TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان: عندما يقف المسؤول أمام القاضي..

كتابة على الحيطان: عندما يقف المسؤول أمام القاضي..

نشر في: 16 إبريل, 2010: 06:55 م

عامر القيسيمجموعة من ضحايا النظام الصدامي من السجناء السياسيين يقدمون شكاوى قانونية ضد وزير البلديات.. مجموعة من المواطنين يقدمون شكاوى قانونية ضد وزير الدفاع لاعتقادهم بحصول انتهاكات من قبل بعض وحدات الجيش على قريتهم .. اكثر من مسؤول في الصف الامامي من النخبة الحاكمة جرجرهم المواطنون الى سوح القضاء ،دون خوف من تهديدات منظمات امن المنطقة أو المنظمة الحزبية أو خوف الاختطاف من الشارع أو عمليات الدهس الغامضة!
هذه الحالات الفردية من الوعي القانوني، تشكل حاضنة لحماية حقوق المواطن، حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. صحيح انها حالات فردية لم ترتق بعد الى مستوى الظاهرة الاجتماعية الا انها ، حجر الاساس الحقيقي لانتشار الوعي الحقوقي ، وهو مايشجع المواطن على ان يكسر حاجز الخوف من المسؤول، الحاجز الذي غلف حياته بالشك والتردد والريبة، لأن الاقتراب من قلاع المسؤولين في نظام القمع السابق ، كان بمثابة كارثة حقيقية في حياة المواطن الذي تعلّم من" القائد" ان القانون هو جرّة قلم ، والوحيد القادر على جرّها بكل اريحية هو "القائد" نفسه لاغير. لذلك كانت تنتهك حقوق المواطن من دون ان يستطيع هذا المواطن المسكين من ان يرفع يده احتجاجا، كما يقول الشاعر فوزي كريم، أو حتى يعترض، لأن ما سيراه من ازلام السلطة له أول وليس له آخر من الاهانات والملاحقات والسجن ، بل وحتى التغييب عن الحياة ، لمجرد ان يفكر في المطالبة بجزء من حقوقه التي ثبتتها القوانين له نظريا والتي كان اقزام النظام ينتهكونها متى شاؤوا. لقد انتقلنا، ولو بشكل مشوّه ، من قانون الفرد الى قانون المؤسسة ، وبذلك اصبحت لنا مرجعيتنا القانونية التي لا" يشخط" على بنودها اكبر مسؤول في البلد لاعتبارات خاصة. واصبح بإمكان مبلّغ الشرطة ان يطرق ابواب المسؤولين ليبلغهم بموعد المرافعة امام القاضي أو التحقيق في مراكز الشرطة . قد لايستطيع الشرطي اليوم ان يدق باب الوزير، ربما لمجهولية محل اقامته أو عدم استطاعته دخول المنطقة الخضراء الآن ،لكنه بالتأكيد يستطيع ان يفعل ذلك لاحقا عندما تصبح بيوت الوزراء وكبار المسؤولين منتشرة في مناطق عادية يستطيع ان يصل اليها بيسر وسهولة بدون باجات خضر أو صفر أو حمر. وحتى اللحظة التي يحصل فيها هذا التعارف بين الشرطي والمسؤول، فان امام وسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني والهيئات المهتمة  بترسيخ القانون كجزء من الحياة اليومية في تفصيلات حياتنا السياسية والاجتماعية ، زمن كاف لتنشيط دورها المفترض في اشاعة هذا النوع من الثقافة التي ستنعكس تأثيرات اشاعتها على حياتنا اليومية، في مختلف مفاصلها، وكم سنكون سعداء حين نصل الى اليوم الذي نرى اكبر المسؤولين العراقيين يقف امام مركز الشرطة بانتظار دوره في التحقيق، أو نرى قاضيا يحكم في قضية لصالح مواطن بسيط في مواجة مسؤول كبير  يخشى الكثير من ان يقولوا له "على عينك حاجب"!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram