيق ينسف كل شيء ؛ اين المبادئ والقيم وكل واحد يرى نفسه انه صاحب الحق وغيره من دعاة الباطل ، اين المبادئ والقيم مما يفعل بالشعب من قتل وذبح وفتك ، اينها والشعب تسرق ثروته لتصبح خلال ايام في جيوب امتلأت وضاق بها المكان؟! لو اردنا ان نبحث عن المبادئ والقيم في تطبيقات الساسة لفعلنا مثل ما فعلت (الحجيه) ولكن نحن نمتلك من الصبر والامل مالايمتلكه اي شعب من شعوب العالم ، ولا ادري الى متى سيطول بنا الصمت لنرى اشلاءنا موزعة على الجدران ، ودماءنا تسقي الاسفلت المتهالك الذي اصبح خرابا هو الاخر. المبادئ والقيم التي تداس بالارجل ، هي سبب الفساد المالي وهي سبب الموت والدمار الذي يعيشه العراق حاليا ، من المستحيل ان يكون الموت بهذا الحجم اذا ماتوفر رجال لديهم مبادىء وقيم ، والا ماذا تسمي الوضع الامني الهش جدا الذي نحياه حاليا والمتمركز في بغداد ، دونا عن جميع المحافظات ، أنسميه سباقاً انتخابياً ايضا؟ ولكن كما قالوا:(كلمن يمشي باللي يصرفله) وهذا ما قاله ابو الجنيب حين عابوا عليه مشيته ؛ فقد حكي ان (ابو الجنيب، السرطان) يسمى كذلك لانه يمشي الى جانب بخلاف البقية ، التي تمشي متجهة الى الامام حتى قال عنه عبود الكرخي:(لان طبعك افحج افلج/ مثل ابو الجنيب اعوج)وقال كذلك : (بهذا الوطن حظك كسد/ وبكصتك ماظل سعدتشبه ابو الجنيب ابد/ وابد ماتمشي عدل)ويقول البغداديون سئل ابو الجنيب (ليش تمشي اعوج) ، فقال (كلمن يمشي بللي يصرفله) ؛ وما اكثر ابو الجنيب في عراقنا الجريح ، (ويمشون باللي يصرفلهم).
هواء فـي شبك :(المبادئ والقيم)
نشر في: 6 إبريل, 2010: 08:46 م