عامر القيسيلا التجارب المعاصرة تنفع البعض ، ولا تجارب التأريخ تذكر البعض الآخر ، ان المراهنات على جياد تعدو ضد حركة الناس والتأريخ والمنطق ، سوف لن يحصدوا منها سوى خيبة الأمل.قبل المؤتمر المزمع عقده في اسطنبول عن مايسمى بـ "المقاومة" ، سمعنا وشاهدنا حراكا وحركة ، في عواصم عربية واقليمية ضيفت ندوات ومؤتمرات ومشاورات ،
كان الغرض منها ركوب موجة العنف والارهاب وحصد المغانم السياسية من عمليات قتل الناس الابرياء. وتعددت الاسماء الرنانة والطنانة ، اسماء استلهمت التأريخ العربي والاسلامي، لايهام الآخرين أن في الأمر "مقاومة" ، وتطايرت التوصيفات عن "المستنقع " العراقي، "المأزق " الاميركي، "عملاء "المحتل" ، لاجل تسويغ وتسويق مفردة المقاومة ، ومن دون تنظيرات،فان المشهد السياسي العراقي يبين بكل وضوح ، ان الطريق الذي يسير فيه الشعب العراقي وعمليته السياسيه ،هو غير الطريق الذي يريد "المقاومون" سوقه اليه ، بحجة طرد المحتل الامريكي !الانكليز خرجوا من الهند ،دون ان يدفعوا ما دفعنا حتى الآن من ثمن باهظ .التيار الصدري عندنا كسب في العمل السياسي اكثر بكثير مما كسب في العمل المسلح على مستوى الجماهير والنتائج الانتخابية . الحكومة العراقية وقعت اتفاقية مع الاميركان ، باعتراف الجميع ، هي افضل من كل اتفاقات واشنطن ،مع دول تتشابه ظروفها السياسية وتعقيداتها مع ظروفنا .الراحل ياسرعرفات حصل من الاسرائيليين بالمفاوضات اكثر مما لم يحصل عليه من حمل السلاح لاربعة عقود من الحروب والقتل والدمار.تجارب كثيرة وتغيرات في المهام السياسية والتأريخية والجو الدولي العام ، أشّرت إلى ان الطريق للحصول على مكاسب ،على مستوى التحرر السياسي والنمو الاقتصادي ، بالامكان الحصول عليها من الآخر " المحتل " عن طريق الحوار وتشديد اللحمة الوطنية ووضوح الاهداف . ولو كنّا منذ سقوط الدكتاتورية ، نحمل مشروعا وطنيا موحدا وواضح الاهداف وواقعياً في نفس الوقت ، لما كنّا اليوم نتحدث عن اميركان واتفاقات وآخر جندي.. الخ . لقد اضعنا فرصة متقدمة لكننا امسكنا بها في اللحظة الاخيرة قبل ان تفلت من بين أصابعنا .ورغم كل الحقائق على الارض العراقية ، ما زال البعض موهوما بـ "مقاومته" مجردا ايانا من صفاتنا الوطنية ، محتكرا اياها لنفسه ، ولو سايرنا منطقهم ، فان الغالبية العظمى من العراقيين هم من العملاء ، المسؤولون بالدرجة الاولى ،ثم الجيش والشرطة وهما يحميان المواطنيين من غدر الارهابيين ، ثم الموظفون من موظف الاستعلامات الى الوزير، وعلى رأس كل هؤلاء مجلس النواب الموقر الذي انتخبه الشعب العميل.هذا هو المنطق وهذه هي السياسة وهذا هو طريق التحرير!!ان تركيا الجار التأريخي والذي تربطنا به روابط ومصالح كثيرة ومهمة قد اختار جيادا خاسرة في رؤيته للمشهد السياسي العراقي وتعامله معه ، ونود هنا ان نذكر الاصدقاء في الحكومة التركية ، ان "المقاومة" العراقية اعلنت اكثر من مرّة انها على استعداد للتفاهم مع الاميركان وليس مع العملاء ، ولم يكن الامر اعلانا فقط فالشواهد والاعترافات المتبادلة كثيرة على ان الاعداء جلسوا على طاولة واحدة في اكثر من عاصمة وان اختلفت التسميات!!
كتابة على الحيطان: الجياد الخاسرة !
نشر في: 11 إبريل, 2010: 06:30 م