حازم مبيضين من حق الرئيس الاميركي باراك أوباما أن يشعر بالإحباط،بسبب تعثر جهود السلام في الشرق الأوسط،لكن من واجبه أن يشعر ولو ببعض المسؤولية عن ذلك،سواء على الصعيد الشخصي،أو على صعيد مواقف إدارته التي أطعمتنا الكثير من الجوز الفارغ،
وهي تبشرنا بقرب انتهاء الصراع،لتعود وتنسحب من واجبها الذي يفرضه عليها تزعمها للمجتمع الدولي،ثم تعلن أن الاسرائيليين والفلسطينيين ليسا جاهزين لتسوية صراعهما مهما كان حجم الضغط الذي تمارسه واشنطن،وكأنها مارست أي ضغط على الدولة العبرية،التي تواصل فرض حقائق جديدة على الأرض،تعرقل أية تسوية محتملة أو مأمولة،بينما تكتفي بجولات مبعوثها المكوكية بين عواصم المنطقة،وهي جولات ثبت أنها لاتسمن ولا تغني من جوع ويصح وصفها بالجولات السياحية.ويحق لنا أن نسأل ساكن البيت الأبيض،عن إعلانه أن إحلال السلام في المنطقة هو أحدى الأولويات الرئيسية لإدارته،وما هي الخطوات العملية التي اتخذتها تلك الادارة لتنفيذ تلك الأولوية،قبل أن يبشرنا أنه ليس لديه أمل يذكر لتقدم سريع باتجاه السلام في الشرق الأوسط،وكأن الوصول إلى السلام المنشود يتم بمجرد التمنيات ولا يحتاج للأعمال الصالحة،وكأنه لا يعرف أن تاريخ صراع الشرق الاوسط ولا يتبنى القانون الدولي الذي يدين الاحتلال،وكأنه يجهل أن احتلال الضفة وغزة والجولان مستمر منذ أكثر من اربعين عاما،من دون أن تتحرك الادارات الاميركية المتعاقبة لوضع القانون الدولي موضع التنفيذ،كما تفعل في حالات مشابهة،والعمل على إنهاء ذلك الاحتلال الذي يتحول يومياً إلى مسألة عويصة غير قابلة للحل،وبما يعني استمراره إلى ما لانهاية.إذا كان أوباما يعتقد أن اسرائيل عصية على الضغوط فانه يكون واقعاً تحت ضغط وهم أنها دولة عظمى،وأنه يجهل إمكانات بلده القادر على لي ذراع المتطرفين الإسرائيليين،وإفهامهم أنهم ليسوا فوق القوانين الدولية،هذا إن لم نتحدث عن المصلحة الاميركية المباشرة من حل الصراع سلمياً،قبل أن نتحدث عن واجبها الاخلاقي تجاه ذلك،وليس صحيحاً أن واشنطن غير قادرة على لجم اندفاع نتنياهو الاستيطاني في الاراضي المحتلة،وليس صحيحاً أن الولايات المتحدة لا يمكنها فرض حلول في بعض الصراعات ما لم تكن أطراف هذه الصراعات مستعدة لنبذ الانماط القديمة للعداء،لان الواقع يقول إنه إذا كانت هذه الاطراف مستعدة لنبذ العداء،فانها لن تكون بحاجة لا للضغوط ولا حتى للتوسط بينها،وإذا كان الرئيس الاميركي كما يقول قد هون من شأن العقبات أمام استئناف عملية السلام،فانه بذلك يدين نفسه وهو يعترف بانه بذل وعوداً لم يكن واثقاً من إمكانية الوفاء بها،وليس هذا ما ينتظره العالم من قائد الدولة الاقوى.يبدو مؤسفاً أن أوباما يساوي بين الضحية والجلاد وهو يساوي بين مواقف الاسرائيليين المتعنتة،ومواقف الفلسطينيين والعرب المتساهلة،ويبدو إعلان إصراره على مواصلة المساعي والحضور والمشاركة الدائمين،كمن يخاطب مجموعة من السذج،خصوصاً وهو يؤكد أن التوصل الى سلام في الشرق الاوسط سيستغرق وقتاً طويلاً،يترافق مع العديد من الاحباطات،لكنه لم يتجاهل مداعبة المشاعر العربية التي يبدو أنها السائدة في غياب العقل والمنطق فيعدنا بألا "يفاجئ أحداً في أي وقت" بتغيير جوهري في استراتيجية السلام في الشرق الأوسط،رغم أنه ليس هناك قرار حتى الآن،لأن يعرض الحل الذي يراه للصراع. ولاندري إن كانت انشغالاته سمحت له بالاطلاع على قرار حكومة نتنياهو الاخير بطرد عشرات آلاف الفلسطينيين من وطنهم في خطوة تؤكد مواقفه تجاه السلام.
خارج الحدود :أوباما يتراجع لصالح نتنياهو
نشر في: 17 إبريل, 2010: 06:03 م