TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > لام ابيض:أيـــن القطـــار؟

لام ابيض:أيـــن القطـــار؟

نشر في: 11 إبريل, 2010: 06:03 م

كريم محمد حسينمثلما يفعلها وهو يغادر المحطات، فإنه ينساب في ذاكرة النسيان للراكب الذي اعتاد أن يصول ويجول في عرباته العديدة، واعتاد ايضا تلك الخطوات الثقيلة التي تجوس الحقول، وتقطع المساحات الشاسعة من صحراء العراق، ومدنه الواقعة على مسيرة السكة الطويلة، نتذكره وهو يلتهم المسافات، نتذكره ونحن نسمع - ياس خضر-
ويرجع الحنين وتلك اللوعات، نتذكره في الوداع واللقاء، ونتذكره ايضا عندما كان ينقل الكبريت ، والمهم هنا هو ان نراه يسير حتى وان بدا متثاقلا سواء أكان ينقل وقودا ام بضائع ام كبريتا، كلنا رغبة وتوق لأن نراه يتعافى وينساب في ذاكرة التغيير في العراق بحلته الجديدة، كون القطار في العراق له تأريخ طويل وعمره من عمر تأسيس الدولة العراقية، ومرت على طول سكته احداث كبيرة، وارتفعت على سطوح عرباته رايات لثوار نجلّهم ونستذكر بطولاتهم ، مر القطار بمراحل من التطور مع تطور الزمن لكنه الآن واقف في محطته الاخيرة، ولايريد ان يبارحها وبدأ يعلوه الصدأ وتآكلت مفاصله بعد ان غابت عنه يد العمل والصيانة، ونهبت أوصاله ايام النهب الاولى بعد التغيير، ويبدو هنا و لدى المعنيين بشأنه انهم تركوه واهملوه بحجج كثيرة وكلها غير مقنعة، فإدامة السكة هي من صلب العمل ومن ضمن الموازنة التشغيلية لقطاع السكك، اما القاطرات والعربات فهي لاتحتاج الى تلك التخصيصات الكبيرة حتى يترك القطار واقفا، الا من بعض المرات لغرض الفحص، نراه يسير عبر شوارعنا بعد ان فقد هيبته، وراحت ايامه حين كان تتوقف له السيارات وتعمل بأمرته اشارات المرور ، والمضحك المبكي نشاهده اليوم يقف صاغرا لاشارة شرطي المرور، اواي اشارة من احد المارة لتمر سيارته بينما القطار واقف على عتبة الحيرة من تقلبات الزمن وانتشار الاهمال الممنهج واللامبالاة، بما يفرزه العالم من تطور وسرعة في تلقف التكنولوجيا والعمل بها ،اما اليوم فجميعنا  نتمناه ان يعود ويعود (الريل وحمد) نتمنى ان يرجع العمل الحقيقي وتلتفت الجهات المعنية لهذا المفصل المهم والشريان الذي يغذي مشاريع الاعمال ونقل الطاقة والبضائع، وحركة الناس في الرواح والمجيء، وعلى المعنيين بشأنه ان يأخذوا بسكته لتصل الى ابعد نقطة من مساحة الوطن، لأنك وانت تراه يسير ويقطع المسافات، تشعر بأن هناك حياة وتواصلا وعملا وهناك نهضة وعمرانا حينما  يطلق صفارته، وهو يمر عبر المدن ويذرع المسافات محملا بالركاب والبضائع، نتمناه أن يعود ولا يدفن في ذاكرة النسيان .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram