اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > تشيخوف.. قصص ومسرحيات شكلت ملحمة انسانية

تشيخوف.. قصص ومسرحيات شكلت ملحمة انسانية

نشر في: 9 إبريل, 2010: 04:15 م

ايليا ايرنبورغترجمة/ د. ضياء نافعبان نتاجات تشيخوف كلها تبدو لي وكأنها رواية واحدة، واردت ان اضيف رأسا، او ملحمة شعرية واحدة، ولكنني ترددت، اذ سيقولون: بالطبع، توجد كثير من الشاعرية في مسرحياته، ولكن هل يمكن –بدون ان نضحك- ان ننسب الى الشعر قصصاً مثل "حكاية مملة" ،
"ردهة رقم 6"أو حتى "انسان داخل محفظة"؟ وأول المعترضين سيكون انطون بافلوفيتش نفسه، فعندما تجرأ بونين ان يتكلم معه عن الشعر، ياسيدي العزيز، هم هؤلاء الذين يستخدمون كلمات مثل "البعد الفضي" او "اكورد" أو "الى المعركة الى المعركة في النضال ضد العتمة! لقد كان تشيخوف يسخر ولهذا فان بعض النقاد الان يمكن ان يصابوا بالحيرة ، اذ لماذا اذن اطلق على تلك القصص الواقعية جدا اسم: الشعر،rnهذه القصص المنتزعة من صميم الحياة الروسية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي؟ لقد اسمي غوغول رواية الارواح الميتة" – قصيدة ملحمية، ولم يتعجب احد: اولا لأنهم تعلموا ذلك في المدرسة، وثانياً لان الجميع يذكرون تلك الكلمات عن العربة الروسية وبقية المقاطع الوجدانية والعاطفية، وكذلك فأن ابطال تلك الرواية محاطون بتلك الروح الشاعرية ، كما هو حال العربة الروسية ، شعر تشيخوف مختلف: انه في الموسيقى الكامنة (لم اتعجب عندما قارن فرنسوا مورياك تشيخوف بموتسارت)، ان "النورس" و"الخال فانيا" و"الشقيقات الثلاث" ليست مسرحيات كوميدية كما كان يظن انطون بافلوفيتش، وليست مسرحيات دراماتيكية كما تقبلها – ولا زال يتقبلها – كثير من المشاهدرين ، وانما هي نتاجات شاعرية موسيقية بشكل غير اعتيادي، حتى التوقفات تنبض خلافاً لكل القوانين المسرحية، وحوار الحوذي مع الحصان في قصة "كآبة" الا يعتبر نموذجاً شاعرياً فذا؟ ورسالة الى الجد في القرية ، والثلج الذي تساقط لتوه في قصة "التوبة" وقراءة الجمل المعلقة من النهاية الى البداية، من قبل البطل الحزين في "حكاية مملة" ؟والمسألة ، مع ذلك ليست في تلك المقاطع التي تعتبر شاعرية نتيجة صياغتها اللغويةن اذ ان تشيخوف كان يتخلص بمرور – السنين – من اللغة المنمقة ويحتفظ بالبناء الشاعري والايقاع الداخلي في لغته الفنية، مؤكدا بأنه يتوجه نحو ابطاله كالكيميائي وقال بهذا الصدد: ان الانسان البسيط ينظر الى القمر ويتأثر للغاية، كما لو انه امام شيء ما مجهول ومخيف ويقع خارج ادراكه، اما العالم المتخصص بعلم الفلك فانه ينظر الى القمر بعيون مختلفة تماماً.." ان التوجه العقلاني والعلمي نحو المعاناة الانسانية لم يعرقل تشيخوف الشاعر، بل بالعكس تماماً، ساعده في شاعريته اذ انعدمت في شعره الاشياء المفتعلة قال عدة مرات بأن التعرف بالعلوم الطبية ساعده على فهم الابطال بسهولة ، ومن المدهش حقا، بان هذا الانسان الذكي استطاع ان يفهم ويعرض روعة بساطة الانسان وعفويته افضل من أي اديب رومانتيكي، في قصة "في الهاوية" تشاهد البطلة بشكل غير متوقع عربة نقل واثنين من كبار السن، وتسألهما: -انتما قديسان؟ -كلا، نحن من منطقة فيرسانوفا". لماذا تبدو هذه السطور رائعة هكذا ؟ من المحتمل لأن العجوز لم يندهش ، وانما اجاب ببساطة: نحن من منطقة فيرسانوفا...هذه مثلا قصة السيدة صاحبة الكلب الصغير، غوروف المتزوج والبالغ من العمر اربعين عاما، والذي يتوجه نحو النساء بشكل طائش ونزق، يتعرف في مدينة يالطا على سيدة ، ويظن بأن هذا اللقاء سيكون عابرا، ولكن "آنا سيرغيفنا وهو احبا بعضهما بعضا..كزوج وزوجة ، كأصدقاء رقيقين، بان القدر نفسه قد شاء ان يكون كل واحد منهما للاخر، وكان من غير المفهوم : لماذا كان هو متزوجاً وهي متزوجة، لقد كانا بالضبط كطيرين قبضوا عليهما واجبروهما ان يعيشا في قفصين منفصلين ، لقد سامحا بعضهما بعضا، ولم تعد موجودة تلك الاشياء التي يخجلان منها في ماضيهما وحاضرهما، وكانا يشعران بان حبهما هذا قد غيرهما.."ولنتكلم عن قصة اخرى، ولتكن، مثلا "حادثة من التطبيق" حيث يرى الطبيب مريضته ليزا ليليكوفا: "...كبيرة طويلة، غير جميلة تشبه والدتها، ذات عيون صغيرة، والجزء الاسفل من وجهها واسع واكبر مما يجب، شعرها بدون تصفيف، وكانت مغطاة حتى الحنك لقد اثارت عند الطبيب احساسا، بأنها انسان تعس كسيح  يثير الشفقة ، ولم يكن يصدق بانها الوريثة لهذه البنايات الضخمة" وفي هذه الاثناء جاءوا بالمصباح الى غرفة النوم. فضيقت المريضة عينيها وفجأة وضعت يديها على رأسها واخذت تجهش بالبكاء واختفى فجأة الاحساس بأنها انسانة كسيحة وغير جميلة، ولم يعد كورليوف يلاحظ  العيون الصغيرة او الجزء الاسفل من الوجه.. لقد كان يرى تعبير الالم.. وبدت له هذه المرأة رشيقة، ذات انوثة وبسيطة وكان يريد ان يمنحها الهدوء ليس بواسطة الادوية او النصائح وانما بالكلمة البسيطة المليئة بالحنان". انني لا احب الشاعرية في النثر، ولا الرغبة في تقريب القصة من القصائد ويبدو لي بان "اغنية الحب المنتصر" وقصائ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram