عبد القادر البراك rnكان الحديث يدور في مجلس ضم بعض المعنيين بالادب والتاريخ حول المبادرة العظمى التي دعا اليها وتبناها واشرف على تحقيق مستلزماتها قادة الفكر في تلك المرحلة الماضية الخصبة والغنية بالجهود الفكرية والادبية فكانت المنطلق وكانت البوابة التي تشرق منها شمس لاتأفل ولا تنزوي وراء الظلمة والظلام فكان
لرد الجميل الى الخالد الذكر مؤسس الكيان العراقي المستقل الملك فيصل الاول باعادة تمثاله الى مكانه ، والى تجديد المقبرة الملكية وبعض القصور والمعالم التي تذكر العراقيين بان ارض السواد لم تخل في يوم من الايام من الرجال الذين يردون عنه عوادي الاعداء ويجددون البناء تلو البناء برغم قساوة ما يواجهون من النوازل وآية ذلك ما اضطلعت به اقلام الفكر من اعمال خوالد صانت كيان البلاد من اخطر العوادي التي كانت تشل كيانه وتتخطاها بعدوانها على جميع انحاء الوطن العربي. *وقد تشعب الحديث عن مواهب الملك فيصل فأنثال من ذاكرتي الكليلة بعض ما ارتسم فيها من ذكريات عن علاقات الملك بعدد كبير من رجال الفكر والادب والشعراء في العالمين العربي والاسلامي.وكيف انه استطاع نوال واكبار وتقديرهم بما لمسوه من مواهبه المتمثلة في استيعابه لكل من الرأي وقويم من التوجيه واستعداده الفطري للبناء في جميع مجالات الحياة، وكونه من الملوك والحكام الذين ترتفع نفوسهم عن طي ما لا يظهره من العواطف والانفعالات. واستغرب بعض من استمعوا الى ذكرياتي ان يكون الكثير منهم لايعرفون عن علاقة الملك فيصل بامير البيان شكيب ارسلان، وبامير الشعراء احمد شوقي وعميد الادب العربي وبالشاعر الكبير الاخطل الصغير بشارة الخوري وبفيلسوف العريكة امين الريحاني وبالزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي، وبكباررواد الصحافة العربية من امثال معروف الارناؤوط صاحب (فتى العرب) ونجيب الريس صاحب جريدة (القبس) وبشاعر الهند طاغور وبكثير غيرهم مما لايتسع المجال لذكرهم.فعلى الرغم من ان امير البيان شكيب ارسلان كان من خصوم الثورة العربية التي اعلنها الشريف حسين في التاسع من شعبان ضد الحكم التركي، فان الملك فيصل لم ينس فضله ولم ينكر عليه موقفه لانه يعتقد ان الامير شكيب لم يكن ضد (اهداف الثورة) وفي مقدمتها تحرير الامة العربية من سيطرة الاتحاديين ولكنه كان ممن ينكر الاستعانة بالبريطانيين على الدولة العثمانية التي تمثل الخلافة الاسلامية ولعلهم ليسوا افضل من الاستعمار الذي سيتحرر منه العرب بثورة شعبان. *وكان الملك فيصل الى اخر ايامه يزور الامير الارسلاني في منفاه الاختياري بجنيف، واذكر ان الاستاذ رفائيل بطي ذكر في مقاله عن هذا الامير قائلاً (ان الملك كان يتناول الطعام في بيت ارسلان بجنيف وقد وجد صاحب الدار ان المنديل الذي في يد الملك (مرفو) فقال (ان المنديل مرفو ياسيدي ولكنه نظيف) فاجابه فيصل على الفور (انه نظيف مثل يدك وخلقك) وقد كسبه الملك للدفاع عن القضايا العراقية في الصحف العالمية وكان اقوى دفاع ، كما كانت لفيصل مثل هذه العلاقات مع اخيه رجل السيف والقلم الامير عادل ارسلان وكان الملك يستعذب شعر بشارة الخوري (الاخطل الصغير) ويتفقده حتى ان الاخطل ذكر في مذكراته التي كان ينشرها في جريدته (البرق) ان الملك في رعايته له كان مثل الخليفة عبد الملك بن مروان في رعايته للشاعر (الاخطل الكبير). *وكانت بغداد في عهده مركز تجمع لزعماء الحركة الوطنية في الوطن العربي ممن لم يستطيعوا البقاء في اوطانهم امثال عبد العزيز الثعالبي الذي اختاره فيصل للتدريس في جامعة ال البيت وكان صلة الوصل بينه وبين كبار ادباء وشعراء العراق، وكذلك مع الفريق عزيز علي المصري الذي سكن في بغداد مدة من الزمن وكان الملك يريد ان ينصب له منصبا مهما ولكن (دوبس) واركان المندوب السامي البريطاني حالوا دون تحقيق هذه الرغبة!وخلال زيارة الملك الى اورربا تعرف على امير الشعراء احمد شوقي فأنس الشاعر من لطف الملك ما استشعر به من قصور وندم على مهاجمته للهاشميين في حكم الحجاز وحين وصل فيصل الى القاهرة تمهيدا لتتويجه ملكاً على العراق دعاه شوقي الى (كرمة بني هاني) كما ان اول من وجه اليه دعوة لزيارة العراق ولم يلبِ الدعوة لخشيته من ركوب الطيارة، ولكن حقق الملك فيصل ما ازال به تأثره منه وذلك بنظمه اروع قصيدة في رثاء: يا شراعاً وراء دجلة يجري/ بدموعي تجنبتك العوادي والتي يقول فيها عن الشعب العراقي:امة تنشئ الحياة وتبني/ كبناء الابوة الامجاد تحت تاج المهابة/ والملك على فرق اريحي جوادملك الشط والفراتين / والبطحاء اعظم بفيصل *كما كانت للملك فيصل مثل هذه العلاقة مع عميد الادب العربي طه حسين والكاتب العملاق عباس محمود العقاد وقد التقى باولهما فكتب عنه اروع المقالات حيا وميتا ودعا العقاد لزيارة العراق والمكوث فيه للتدريس في المعاهدة العراقية الا ان العقاد –كما يقول – خشي ان يلبي الدعوة لوجود قانون يجيز للسلطة نزع الجنسية من المصري. اذا غادر البلاد واقترن بمغادرته عمل يوجب عليه العقوبة. وكان العقاد مغضوبا عليه من الملك فؤاد فآثر البقاء في مصر واناب عنه الزيات للتدريس في العراق.rnجريدة البلد اذار 1964
فيصل الأول.. وعلاقته مع الأدباء والشعراء
نشر في: 11 إبريل, 2010: 04:42 م