TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > الأَخَوان عواد ..تتبع..ومتابعة..رحلة العمر الجميل.. داخل عالم الثقافة

الأَخَوان عواد ..تتبع..ومتابعة..رحلة العمر الجميل.. داخل عالم الثقافة

نشر في: 11 إبريل, 2010: 04:36 م

حين ينتهي بك الدرج الى الطابق الثاني تستدير يسارا لتدخل في غرفة خاصة. ولا تملك نفسك، بعد ذلك، الا ان تجذبك الجدران الاربعة المغطاة بخزائن الكتب، ماذا تطلب؟ كل شيء موجود في التاريخ.. التراجم، الادب القديم، المعجمات كتب الحضارة ولعل من اطرف ما تقع عليه عيناك ان هذه الغرفة
 –المكتبة تضم، فيما تضم الطبعات الاولى القديمة التي صدرت عن مطبعة بولاق ، كالف ليلة وليلة، وكتاب سيبويه كما تضم الطبعات الأول للكتب العربية التي اصدرها المستشرقون ، وبعض تلك التي نشرت في كلكتا، في الهند، ككتاب "فتوح الشام" للواقدي ، ولعل اهم ما يلفت نظرك، وانت تنقل الطرف من جدار الى جدار، ان هذه "الغرفة –المكتبة تكاد تضم كل المؤلفات العراقية تقريبا او اهمها في الاقل.. تلك هي مكتبة الاديب ميخائيل عواد الذي هيأ لنا هذا اللقاء، معه ومع اخيه الاستاذ كوركيس عواد ايضا، وحين التأم شملنا في الغرفة المكتبة اخبرنا الاستاذ كوركيس عواد انه يحتفظ في بيته بمكتبة مشابهة، وارجو ان يدرك القراء منذ البدء، ان هاتين المكتبتين هما مكتبتان خاصتان اذ تحتوي مكتبة ميخائيل عواد كما افادنا، على خمسة عشر الف مجلد.لاندري ما الذي حدا بنا لان نسأل الاستاذ ميخائيل عواد في بداية لقائنا معه السؤال التالي: -ماذا هيأت لابنائك؟ ويبدو ان ميخائيل عواد كم يفاجأ بالسؤال ، اذ قال لنا مباشرة: -هناك زاوية خاصة في المكتبة تناسب الاطفال، وفي أحيان كثيرة يبحث الاطفال في المكتبة فيجدون ضالتهم فيما يشتهون من كتب دون ارشاد او نصح.. وليست المسألة بعد ذلك هي مسألة المكتبة بل هي هذا الجهد الذي يبذله الاخوان عواد في تهيئة مواد الدراسة للدارسين، انهما يذكراننا تماما باولئك المؤلفين العرب القدامى الذين اخذوا على عاتقهم جمع التراث وتهيئته والحفاظ عليه كأبن النديم، والصفدي وغيرهما: ومن هنا تأتي قيمة "الا خوين عواد" ولعل أهم شيء استطاعا ان ينجزاه معا، هو: مصادر دراسة المتنبي، هذا فضلا عن الجهود المشتركة التي قاما بها معا، وهي بشكل عام: الرسائل المتبادلة بين الكرملي واحمد تيمور، ابو تمام، الفراهيدي، مقامة في قواعد بغداد في الدولة العباسية لظهير الدين الكازروني، الفارابي، وهذه كلها منشورة إضافة الى ما ينتظر الطبع. اذن ما الذي حدا الأخوين ، عواد الى ركوب هذا المركب الوعر؟ يقول الاديب كوركيس عواد، كنت اميل الى دراسة الجغرافيا في مراحل عمري الاولى، فاشترك بالشهير منها، وفي الموصل كان المطران سليمان الصائغ (عم الشاعر يوسف الصائغ) يصدر مجلة اسمها "النجم" فكلفني مرة ان الخص كتابا اثاريا للمؤلف الاميركي (هـ. فرانكفور" وقد جعلني هذا الكتاب اتجه هذه الوجهة ، وقد تمكن هذا الاتجاه مني بعد تعييني امينا لمكتبة الاثار التي لم اجد فيها الا 804 كتب، ولا ادري ان كان يحق لي ان اقول ان ما تشاهدونه الان في المكتبة هو من عملي. اما الاديب ميخائيل عواد فيقول: "ربما لا استطيع الاجابة بشكل واضح، كنت احس بقوة دافعة خاصة، غير انني يمكن ان اشير الى اخي كوركيس ، فنحن نجتمع في ميادين كثيرة، ولكل منا اهتمام خاص غير ما هو مشترك بيننا، لقد التقينا في هذا الجهد، وفي المحبة والاخوة والتعاون وفي التاريخ امثلة على هذا كالخالديين، وابناء الاثير.. ثم يعلق الاديب ميخائيل عواد مستطردا: "من ينكر ان هذا الميدان يجمع بين خدمة الوطن والمتعة؟ فالتراث العربي يحتاج الى خدمة طويلة، فما قدم من خدمات اليه قليل جدا، ونحن مطلعون على جمهرة من المخطوطات قليلة، فكم يحتاج ما تبقى منها الى تتبع واهتمام ودراسات؟ لقد انتج العرب الشيء الكبير والعظيم وعلينا ان نكون مثلهم!"ولعل من اهم ما يجعلك تقف مبجلا لهذين الاخوين هو انهما يتسابقان في شراء الكثير حارمين عائلتيهما من كثير من ضروريات الحياة، لكن علينا ان نقول هنا: ان اكبر ضرورة للبيت هي المكتبة. وقد ربح الاخوان عواد، ما يظنه الاخرون خسرانا..  الاب انستاس الكرملي والاخوان عواد  كان للاخوين عواد صلة قوية بالمرحوم الاب انستاس ماري الكرملي (نسبة الى جبل الكرمل في فلسطين) فكيف التقيا به؟ وكيف توطدت بينهما اواصر علاقة حميمة؟ يقول الاستاذ كوركيس عواد: في عام 1934 طبعت كتابا باسم "اثر قديم في العراق" واهديت نسخة منه للاب الكرملي بعد اسبوعين، وصلتني منه رسالة شكر على هديتي، فشعرت بالامتنان، وفي صيف السنة نفسها قدمت بغداد، وكان روفائيل بطي يصدر الاخبار الاسبوعي فطلب مني ان اكتب عن "حمام العليل" ولما لم تكن مصادري كافية، استعنت بمكتبة الاب الكرملي، وقد توثقت علاقتي به عام 1936 وصرت ازوره في مجلس الجمعة الاسبوعي الذي كان يدأب على عقده ، وعندما التحق اخي ميخائيل ببغداد تعرف عليه ايضا، فامتدت بنا المسيرة الى ان توفاه الله.. كان يهدينا كتبه باهداءات تخجلنا، كان يكتب :الى ولدي بالروح؟ الى ولدي الفرقدين.. من طريف ما ارويه عن الاب انستاس ان المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون زار العراق  مرة وطلب من الاب الكرملي قائمة باسماء كتبه ومقالاته، فاغتم الاب الكرملي لانه لم يكن قادرا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram