كاظم حبيب(1)لم يكن قانون الانتخابات العامة يجسد الروح الديمقراطية الضرورية التي يفترض أن تتوفر فيه ليعبر عن رأي الناخبات والناخبين بصورة ديمقراطية ويمنع الاعتراضات الواقعية التي نشأت والتي تسببت بمصادرة نسبة مهمة جداً من أصوات الناخبات والناخبين, وبالتالي حرمان مجموعة من المرشحات والمرشحين من الفوز بالانتخابات والجلوس مع الآخرين تحت قبة البرلمان لتعبر عن رأي الناخبات والناخبين في القضايا التي يعالجها المجلس النيابي.
لقد كان الأفضل أن يكون العراق دائرة انتخابية واحدة ويؤخذ بالقاسم المشترك لعموم العراق وليس كما جرى وأخل كثيراً بأصوات الناخبات والناخبين. ولا بد من معالجة هذا الأمر بروح ديمقراطية بعيدة عن ضيق الأفق الطائفي أو القومي أو الحزبي وذلك بتعديل القانون.(2)لم تكن الحملة الانتخابية التي سبقت يوم الاقتراع نظيفة, بل تخللتها الكثير من الحوادث التي كان المفروض معالجتها قبل ذاك وبهدوء وموضوعية. لم يكن غريباً على بلد مثل العراق أن تحصل فيه بعض الأمور التي نعتبر تجاوزات فعلية على ديمقراطية الانتخابات والتي مارستها بعض القوائم أو بعض المرشحين مثل تقديم الهدايا والعطايا وتوزيع الأموال لشراء الأصوات أو ممارسة التأثيرات الدينية والمذهبية والعشائرية على الناخبات والناخبين. وكان على المفوضية المستقلة استخدام حقها المشروع في متابعة ومحاسبة أولئك الذين ارتكبوا هذه الظواهر السلبية التي أخلت كثيراً بسلامة العملية الانتخابية. (3)ليس غريباً أن يحصل في بلد مثل العراق تزويراً أو تزييفاً بنسبة معينة. إلا أن هذه النسبة التي حصلت لا يمكنها أن تغير كثيراً من الصورة التي خرجت بها الانتخابات ونسبة الانحراف لن تكون أكثر من 5% في أسوأ الأحوال, وبالتالي كان لا بد من الاعتراف بالنتائج وتقديم اعتراضات بطريقة هادئة على تلك الدوائر التي يعتقد بوجود بعض التزوير فيها, وهو أمر محتمل في كل الأحوال. إلا أن الطريقة التي تعاملت بها قائمة دولة القانون والقائمة العراقية بشكل خاص لم تكن سليمة, إذ كان التهديد واضحاً وسلبياً على مستوى الوطن كله. وهو ما يفترض أن يدان أياً كان البادئ به أو الممارس له, إذ أشاع القلق والتحفز وبعض العدوانية في نفوس القوى الحزبية وفي صفوف المجتمع دون أدنى مبرر.ومن الجدير بالملاحظة أن المفوضية المستقلة لم تحرك ساكناً وتدين هذه الممارسات وتتصدى لها من مطلق حيادي مستقل مطلوب.(4)وقبل بدء الانتخابات, ومن أجل إشاعة الفوضى والخراب نفذت قوى عديدة لا يمكن حصرها بالقاعدة والبعثيين من أتباع عزة الدوري وحدهما, مجموعة من العمليات الإرهابية التي دللت على خمس مسائل جوهرية لم تنتبه لها الحكومة ولما تمارس دورها في وضع حدٍ لها, وهي:1. هشاشة الوضع السياسي والحكومي والأمني واستمرار الصراعات التي كانت ولا تزال تنهش في كيانها وتضعف دورها في الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية 2. المبالغة في منجزات الحكومة وضعف يقظتها إزاء النشاط الإرهابي واعتقادها بأنها قد أنهت دور القاعدة وقوى البعث ألصدّامية وأن هذه القوى لم تعد قادرة على التحرك ضد الشعب 3. كما أنها لم تضع في حسابها وجود قوى أخرى غير القاعدة والبعث الدموي من قوى دول الجوار التي تريد إشاعة الموت والفوضى والخراب في البلاد والبرهنة على عجز المالكي في توفير الأمن للعراق 4. لا تزال قوى الأمن الداخلي والشرطة والجيش قليلة اليقظة وضعيفة القدرة على توفير جدي ومستمر للأمن الداخلي وحماية المواطنات والمواطنين من عبث القوى الإرهابية, إضافة إلى وجود اختراقات غير قليلة في هذه الأجهزة وفي نقاط التفتيش والرقابة 5. التدخل المستمر من جانب دول وقوى الجوار في الشأن العراقي الداخلي واستمرار تأييدها ودعمها المباشر وغير المباشر لقوى الإرهاب في العراق ووجود قوى داخلية مستعدة حتى الآن, بسبب صراعاتها وعدم تحقيق مصالحة مع القوى النظيفة منها, على حماية قوى الإرهاب ومنحها غطاءً واقياً ضد مطاردتها من قبل القوات العراقية.(5)تميزت العملية الانتخابية في يوم الاقتراع بالهدوء ودون حوادث كبيرة, كما شهدت إقبالاً جيداً على صناديق الاقتراع وبمشاركة واسعة من بعض المناطق التي لم تشارك قبل ذاك بذات الهمة والحمية مدفوعة بالأجواء السلبية التي نشأت قبل الانتخابات بفترة قصيرة. فكان الاستقطاب, شاء الإنسان أم أبى, طائفياً لم يمنع من بروزه دخول بعض العناصر العلمانية والديمقراطية في البيتين الشيعي والسني, وبالتالي برزت قوائم تتحدث عن المواطنة ولكنها تعبر عن النسيج القومي والمذهبي في العراق, العرب الشيعة والعرب السنة والكُرد. وغابت عن المجلس الجديد قوى التيار الديمقراطي العربي بكل مكوناتها واتجاهاتها الفكرية والسياسية وخسر الكثير من عناصر هذا التيار الذين كانوا في دورة المجلس 2005-2009 مقاعدهم في هذه الدورة.لقد حصل حراك بسيط في هذه الدورة عن الدورة السابقة. استطاعت بعض قوى الإسلام السياسية الشيعية تعزيز مواقعها على حساب قوى أخرى فيه مثل حزب الدعوة والصدريين على حساب المجلس الإسلامي الأعلى, كما حصل نفس الحراك في القائمة العراقية وقوى الأحزاب الإسلامية السياسية السنية حيث تراجعت قوى التوافق والحزب الإسلامي كثيراً لصالح غيرها في هذه القائمة.لقد استطاع المالكي من طرف وأياد علاوي من طرف أخر أن يحرزا على أكثر المقاعد لسببين, وهما: ا
هل من علاقة بين نتائج الانتخابات والإرهاب الدموي فـي العراق؟
نشر في: 12 إبريل, 2010: 04:53 م