حسام مصطفى لامني أحد الاصدقاء على نمط أعمدتي والمواضيع التي أتناولها، وقال لي مستاءً: لاشيء غير السياسة والديمقراطية والوضع الأمني، انفتح يا أخي على فضاءات أخرى للكتابة؟! وأضاف: انظر ماذا يكتب كتّاب كبار في صحف عربية وحتى عراقية.
انتهى النقاش بيني وبين الصديق المستاء من اعمدتي،الى تمترس كل واحد منا في موقع من وجهة نظره الألكتروني. لكنني حقيقة بدأت أركز على الأعمدة التي اشار اليها صاحبي بالاسم كتّاباً وصحفاً ولعدّة أيام، ولا أخفيكم سراً انني استمتعت بها، وشعرت في لحظات القراءة انني في عالم آخر والكتاب الكبار في عالم آخر، واعترف ان من حق صديقي العزيز ان يستاء مما أكتب. وقبل ان انحاز الى اعمدتي في قفص اتهامها، سأروي لكم بعض افكار الأعمدة التي يدعوني صديقي للكتابة على غرارها واصفاً أعمدتي بـ"المنطوية على نفسها " وفي تعبير آخر " الأحادية الجانب".أحد أعمدة الكتاب الكبار، وهو كذلك، كان يتحدث عن لقاء له مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في أحد مقاهي القاهرة، وكيف انه ركز على جمالية حذائها أكثر من تركيزه على الحوار الذي دار بينهما، وكانت سعادته الفائقة ان الحمامة لم تنتبه لانشغالاته هذه! عمود آخر لكاتب كبير أيضاً، لا صغرهم الله، يتحدث فيه عن كيف ان زوجته، حماها الله من كل مكروه، تشغله دائماً بتفصيلات أمور البيت من تسوّق الى تبديل أثاث إلى نوع الحساء المفضل لديه على مائدة العشاء.. الخ، وانه يتنازل عن كل " استياءاته " لان تصرفها هذا قد ساعده على ابتكار فكرة عموده هذا، وانه يشكرها من كل قلبه على فعلتها الإبداعية هذه!ثالث الكبار تحدث عن لقاء مع شاه إيران" الراحل " في سبعينيات القرن الماضي عندما كان يحكم إيران صائلاً وجائلاً، وانه كان معجباً أشد الإعجاب بنحافة أصابعه التي تؤكد انحداره الارستقراطي العتيد، ومهارة الشاه في استخدامها أثناء تناوله طعامه بالملعقة والشوكة، وليس طبعاً بغرس أصابعه في ثريد اللحم!!الأمثلة كثيرة، واتساقاً مع الشفافية في عمليتنا السياسية، أقول بأنني جلست الى مكتبي وحاولت عشرات المرات ان، أكتب على غرار الكتاب الكبار، لكنني فشلت. صحيح انني لم التق بفاتن حمامة والشاه، لكني التقيت مع كبار أيضاً، مع الراحل ياسر عرفات ومع مارسيل خليفة ومع" الراحل " عبد الكريم قاسم عندما كنت صغيراً. فعندما أردت ان أكتب عن عرفات وجدت نفسي منخرطاً في الكتابة عن المعارضة العراقية التي احتضنها، وعندما أردت ان أكتب عن الفنان خليفة وجدت نفسي منساقاً الى عالم الأغنية السياسية، وعندما أردت ان أكتب عن مصافحة قاسم لي في معسكر للكشافة وجدت نفسي مدفوعاً للكتابة عن محاولة اغتياله ومن ثم مقتله البشع على أيدي البعثيين " أتحدث عن (الملطخة) أيديهم فقط حتى لا تنفرط المصالحة الوطنية بسبب هذا العمود "!!هكذا نكتب وهكذا يكتبون. فاختاروا....
وقفة :ماذا نكتب وماذا يكتبون؟
نشر في: 13 إبريل, 2010: 05:48 م