عبدالله السكوتي والخياس لفظة كانت شائعة في العهد العثماني ، وتعني المبالغ الاميرية المتبقية في ذمة العشائر والمكلف بدفعها شيخ العشيرة (والتي تسمى بقايا)، ويعتبرونها هالكة او ميتة، وهذه تتراكم سنة بعد اخرى ولايحصل منها شيء، ولكن تبقى في الدفاتر الحكومية،
وتحول من سنة الى اخرى، فتشغل الدفاتر بلا جدوى، فالعشائر من ناحية لاتدفعها للحكومة من تلقاء انفسها، والحكومة تحاول ان تستحصلها، فان شعرت بعدم قدرتها، تركتها تتراكم الى ان تحصل لها القدرة الكافية على استحصالها وحينذاك تكون هذه المبالغ كبيرة، فاذا ماطولبت العشيرة بدفع مابذمتها من سنين متراكمة استنكرت هذه المطالبة وقالت:(هذا خياس عتيك) ولاموجب لدفعه.والخياس العتيك مازال الشعب العراقي يدفعه للاسف حتى في تجاربه التي يعتبرها البعض متحضرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الانتخابات والديمقراطية ، فالعراقي مازال يعيش لحظات التمرد على الدولة كمؤسسة وحتى الان لم يفرق بين الحكومة والدولة لعدائه القديم للحكومات السابقة ولما رأى منها من حيف وجبروت، حيث ثبت في عقله اللاواعي حقيقة من خسارات متكررة وامتهان وحرمان ومصادرة للحرية الشخصية والحقوق، فهو يستحضر همومه القديمة بلاشعور منه، وتشعب هذا السلوك لديه الى عدوانية، والمراقب للحظات وايام مابعد سقوط النظام في 9 نيسان يشاهد ان اغلبية الشعب هرع الى اقتناء السلاح ليستمتع بإطلاقة الى الفضاء التي لاتغني عن جوع فقط يريد ان يقول انا موجود، وحتى سلوك الجريمة غير المنظمة التي اعقبت سقوط النظام هي مصادرة للثورة الداخلية التي يمتلكها العراقي بحيث توجهت باتجاه آخر نحو الجريمة والعبثية، ثم تطور وتطور هذا الشعور ليصل الى القتل والذبح وتفجير العبوات طبعا تشجعه في هذا وتمد له يد العون كعوامل مساعدة مهمة الاجندات الخارجية والفوضى السياسية التي عاشها الشعب، والذي لم يستطع ان يفعل هذا وذاك استغل وظيفته وبدأت مرحلة جديدة هي مرحلة الفساد المالي، ومصادرة الارصفة وبفرح غامر وكانه تمرد على صدام، لانه لم يفتأ فيما مضى ان يقوم بسحق الدار التي تعتدي على سنتمتر واحد من املاك الدولة وخصوصا الفقراء الذين لا احد لهم، اعتقد ان افعال الكثيرين غير مسؤولة وهي (خياس عتيك).كان بجانبي يشرب قنينة البيبسي ونحن في ذات السيارة افرغها ورمى بها الى الشارع ، كان انيقا ينم مظهره انه موظف، استجمعت قواي وعاتبته، قلت له : لماذا ترميها في قارعة الطريق وانت رجل تبدو نظيفا ، فرد علي بسخرية واضحة: (رجعنا الزمن صدام)، صمت واخرجت كتابي وانشغلت بالقراءة خوفا من تطور الحديث وبالتالي اجتث من (الكيه ) بتهمة دفاعي عن نظافة الطريق ، تأكدت ان هذا الشخص لديه ثأر عتيق مع الحكومة آنذاك لانها لم تكن تنفصل عن الدولة، لكن في التجارب الديمقراطية على الشعب ان يفصل بين الاثنين ، فالحكومة ذاهبة والدولة باقية بمؤسساتها، وهذا ايضا لم يستطع الشعب العراقي تفسيره بعد سقوط النظام السابق حين هرع البعض لسرقة ممتلكات الدولة.هذه الاشكالية تحتاج الى وقت كبير للتخلص من حبائلها كي يعود الانسان حرا، والسيطرة، والعبودية لم تكن سجوناً وقيوداً فقط وانما هو شعور يتركز داخل النفس الانسانية ويسيطر عليها، وهذا القيد الحديدي لايستطيع الانسان التخلص منه الاعلى مراحل، ومنها السيطرة على الشعور وامتلاك حرية التفكير الحقيقي، بلا تأثيرات ربما تكون عقائدية او حزبية او قومية.على هذا الاساس بات تشكيل الحكومة اصعب مراحل الديمقراطية في العراق لانها اختصرت جميع مراحل النقاهة التي كان يجب ان يمر بها الشعب الى مرحلة واحدة وواجهته بشعارات ركزت على آلام الامس فجعلت منه اسيرا لحالتين لاثالث لهما الثأر ومناغاة الحرمان القديم، ماجعل قوى الامس التي وقفت بوجه الدكتاتورية تتلاحم وتنأى ببرامجها السياسية عن الاخرين، نحن نقدر هذه الحالة لكن يبقى المهم في الامر الاتكون التحالفات مرضية وتجري مجرى استحضار مآسي الامس والعيش بها وجعلها مثابة للقفز على الزمن في سبيل احياء التغيير. وعساها الاتكون (خياس عتيك).
هواء فـي شبك: (هذا خياس عتيك)
نشر في: 17 إبريل, 2010: 07:30 م