TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > العراق أبدع مثيولوجيا إنسانية رائعة

العراق أبدع مثيولوجيا إنسانية رائعة

نشر في: 16 إبريل, 2010: 04:28 م

بعد ان قرأت له قبل سنوات روايته الفاتنة والاثيرة (موسم الهجرة الى الشمال) كنت شغفاً الى لقياه..وعدت اليه ثانية،وقرأت له فيما بعد (عروس الزين) و (بندر شاه) و(مريود) و(دومة ود حامد). وقرأت عنه الكثير..ثم شاهدت فيلم خالد الصديق المعد عن روايته(عرس الزين). انا اعرفه اذن، وعلاقتي به وطيدة،وانا فخور بصداقته.
 وفي بغداد التقيته عام 1984 وسرني ان يكون وطني حديقة الادباء والمفكرين..ومثلما رسمت صورته في ذهني،كان الطيب صالح هادئاً، رصيناً،متواضعاً، تألفه ويألفك بسرعة..فتحاوره ويحاورك، ويفترض مسبقاً انك تعرفه..وافرحني افتراضه،فقد كنت اعرفه حقاً،واكاد اجزم انني افهمه وكان شاغلي من قبل ومن بعد ان اعرف اللاحق من اعماله،او بعضها ممن لم يتسير لي الاطلاع عليه. طمأنني،معترفاً بأن ما اشرت اليه هو كل انجازه،وهو ساع الان لانجاز الجزء الثالث من روايته (بندر شاه).. ان عمله ــ المستشار الاقليمي للاتصال بالدول العربية في منظمة الىونسكو ــ يأخذ القسط الاكبر من اوقاته. شربنا قهوتنا معاً..وانصرفت افكر في اسئلة كثيرة اجمعها في ذهني،فيما وضع اصبعين على فمه كما هي عادته،وراح يتحدث في تأن وانتباه عميقين..* سألته عن معماره الفني في الكتابة ــ على الرغم من احساسي الداخلي بان تحديد هذا المعمار من مهمة الناقد لا المبدع،غير انني اردت ان اتعرف على خطته في العمل وعلى وجه ادق اريد ان اعرف الحالة المسبقة لانجاز الكتابة عنده ــ ــ كلمة المعمار توحي ان يكون الكاتب في وضع خطة..والكتابة في احسن حالاتها،عملية توازن بين ماهو مدروس ومخطط، واشياء تأتي عفوا، لكن قدر الامكان احاول في ذهني وقبل ان اكتب ان اكون عارفا والى حد ما بمسيرة الاحداث والخطوط العريضة للشخصيات،وافترض بعداً فلسفياً وعقلانياً،واطرح قضية بيني وبين نفسي،بحيث تكون الرواية في النهاية اما تأكيداً للافتراض او نفياً له او تتركه معلقاً.* افتراضك في (موسم الهجرة الى الشمال) هو ان العلاقة بين الحضارة العربية والحضارة الغربية علاقة صدامية..أليس كذلك؟ــ انه افتراض يبدو بسيطاً الآن..ولكن حين كتبت (موسم الهجرة) كان السائد هو انها علاقة رومانسية،وكل الاعمال الروائية التي طرحت قضية العلاقة بين اوروبا والعرب قدمتها على انها علاقة رومانسية..وفي (موسم الهجرة الى الشمال) احسست ان العلاقة قائمة على التصادم والمجابهة بالمعنى الحضاري..واظن ان الرواية عندما اكتملت اثبتت لي صحة الافتراض..وفي العمل الذي اقوم به الآن..افترض ان الماضي والمستقبل في تآمر مستمر ضد الحاضر،وحتى الآن لا اعرف ان كان هذا الافتراض صحيحاً ام لا؟ وهذه الطريقة تعطي العمل نوعا من الوحدة التي يمكن ان تسميها (المعمار).* الا تري بأن (موسم الهجرة الى الشمال) تلتقي مع (قنديل ام هاشم) ليحيي حقي و (الحي اللاتيني) للدكتور سهيل ادريس..وذلك بالتأكيد على الجدل القائم بين الحضارة العربية بتقالىدها الراسخة،والثقافة الغربية المنطلقة في اجواء مختلفة؟ــ روايتي لاتلتقي مع هاتين الروايتين،وهذا لايعني انها افضل..ولكن كما قلت لك، تلك الروايات افترضت بان هذه العلاقة رومانسية،لأننا في تلك المرحلة من تاريخنا لم نكن قد دخلنا في معترك صدامي واضح مع اوروبا.هناك وهم من جانبنا ومن جانبهم وخاصة بعد ان قرأوا (الف ليلة وليلة) ويمكن الرجوع الى معرفة مدي هذا التأثير بالعودة الى كتاب د. محسن جاسم الموسوي (الوقوع في دائرة السحر ــ الف ليلة وليلة في النقد الادبي والانكليزي 1704 ــ 1910)،وقد بلور د.ادوارد سعيد في كتابه (الاستشراق) ما قلته بشكل واضح،فهو يقول(الغرب صاغنا على الصورة التي يريدها) انه لايريد ان ينظر الينا نظرة واقعية وكما نحن..وانا اتفق معه..* هل تأثرت به؟ــ اعجبت جداً بالكتاب،ولكنه صدر منذ سنوات بعد ان نشرت (موسم الهجرة الى الشمال).* وتأثيرات الأخرين..؟ــ فرانز فانون ــ زنجي من المارتيك، عمل طبيباً في الجزائر ايام الاستعمار الفرنسي، فانضم الى الثورة الجزائرية واصبح فيلسوفاً،وقد عينه الجزائريون سفيراً لبلادهم في الخارج بعد التحرير..* تعني كتابه الذي ترجم الى العربية بعنوان:(معذبو الأرض)؟ــ نعم،وكذلك كتابه (وجوه سوداء واقنعة بيضاء) اللذين شرح فيهما بطريقة جديدة العلاقة السايكولوجية بين المستعمِر والمستعمَر..كما تاثرت بكتاب (بروسبيرو prospero وكالىبان caliban) لكاتب ايطالى لايحضرني اسمه، وفي مسرحية العاصفة لشكسبير، يمثل propero القّوة التكنولوجية للاستعمار..في حين كان (ايريل)مثلا يتعاون مع المستعمر..وكان كالىبان على الرغم من قبحه يمثل القوة الوطنية الرافضة للتعاون مع المستعمر،وهذا من وجهة نظر الكاتب.من هنا نتبين ان العمل الروائي لابد له ان يكون قائما على دراسة وبحث..وهو لايتخذ الافتراضات على غير هدى،فلا بد للكاتب من الالمام بالموضوع الذي يعالجه روائيا.rnمعارضة شكسبير* مادمنا قد تحدثنا عن شكسبير،اتساءل عن اوجه العلاقة بين بطل روايتك (موسم الهجرة الى الشمال)ــ مصطفى سعيد وبين (عطيل) شكسبير..باعتبار ان كلا الشخصيتين يمارسان فعل القتل؟ــ التشابة بين القاتلين وفعلهما عن قصد وطوال الرواية،هناك اشارات لـ (عطيل) وقد عارضت شكسبير،كما عارض احمد شوقي ابن زيدون والبحتري..شكسبير قدم رجلاً عر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram