عامر القيسيبعد الانتخابات وقبل اعلان النتائج النهائية ، تصاعدت اصوات التهديدات بعودة العنف مجددا، وكتبنا حول هذا الخطاب الذي يؤجج الشارع ويغذي فايروسات الاحتقان فيه، ما يؤدي في النهاية الى اندلاع العنف الذي لايفرق بين الاخضر واليابس. ولم تصدر التهديدات من طرف واحد ،
فقد هددت اطراف في السلطة واطراف خارج السلطة والاميركان، اي انهم اجتمعوا على ارعابنا حين يرغبون بارسال رسائل شفافة الى بعضهم البعض!! وكانت النتيجة ان هدمت البيوت على رؤوس ساكنيها في أول تفجيرات كارثية بعد ظهور نتائج الانتخابات واطلاق تصريحات التهديدات.اليوم تبدو التصريحات اشد وضوحا، مع الاقتراب من كراسي السلطة، وأوسع اعلانا، واقرب تحديدا لنوع العنف المهدد به.انه العنف الطائفي...هكذا يجري الترويج له والتهديد به دون حياء ، او اعتبار لمشاعر الناس، كأنه جزء من اللعبة الديمقراطية الجارية في البلاد رغم كل مثالبها. والأكيد ان مطلقي هذه التهديدات المرعبة يدركون جيدا تأثيرات مثل هذه التصريحات على حركة الناس اليومية ومصالحهم. صاحب محل تجاري في بغداد ، قال لي ، ان حركة السوق باهتة، وانه في بعض الايام وعندما يراجع حسابات المحل ليلا ، يجد بأنه قد دفع من رأسمال المحل الكثير من المصاريف ، وأكد ،ان هذه الحالة تتكرركلما انطلقت التصريحات النارية من أفواه السياسيين الذين يتشدقون بها امام كاميرات الفضائيات غير عابئين بتأثيراتها السلبية على حياة الناس، حتى قبل تحقيق نبوءاتهم!!على المستوى الشعبي ،فان مثل هذه التصريحات، تثير الكثير من الاسئلة والشكوك، حول من يقف وراء موجات العنف حقيقة التي تطل برأسها بين فترة واخرى وبتوقيتات محسوبة ،" حساب عرب" ، كما يقال ، ومن يمولها ومن يستطيع اطلاقها من عقالها كلما احتاج اليها ، او يرى ان استخدامها اصبح مفيداً جدا ل" تأديب " الآخرين الذين لايرغبون الانصياع لارادات محددة!. وعلى المستوى السياسي فان هذه التصريحات تلقي بظلالها على التقاربات السياسية وعلى عناصر الثقة التي ينبغي ان نؤسس لها خارج خطابات التهديدات التي تعبث بمشاعر وحياة المواطنين، وعلى العملية السياسية عموما، ما يخلق باستمرار ويقوي من عناصر الشك والريبة على حساب الثقة التي من المفترض وجودها بين اطراف قيادة العملية السياسية والمختلفين معهم. التهديدات انتقلت من المربع الاول ، الى لغة الاحتمالات، الى الانسحابات ، ثم يجري تتويجها هذه الايام ، بانتقال مفردات التهديد الى الحالة المطلوبة وهي اعادة الوضع السياسي والامني الى ما كان عليه بعد سقوط الدكتاتورية في 2003! ان القراءة الموضوعية للمشهد السياسي العراقي الحالي ، تفرز لنا واحدا من الاستنتاجات المهمة ، وهي ان لاعودة للاقتتال الطائفي الذي يبشرون به بالطريقة التي جرى بها اعوام 2005-2007 ، من الممكن ان تحدث اعمال عنف شديدة ، وهي متوقعة من دون الحاجة الى تهديدات أو تحريض، فبعض الخلايا مازالت نائمة والاختراقات الامنية يجري الاعتراف بها واقرارها عند كل تفجير بسيارة أو حزام ، والحواضن لم تنظف تماما، والمجالات الحيوية لعمل العنف على المستوى السياسي ما زالت شديدة التأثير، ومحاولات الضرب تحت الحزام مازالت جارية، والتخطيط لضربات كسر العظام ربما ما زالت في الغرف المظلمة ، لكن الحقيقة التي ينبغي ان يدركها اصحاب كل هذه المشاريع ، ان لاعودة الى ان يقتل بعضنا الآخر لسواد عيون الآخرين ،كل الآخرين!!
كتابة على الحيطان: التهديدات مرّة أخرى
نشر في: 17 إبريل, 2010: 07:04 م