عبد الحليم الرهيميبدأت حرب الإطاحة بنظام صدام في 19 ىذار 2003 وأنتهت في الأول من آيار من العام ذاته، عندما أعلن الرئيس المريكي بوش ذلك لكن يوم 9 نيسان الذي يقع بين هذين التاريخين، هو الذي بقي وسيبقى الأكثر تخليداً وحمل المغزى الكبير لتلك الحرب ذلك أن هذا اليوم الذي أطيح فيه بنظام الطاغية
صدام بالاسقاط الرمزي لتمثاله (أحد تماثيله) في ساحة الفردوس ببغداد، قد شكل تحولاً وحدثاً مفصلياً كبير الأهمية، في تاريخ العراق المعاصر، كونه مثل لحظة التحرير المنتظرة من نظام صدام وبشر، في الوقت نفسه بإقامة نظام سياسي جديد نقيضاً لذلك النظام وبناء دولة جديدة تختلف بشروط مقوماتها وطبيعة مؤسساتها عن تلك الدولة التي تأسست عام 1921 والتي شكل نظام صدام الحقبة الأكثـر سوءًاً في تاريخها.لقد تباينت آراء ومواقف الرأي العام العراقي والصربي والعالمي حول طبيعة هذا الحدث التاريخي الكبير بين مؤيد ومعارض بين من يصفه أو يعتبره تحريراً للعراق والعراقيين من نظام دكتاتوري دموي وفاتحة لنظام جديد نقيض له، وبين من يعتبره غزواً واحتلالاً.وإذا كان للتباين في آراء ومواقف الرأي العام العربي والعالمي، بمختلف اتجاهاته أسبابه ومبرراته وحتى مصالحه.. فأن للتباين في آراء ومواقف الرأي العام العراقي، بمختلف اتجاهاته أسبابه ومبرراته أيضاً لكن التي تختلف بالطبع عن تلك في الخارج في الدوافع والأهداف والمعايشة المباشرة مع الحدث، ومع ما قبله.ففي حين رأت وترى، أكثرية العراقيين ومن مختلف التيارات السياسية والعقائدية أن هذا الحدث كان تحريراً وأنعتاقاً للعراقيين والعراق من نظام دكتاتوري مستبد ودموي كانت تنتظره بفارغ الصبر، وتعتقد انه كان من الصعب أن لم يكن مستحيلاً، إطاحته بثورة شعبية داخلية أو انقلاب عسكري دون مساعدة من الخارج مهما كان الشكل الذي اتخذته فأن شريحة من العراقيين كان ترى غير ذلك، وتعتبر ذلك اليوم وحرب الإطاحة بصدام احتلالاً وغزواً غير مبرر وغير مشروع وينبغي مقاومته.وبالطبع فأن قسماً من هذه الشريحة ينطلق في موقفه هذا من قناعات ورؤى ايديولوجية وثقافية مسبقة معادية للغرب ولأمريكا بشكل خاص، ولا يثق بأقوالها وممارساتها وقد بقي هذا القسم من تلك الشريحة وما يزال على موقفه المعارض أو (المقاوم) للوجود الأمريكي في العراق وأن أتخذت هذه المعارضة نهج المقاومة السلمية بدلاً من المسلحة إضافة للانخراط في العملية السياسية الخارجية.أما القسم الآخر من هذه الشريحة فهو من فلول نظام صدام ومن المتضررين من الإطاحة به، سواء لأسباب ومصالح ذاتية وفئوية أو لأسباب سياسية و (عقائدية).لقد اتخذت معارضة ومعاداة هذا التيار في الأشهر الأولى التي تلت التحرير وأتخذ التغيير طابعاً سياسياً وإعلامياً للتشويش على عملية التغيير لعزلها باستقطاب من تستطيع استقطابه بدوافع سياسية أو طائفية أو مصلحية لكن هذا الموقف المعادي للتغيير والعملية السياسية، سرعان ما أتخذ أسلوب العنف واستخدام السلاح وممارسة الارهاب وبسبب توفر نواة محلية عراقية لقوى مسلحة وإرهابية مناوئة ومعادية للعملية السياسية بهدف اسقاطها او عرقلة مشروعها لبناء نظام سياسي ديمقراطي جديد، وجدت العديد من القوى والدول الاقليمية فضلاً عن المنظمات الإرهابية الدولية وفي مقدمتها (القاعدة).. وجدت ضالتها من تلك القوة المحلية لتقدم لها كل اشكال الدعم المادي والعسكري والمالي والإعلامي و(مجموعات الانتحاريين) لارسالهم الى داخل العراق.لقد تمكن هذا الحلف بين إرهابيي الداخل والخارج والذي استخدم كل وسائل القتل والتدمير وكذلك أساليب بث الفرقة والانقسام داخل نسيج المجتمع العراقي خلال السنوات 2005 وحتى 2007 أن ينهكوا المجتمع العراقي ويعرضوا التجربة الديمقراطية الجدية إلى الخطر، وأن يضعوا العراق على حافة اندلاع حرب أهلية طائفية مدمرة، لولا تمكن السلطة وبمؤازرة شعبية واسعة من الحد من احتمالات الحرب الأهلية ثم التمكن من تحقيق قدر كبير من الأمن والاستقرار في كل أنحاء العراق دون أن تقضي على الإرهاب وأعمال العنف بشكل تام بطبيعة الحال.لكن وفي ظل هذا المسار المعقد و(الدموي) الذي اتخذته عملية التغيير والأخطار التي واجهتها وكذلك في ظل الصراعات السياسية.. في ظل مخاضات كل ذلك، لم تفقد عملية التغيير التي أعقبت عملية التحرير مسارها وهدفها. فعلى الصعيد السياسي سارت عملية التغيير بمراحل فرضت الظروف والتطورات شكلها ومضمونها فمن مجلس الحكم كأفضل صيغة مناسبة لإدارة البلاد ما بعد التحرير، إلى تشكيل الحكومة المؤقتة لتعد وتمهد للحكومة الدائمية إلى تشكيل الجمعية الوطنية، ثم إجراء الانتخابات النيابية لثلاث دورات، تحققت الركائز الأساسية لنظام الحكم الجديد وقد رافق ذلك سن دستور دائم والمصادقة عليه باستفتاء شعبي لينظم الحياة السياسية والعلاقة بين مؤسسات الدولة من جهة وبينها وبين المجتمع من جهة ثانية.وخلال هذا المسار للتجربة الديمقراطية مارس الشعب حرياته الأساسية والعامة التي ضمنها الدستور، بدءاً من حرية التعبير عن الرأي وحرية الإعلام وحرية تشكيل المنظمات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني إلى حرية التجمع والتظاهر ومراقبة أداء السلطات وفي مقدمتها أداء ا
9 نيسان 2003: لحظة سقوط الفاشية وبداية التغيير
نشر في: 10 إبريل, 2010: 04:43 م