TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود: البشير ينتخب نفسه

خارج الحدود: البشير ينتخب نفسه

نشر في: 12 إبريل, 2010: 05:43 م

حازم مبيضين هل يمكن لانتخابات يرى العالم أنها لا تمت بصلة للسلام أو الديمقراطية، ويؤكد استحالة إجرائها في أجواء تكتنفها النزاهة والشفافية، وتتم في وقت تتهم فيه القوى السياسية الرئيس عمر البشير بالتزوير وانتهاج سياسات الترهيب، وهي معروفة النتائج سلفاً، أن تمنح البشير الذي يحكم بعيداً عن الديمقراطية منذ ربع قرن الصدقية والشرعية والقوة،
لمواجهة اتهامات المحكمة الجنائية الدولية له بارتكاب جرائم حرب في بلده وضد مواطنيه، علماً بأن أكثرية الاحزاب المنافسة انسحبت من العملية الانتخابية احتجاجا على عمليات التزوير المنظمة، والتي تمت عبر ترتيبات وخطط وضمن تصميم مسبق لضمان نتائج فوز كاسحة للرئيس المزمن، ابتداء بالتعداد السكاني وليس انتهاءً بعملية التسجيل، وغيرها من النقاط التي أكدتها العديد من المنظمات العالمية المحايدة.الواضح اليوم أن بحث البشير عن نصر مؤزر وشرعية مفقودة، لن يقود ألا إلى مزيد من العزلة التي يعاني منها المواطن السوداني، وهي ستؤدي بالتأكيد إلى انفصال الجنوب بعد الاستفتاء المنتظر العام المقبل خصوصاً بعد أن أعلن سلفا كير رئيس الحركة الشعبية أن الجنوبيين لم يشهدوا طوال الخمس سنوات التي تلت اتفاق نيفاشا ما يجذب انتباههم لقبول الوحده، ورغم أن الكثيرين استبشروا حين توقيع اتفاق نيفاشا فان شرعيته التي استندت لقوة البشير ومتمردي الجنوب لم تكن مؤهلة للنهوض بالمطالب الوطنية المحتاجة لجهد جميع القوى السياسية ولإجماع وطني، منعته مفاهيم طرفي الاتفاق اللذين يعتبران مصالحهما الحزبية بديلاً عن المصلحة الوطنية.المدهش أن الكثير من القوى الخارجية، صمتت عن كل الخروقات وضغطت  باتجاه إجراء الانتخابات في موعدها، وأعلنت واشنطن رضاها عن سيرها، ولعل في ذلك ما يؤشر إلى اتفاق على تمرير صفقة سياسية مرضية لجميع القوى المؤثرة في الداخل والخارج، وسيكون مؤسفاً أن تتحول فكرة العودة بالسودان إلى المسار الديمقراطي الذي قطعه انقلاب البشير عام 86 ، إلى خطوة شرعية لانفصال الجنوب، وتقسيم البلد إلى سودانين، في ظل صمت إقليمي مريب يؤشر إلى إمكانية تشظي شمال السودان مرة أخرى إلى أكثر من كيان أو حكمه بدكتاتورية قمعية تلبس لبوس الديمقراطية وتزعم أنها قدمت إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، حتى وإن لم تملأ أوراق الناخبين تلك الصناديق. تتحمل المعارضة بالتأكيد الكثير من المسؤولية عن نتائج الانتخابات، لأن لجوء قادتها إلى التعامل السلبي، بدل الاتفاق على برنامج وطني شامل، وبناء تحالف عريض، والاتفاق على مرشح واحد للرئاسة تمنحه زخم قوتها، وتؤكد على جدية منافسته للبشير، يضعها في موقع الباحث عن مكتسبات حزبية على حساب مستقبل الوطن ووحدة ترابه، التي يفرط بها البشير اليوم ليظل في السلطة، ويتناسى جميع الساسة أن الشعب السوداني هو الذي فرض آخر انتخابات ديمقراطية في السودان، حين انتفض على حكم العسكر عام 1985 ، ويتناسون أيضاً أن الانتخابات الحالية تختلف عن سابقتها بأنها تتم استجابة لاتفاقية نيفاشا بين حزبي البشير وسيلفا كير، ونتيجة لتدويل قضية الجنوب عبر تدخل القوى الخارجية لاسيما الولايات المتحدة التي رعت اتفاقية نيفاشا، وترعى انتخابات اليوم.  السودان الذي شهد عدداً من الانتخابات البرلمانية كان أولها في العام 1953 وآخرها عام 86 وأتت بآخر حكومة منتخبة ديمقراطيا في السودان أطاحها انقلاب البشير العسكري عام 89 ، لايبدو مقبلاً على تحول ديمقراطي كنا نأمل أن تقودنا إليه الانتخابات التي أثبتت قبل إعلان نتائجها أنها " منزوعة الدسم " ولن تفضي لأكثر من استمرار حالة الفراغ السياسي السائدة منذ عشرين عاماً، وستكون معضلة دارفور بعد تحوله إلى بؤرة تدويل غير مسبوقة، أهم المشكلات بعد انفصال الجنوب، والتي قد تنتهي بانتخابات أخرى ينتخب فيها البشير نفسه حاكماً، تتم في عهده عملية تقسيم البلاد إلى أكثر من دولة وكيان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram