حازم مبيضينليس معروفاً إن كان الساسة العراقيون يدركون حجم تأثير التجربة الديمقراطية في وطنهم على الأقطار العربية كافة، باعتبار تميزها وجذريتها ووظيفتها في نقل بلاد الرافدين، من ظلام وظلم الحكم الدكتاتوري، إلى فضاءات الحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان،
ولسنا على ثقة بأنهم يعرفون أن الشارع العربي العادي يتطلع إلى نجاح العراقيين باعتباره الخطوة الأولى نحو تغيير جذري يعطي المواطن بعض حقوقه الأساسية التي تنام إما في أدراج الحكومات والبرلمانات الصورية، أو في أقبية الأجهزة الأمنية.نراقب بالتأكيد نتائج الانتخابات، وما تبع من مناكفات سياسية واصطفافات جديدة، نرى أنها من صلب العملية الديمقراطية، وتراقب المرأة العربية بشكل خاص، مشاركة نظيرتها العراقية في الحياة السياسية، وخصوصاً في جانبها الكردي وهو الأكثر نجاحاً، ويراقب الحزبيون أداء الأحزاب العراقية قبل الانتخابات وبعدها، ويراقب البرلمانيون تجربة بناء تحالفات برلمانية للفوز بتشكيل الحكومة الجديدة، ويراقب الساسة حجم التأثيرات الخارجية واستجابة العراقيين أو رفضهم لها، ويراقبون تأثر النواب الجدد بهذه التأثيرات ويدرسون إن كان هذا التأثر نابعاً من المصلحة الشخصية والحزبية أو من الحرص على المصلحة الوطنية، لكن الأهم من كل ذلك مراقبة المواطن العربي للتجربة وتمنياته بنجاحها.تجربة الانتخابات العراقية لا تخص العراقيين وحدهم، ونتائجها لن تنعكس على واقعهم فقط، والأسباب عديدة ومتنوعة، فالشارع العربي تواق لتغيير المعادلة القائمة دون استعداد لدفع أثمان ذلك، وهو يأمل باستغلال الثمن الذي دفعه العراقيون، للوصول إلى مجتمع ديمقراطي بالكامل ينهي ما تبقى من حكم العسكر، وما تبقى من دكتاتوريات مسيطرة تحت العديد من اللافتات، وينهض بالأقطار العربية نحو إعادة تعريف الدولة وتنظيمها على أسس جديدة، وبمعنى أن تتسيد الجوامع المشتركة على جميع المواطنين وتنظيماتهم السياسية، ملغية عوامل الفرقة والنزاع، وكافية لتحويلها إلى التكامل، وبلورتها كحقائق تتجاوز أي علاقات مع أي قوى خارجية، على الرغم من أن الواقع العراقي لا يشي بتحقق ذلك، وإن كان يبشر به استناداً إلى نتائج الانتخابات الأخيرة.معروف تعدد المرجعيات في العراق، وإن كان المطلوب وجود مرجعية واحدة تستند إلى الدستور يقبلها الجميع ويحتكمون إليها، وقد ثبت أن الذين ينطلقون من المرجعية الدينية قد انجرفوا في التيار الطائفي سواء كانوا من الشيعة أو السنة، كما ثبت أن المستندين إلى العلمانية لم يتمكنوا من إقناع بقية الأطراف بطروحاتهم، ولعل المؤسف قيام قوى من الطرفين بتوظيف الشعارات للدخول في تحالفات آنية ومصلحية لا تستند إلى قوانين مرجعيتها ولا تحاول التوصل الى صيغة سياسية للتطوير وقابلة للتطبيق العملي.وإذا كنا نقر باحترام المرجعيتين، فان المطلوب أن يتوفر هذا الاحترام عند إتباعهما، وليس أمراً خارجاً على المألوف أن يعتبر كل واحد أن مرجعيته هي الأصلح والأفضل، لكن المطلوب مرة أخرى هو ما يتحقق عملياً وعلى أرض الواقع من الالتزام بمبادئ تلك المرجعية، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم الإقصاء والتهميش لأنصار المرجعية الأخرى وبما يضمن لهم حقوقهم وحريتهم في العمل، والتمتع بمواطنتهم دون خوف أو إحساس بالغبن.
كلام ابيض :ننتظر تداول السلطة في العراق
نشر في: 14 إبريل, 2010: 04:30 م