TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ما بعد العلمانية وامكانية تحقيقها فـي عالمنا العربي

ما بعد العلمانية وامكانية تحقيقها فـي عالمنا العربي

نشر في: 9 إبريل, 2010: 04:30 م

نجاح العليمازلنا في عالمنا العربي بين مؤيد ومعارض ومتحمس وناقم على العلمانية كاسلوب حياة واسلوب حكم في مجتمعات تتميز بالتنوع الديني والمذهبي والفكري والثقافي والاثني.. بينما نجد ان اتجاهات فلسفية وفكرية تتجاوز العلمانية لما بعدها امثال هابرماز ورث وهو الفيلسوف الاول في العالم بعد نيله مؤخرا جائزة كيوتو للفلسفة باشارته الى مجتمع ما بعد العلماني،
ومحاولته اشاعة مصطلح (تلسين المقدس) والذي يقصد به ان المفاهيم الحديثة من قبيل المساواة والعدل هي صيغ علمانية لمفاهيم دينية متأصلة وهذا ما نتفق معه ونؤيده ونعتقد بانه الاكسير والحل الناجع للقضاء على الكثير من مشاكلنا وبخاصة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي.ومن المهم الإشارة هنا إلى ان العلمانية نشأت في الغرب بشكل طبيعي نتيجة لظروف ومعطيات تاريخية، دينية واجتماعية واقتصادية وسياسية، خلال قرون من التدريج والنمو، والتجريب، حتى وصلت لصورتها التي هي عليها اليوم.. والعلمانية تعني ببساطة شديدة حرية الاختيار في الشأن الديني على المستوى الفردي.. والفصل بين المؤسسة الدينية والمؤسسات الدنيوية في الشأن العام.. اي بمعنى اخر فصل الدين عن ادارة الدولة.وتختلف الظروف التي نشأت فيها العلمانية وتكامل مفهومها عبر السنين اختلافاً جذرياً عن ظروف البلدان التي جلبت إليها جاهزة متكاملة في الجوانب الدينية والأخلاقية والاجتماعية والتاريخية والحضارية، كما هو الحال في الدول العربية ودول الشرق الاوسط مثل تركيا، فالشرط الحضاري الاجتماعي التاريخي الذي أدى إلى نجاح العلمانية في الغرب مفقود في بعض البلاد الإسلامية، بل فيها النقيض الكامل للعلمانية، ولذلك كانت النتائج مختلفة تماماً.فقد أشيعت العلمانية في اوربا وانحسر الدين بشكل تدريجي طيلة ثلاثة قرون من الصراع الفكري قام باثارته نيوتن بتفاحته التي اثبتت الجاذبية وغاليليو وتلسكوبه الذي اثبت ان الارض دائرية ومارتن لوثر ومواقفه الجريئة ضد ألوهية وتقديس الكنيسة.ومنعا لسوء الفهم انا لست ضد تقديس الدين بل ضد تقديس وتأليه رجال الدين.. وهذا ما اشار اليه القرآن الكريم في اكثر من موضع.. والذي اكد على التبصر والتفكر في الامور الدينية والدنيوية والنقاش والمجادلة بالتي هي احسن وفق المعطيات والاستدلالات المنطقية والعقلية لاقامة الحجة على الخصم.ومن المهم هنا الاشارة الى اتجاهين أدبيين وفكريين في منطقتنا العربية تأثراً بالعلمانية الأول كان يرفض كل ما هو قديم واعتباره من مخلفات عصور الظلام والتخلف، انطلاقا من مقولة هيجل (ان دقة العقل المفهومة التي تتسم بالتفوق قد تجاوزت الدين).. ومقولة ماركس الاكثر تشددا ومصادرة لحريات الاخرين ومقولته الشهيرة التي لا تخلو من الغلو والتشدد (الدين افيون الشعوب) واعتقاده ان الغاء الدين ومنعه شرط ضروري لرفاهية الانسان..وابرز رجالات هذه الاتجاه (أدونيس) و(البياتي) و(محمود درويش) و(جابر عصفور).أما الاتجاه الاخر فيسعى الى إعادة قراءة التراث من وجهة نظر عصرية وتأويله وتوظيفه بشكل يحقق مواءمة بين التراث والعصرنة وابرز رجالات هذا الاتجاه (محمد أركون) و (حسين أمين)، و(حسن حنفي) و(محمد عابد الجابري).والاتجاه الثاني اكثر مقبولية وقدرة على التحقق في عالمنا العربي الذي يتميز بتمسكه الشديد بتراثه وقيمه الدينية والاجتماعية على ان يقود هذا التيار شخصيات دينية وفكرية وادبية لها القدرة على الاقناع بالرجوع الى ادلة وحجج من تراثنا بدل التعكز والاستدلال بمدارس واتجاهات فكرية غربية لاتجد قبولا لدى مواطنينا الذين تتملكهم (فوبيا الغرب) ومؤامراتهم من اجل الاستحواذ على خيراتنا وقيمنا وغزونا ثقافيا وسياسيا.. وابرز مثال حاضر ونموذح يحتذى به حاليا تركيا التي تشترك كثيرا في خصوصياتها مع عالمنا العربي ونجحت فيها العلمانية دون المساس بالحريات الدينية او الاجتماعية بل ان من يقود العلمانية هم حزب اسلامي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram