اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > توصيف النظام الاقتصادي في العراق:الماركنتالية الوطنية بين السوق الحرة ومركزية الدولة

توصيف النظام الاقتصادي في العراق:الماركنتالية الوطنية بين السوق الحرة ومركزية الدولة

نشر في: 12 إبريل, 2010: 04:27 م

د . مظهر محمد صالحيعرف النظام System على انه وحدة معقدة تتكون من العديد من الاجزاء المختلفة تخضع جميعها الى خطة عامة او كونها تخدم هدفاً عمومياً ، وعلى هذا السياق تأتي المدرسة السلوكية الامريكية على سبيل المثال لتطرح مفهوماً للنظام لايتعدى نطاقهُ اكثر من الاحاطة في أن ثمة مقاطع segments مكونة لهيكل النظام ومقاطع هي خارج النظام .
  وان المقاطع المكونة لهيكل النظام التي تسمى أحيانا بالحدود boundaries او المتغيرات هي التي تكون في مستوى من التفاعلات تعد اكثر كثافة في تصرفها وسلوكياتها مقارنة بغيرها . فأذا كانت تلك الكثافات او الحدود او المتغيرات سياسية فأنها تكون نظاماً سياسياً  او ذات كثافات اجتماعية فتكون نظاماً اجتماعياً او ذات كثافات اقتصادية فتكون نظاماً اقتصادياً و هكذا . وعلى الرغم من ذلك فأن توصيف النظام الاقتصادي يٌعد من المسائل التي لايمكن تجريدها من إطارها المدرسي وتياراتها الايديولوجية المصاحبة لها ، وعلى هذا الاساس تعرف الكاتبة الاقتصادية العريقة جوان روبنسون Robinson في كتابها الشهير الفلسفة الاقتصادية ، النظام الاقتصادي بأنهُ :  وحدة تتطلب مجموعة من الاحكام مع توافر ايديولوجية تسوغ تلك ( الاحكام ) ومستوى من الوعي يتمتع به اي فرد على نحو يجعله يثابر من اجل تحقيق تلك الاحكام ، وعلى هذا الاساس فلابد من توافر وسائل Devices يتكون بموجبها النظام الاقتصادي وتعمل على تأدية وظائف ثلاث هي :الأولى : التي تساعد على تعيين من (هو) اكثر فاعلية في اتخاذ قرار تحريك الموارد وتعبئتها من بين مختلف الاشخاص من متخذي قرارات الخيار الاقتصادي .الثانية : تقوم بتنسيق نشاطات الوحدات الاقتصادية الفردية، بمعنى أنها تساعد في تحديد (كيف) تصنع القرارات .والثالثة : تعمل على جعل متخذي خيار القرار الاقتصادي اكثر سعياً في ترتيب اولوياتهم، اي بمعنى المساعدة في تحديد ( ماذا ) يمكن الاخذ به من قرارات؟ وفي هذا المضمار يمكن ملاحظة ان النظم الاقتصادية كافة تشترك في اهداف رئيسة ثلاثة هي:  الاستخدام الكفء والشامل للموارد النادرة، والتوزيع العادل للدخل (مع التحفظ بكونها حالة نسبية جدا تعتمد الزمان والمكان في تحقيق تلك العدالة ) واخيرا النمو في الناتج المحلي الاجمالي عبر الزمن .ويصبح بالامكان من الناحية المفاهيمية تقسيم الوسائل المشار اليها انفاً Devices التي تكون النظام الاقتصادي الى : ادوات tools و طرق methods . وان الادوات والطرق جميعها تجيب على اسئلة (من) و (ماذا) لكي تعبر عن تكوين النظام الاقتصادي . فعلى صعيد النظرية الاقتصادية يمكن لنا ان نستخلص ان هناك ثمة (طريقتين) و (اداتين) متطرفتين في تخصيص الموارد الاقتصادية يمثلان نموذجين مختلفين للنظام الاقتصادي وهما اسواق شديدة التنافس تستخدم الاسعار النسبية في تخصيص الموارد ونقيضها اقتصادات موجهة مركزياً في استخدام الموارد المادية وتخصيصها . اما (الاداتان المتطرفتان ) في تخصيص الموارد فهما : الملكية الفردية لجميع وسائل الانتاج ونقيضها الملكية العامة لوسائل الانتاج كافة . وعند إعادة تركيب الطريقة الاولى مع الاداة الاولى فأننا نحصل على نموذج لسوق المنافسة التامة ، وهو نموذج غير موجود على ارض الواقع، وكذلك عندما يتم تركيب (الطريقة الثانية مع الاداة الثانية) نحصل على انموذج موجه او مايسمى بالموديل (الدكتاتوري الاقتصادي) اصطلاحاً، وهذا النموذج غير متحقق في الوقت الحاضر. وعلى أساس ماتقدم عُد توصيف النظام الاقتصادي للعراق ضرورياً لتشخيص مستوى التحول في السياسة الاقتصادية الراهنة بعد تجربة عاشتها البلاد عبر اكثر من نصف عقد من الزمن في خضم اطار دولة ريعية مركزية تتجه اديولوجياً نحو ديمقراطية السوق ولكنها تمسك برصيد الثروة والناتج المحلي الاجمالي بعد ان تأطرت الى حد بعيد بنموذج اقتصادي نيوكلاسيكي او ليبرالي الى حد ما ،وهو الانموذج الذي يرى بحماس أهمية فصل اقتصاد السوق الحر وقطاع الاعمال عن نشاط الحكومة، إذ ساد الاعتقاد بأن دور الحكومة الاقتصادي بأستثناء القطاع النفطي الريعي يقتصر على تأدية ممارسة وظيفة الرقابة والاشراف على النشاط الاقتصادي العام مع تقديم بعض السلع العامة الاساسية وترك النشاط الخاص ليسبح او يغرق بنفسهِ للنهوض بأعباء التنمية . مما جعل فكرة سيادة المستهلك تطغى على فكرة سيادة المنتج سواء على مستوى الموازنة العامة للدولة او على مستوى الميزانية العمومية في سلوك الوحدة العائلية . وهذا ما يؤكدهُ سلوك الموازنة العامة في طغيان نفقاتها التشغيلية وسيادة الطابع الاستهلاكي الحكومي الممول من موارد النفط الريعية ، مما جعل النشاط الخاص شديد الصلة بالنشاط الاستهلاكي للحكومة والتحصيل السريع للربح ومبتعدا عن ولوج  مجالات تنمية الاستثمار الحقيقي ما لم تقدمه الحكومة بصورة منحة،اذ يعبر عن ذلك بحلول ظاهرة التطورالسريع لتجارة السلع الاستهلاكية والتمويل الاستهلاكي في اقصى صوره وتدني النشاط الانتاجي الخاص الى اخفض نقطة في تاريخ البلاد الانتاجي . وعلى هذا الاساس طبع النظام الاقتصادي بظاهرة شيوع تحصيل الريع او السعي وراء الريع كما يسمى اصطلاحاً rent seeking ليكون اليوم محور مايفكر به النشاط الخاص في تعاطي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram