الكتاب:دفن العظام: بيرل بك في الصينتأليف: هيلاري سبورلينكترجمة: ابتسام عبد الله قبل ستين سنة كانت بيرل بك شهيرة مثل بيرل هاربر، وفي الوقت الحالي يحتاج المرء الى زمن ما للعثور على شخص قرأ احد كتبها الـ90.
إن السيرة التي كتبتها هيلاري سبورلينغ عن بيرل- الكاتبة الفائزة بجائزة نوبل للآداب، تثير الإعجاب وستدفع الناس الى قراءة أعمالها، ومن أفضلها،" دفن العظام"، ومن يقرأها يجد نفسه غير ميّال الى قراءة كتب لغيرها.ولدت بيرل بك عام 1892، ونشأت في الجزء الامبريالي من الصين تحت رعاية والديها المبشّرين. كان والدها ابسالوم بروستانيا متشدداً، وعزمه على تغيير الوثنيين الى المسيحية كلفه حياة أربعة من أبنائه السبعة، والذين ماتوا بعد إصابتهم بالكوليرا والملاريا والدزانتري. وبعد أعوام من هجرة عائلته في مناطق الأهوار حيث البعوض الذي لايمكن التخلص منه، اتخذت زوجته، كاري، موقفاً واضحاً وحازماً، معلنة غضبها:" بإمكانك القيام بالوعظ من بيكين الى كانتون ولكني وأطفالي لن نذهب معك بعد اليوم وانا عبر تجوالي معك افقد أطفالي".ونشأت بيرل وهي محاطة بـ" الأشباح". أشقاؤها الذين انتقلوا الى العالم الآخر،" بدوا أحياء بالنسبة لي"، قالت ذلك في إشارة الى العظام المبعثرة في الفسحة التي تحيط بالمنزل والعائدة لأطفال – بنات قتلن حال ولادتهن. وكما قال مارك توين عن الصين،" إنها مقبرة كبيرة جداً". وحتى بلوغها الثامنة، ظنت بيرل أنها صينية. وكانت تمضي وقتها في أحاديث مع صديقاتها الفلاحات في الحقول، (الصينية كانت لغتها الأولى)،وخصلات شعرها الأشقر محشورة تحت القبعة، وكما قالت والدتها،" إنها لا تبدو إنسانية". ولكنها سرعان ما بعد تعلمها القراءة، أنهت أعمال ديكينز" كافة، المدخل الوحيد الى الناس الذين انتمي إليهم ". وعندما غدت هي روائية ايضاً، نما لديها إحساس بالشفقة على الفقراء،الذين كانوا يؤدون الأعمال الشاقة للبروليتاريا الصينية، كما أحسّ ديكينزبالشفقة على العمال في لندن الفيكتورية وقد أخذ التعليم بيرل الى أميركا،ولكنها بعد ثلاثة أعوام أمضتها في كلية النساء، رانولف- ميكن في فيرجينيا، عادت الى الصين في عام 1914، حيث أمضت العقدين المتاليين من حياتها. وقد تزوجت بيرل بك مبشراً زراعياً لايمكن تخيّله يدعى جون لوسينك بك وحاولت إقناع نفسها من إنها زوجة صالحة لمبشّر ديني، وإن هناك أموراً مشتركة بينها وبين زوجها.وفي تلك المرحلة من حياتها فشل لها عملان الواحد بعد الآخر، اذ كانت تعيد نفسها وتكررها في الكتابة عن مشاكل المرأة الصينية ووظائفها الجنسية المتنافرة والمتعذر تأديتها. أما ابنتها كارول، فقد ولت مصابة بمرض عقلي، لم يتم تشخيصه في المراحل الأولى، عندما يصبح قابلاً للعلاج. ولم تنجب بيرل بعد ذلك، بل تبنت أول أطفالها العديدين، طفلة تدعى جانيس. وأعوام بيرل الأولى كأم شابة تزامنت مع أولى المعارك الشرسة مابين الشيوعيين والوطنيين. وفي خلال حادثة" نانجينج" عام 1927، أمضى الزوجان بك مع كارول وجانيس طوال يوم في كوخ خلف منزلهما يستمعان الى صراخ الناس من حولهم، إذ كان رجال العصابات يحاصرونهم ويهددون بقتل سكان المدينة، وفي ذلك اليوم، امضيا الوقت كله ساكنين دون القيام بحركة ما خوف الكشف عن مكانهم. وبعد ذلك الحادث غادرت العائلة الى اليابان، تاركة مخطوطة روايتها الأولى والتي اختفت بعدئذ والى الأبد. وعلى أي حال، يبدو ان زوجها جون، لم يكن قادراً على الابتعاد عن الصين والفوضى العارمة فيها، وبدا لبيرل إنها تزوجت رجلاً مثل والدها. ومنكسرة، كأم مذنبة، أودعت كارول لدى مؤسسة أميركية، " افتقد تماماً الابنة التي لن تكون". وعادت بيرل الى الصين، وبدأت الكتابة تسيل منها وتتدفق.كانت عبقرية بيرل بك، سرد حكاية تتمثل الجوهر الصيني بأسلوب غربي. وجمال ووضوح سردها كان كما قال النقاد عنصراً في تأثير فاعليتها،". تكتب بالانكليزية وتفكر باللغة الصينية. كانت روايتها الأولى،" رياح شرقية رياح غربية(1930) نجاحاً متوسطاً، ولكن الثانية، " الأرض الطيبة"، بيع منها ملايين النسخ، وفازت بجائزة البوليتزر عام 1932 وحققت لها اسماً له وزنه عند دور النشر. وعبر هذا الكتاب وحده، اصبحت بيرل بك، المرأة الأولـى التي تفوز بجائزة نوبل للآداب. وعندما تم الحديث عنها في نادي أوبرا ونيفري للكتب عام 2004، ارتفعت ثانية مبيعات،" الأرض الطيبــــــــة" الى اعلى قوائم المبيعات في الولايات المتحدة الأمريكية.ان مايثير اهتمام المؤلفة هيلاري سبورلينك هو،" مصدر موضوعها ذي القوة السحرية، بالنسبة لبيرل الروائية، وكيف إنها تطرقت مباشرة وعبر الذاكرة والحلم الى الأعماق السرية للمخيلة الشعبية." وعلى الرغم من قوة تفسيرها، يبدو من الصعب إدراك سبب اندفاع القراء نحو كتب بك، كما حدث.إن" الأرض الطيبة" هي حكاية فلاح، يهجر قريته بسبب المجاعة، ومن اجل إعالة أسرته، يعمل بسحب
بيرل بك: جسر بين الشرق والغرب
نشر في: 13 إبريل, 2010: 04:15 م