التاريخ هو حجر الاساس في بناء نهضة الشعوب، فالوسط الذي لا يقتفي افراده منهاج نوابغه السالفين وعظماته المتقدمين لا يتيسر له ان يمشي الى الامام خطوات واسعة في ميدان هذه الحياة المزدحم بالامم والشعوب وعلى ذلك كان من المحتم على كل امة ما تريد التقدم حثيثا ان تدرس تأريخها وتكتب عنه مستفيدة من عظاته وعبرهن مارة على اماكن القوة والضعف فيه مرور تنقيب وتدقيق، وبحث واستنتاج.
*التاريخ جاء ليحيي بين صفاته حياة ومواقف لاشيخوخة عندها ولا موت، اليس كذلك؟ -بلى..اجابني المؤرخ الاستاذ عبد الرزاق الحسني ليكون هذا المدخل مفتتحا لحوار شامل عن دور التاريخ في حياة الشعوب وكيفية الكتابة عنه فضلا عن دوره كمؤرخ اسهم في منح مكتبتنا بالكثير من المؤلفات التي وثقت الحقائق والاحداث التي مر بها العراق قديما وحديثا ولنضيء الجانب الاخر من حياة هذا المبدع. من الادب.. الى التاريخ *من اين يبتدئ المؤرخ في تدوين الحدث؟ وماذا عن المراحل التي مررت بها حتى حط المطاف فكان التاريخ؟ -المؤرخ قد يكتب ويؤرخ للحدث ساعة حدوثه.. او ربما في منتصفه او ان يكتب عنه بعد الانتهاء منه قد يفاجأ لاستقر مع التاريخ ففي عام 1922 كتبت روايتي الاولى والاخيرة، تحت ظل المشانق، بعدها اتجهت الى عالم الشعر، الذي كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بعالم السياسة، فالذي لايكتب قصيدة ثورية تحمل طابعا تحريضيا ضد الاستعمار والتبعية ليس بشاعر. *هل كانت قصائدك ملتزمة بهذا النهج والموقف؟ -نعم فاول قصيدة كتبتها قلت فيها: صبت علينا جورها الايام فالام تغصب حقنا الاقوام يا قوم ما هذا السكوت وقد طغى سيل الزبى فينا وضاق مقام هذه قصيدة لا اريد ان استرسل في قراءتها لانني ودعت الشعر، وذهبت الى الواقع لاكون معه بلا رتوش ، بلا خيال وهكذا ابتدأت رحلتي مع التاريخ.. لادونه كما عشته، كما سمعت به او كما قرأت عنه. *تاريخ الوزارات العراقية من الاعمال الملهمة التي قمت من خلالها بتدوين تاريخ الوزارات في العهد الملكي حتى مجيء الحكم الجمهوري.. ما الذي جعلك تفكر بانجاز مثل هذا العمل؟ -حدثت واقعة غريبة لم تحدث من قبل تاريخ العراق ولم تتكرر الا هذا الوقت، وهي فوز المعارضة المؤلفة من (ياسين الهاشمي وداود السعدي ورشيد عالي الكيلاني) وفشل مرشحي الحكومة في رئاسة المجلس النيابي مما ادى ذلك الحادث الى سقوط الوزارة في عهد عبد المحسن السعدون من هنا بدأت بتدوين تفاصيل تلك المرحلة. *ما النهج الذي اعتمدته في عملية التوثيق هذه؟ -كنت اسجل كل خبر صغيرا كان ام كبيرا عن تطورات الساعة من تشكيل وزارة ومجيء اخرى، وبعد مرور شهر اقوم بنقل كل ما كتبته في هذا الدفتر الى دفتر اخر اكبر حجما من الاول مع اجراء الاضافات والتعديلات وامضيت مدة طويلة من الزمن حتى جاء هذا الكتاب باجزائه العشرة ليتناول واقع الحياة السياسية في العراق خلال اربعين عاما باوسع معانيها ووضع يد القراء على اهم المعاهدات والاتفاقيات التي عقدتها الوزارات في مختلف الظروف وشتى المناسبات وكذلك الاحداث التي مر بها العراق وصفا دقيقا مؤيدا بالوثائق ومدعما بالمستندات.*كيف استطعت الحصول على مثل هذه الوثائق والمستندات؟ -ان الفرصة التي توافرت لي عام 1949 حيث ندبت للعمل في ديوان مجلس الوزراء، لاقوم بتنظيم سجلات خاصة بتاريخ الدولة على نمط المؤسسة العثمانية (وقعي نويس) وقد قضيت مدة اربعة عشر عاما، استفدت من خلالها فوائد تاريخية جليلة في الحصول على زوادتي من الوثائق والمعلومات الرسمية التي لايمكن لاحد ان يطعن بها. *لقد تناولت تار يخ (59) وزارة قامت في العراق ما بين عام 1920 حتى مجيء ثورة 14 تموز عام 1958 أي مدة العهد الملكي ثم توقفت بعدها. أي انك لم تؤرخ للوزارات التي جاءت في العهد الجمهوري؟ لماذا؟ -لقد دونت تاريخ الوزارات التي بدأت منذ عام 1958 حتى منتصف الستينيات الا ان اعفائي من عملي في ديوان مجلس الوزراء كان السبب وراء هذا التوقف –كان ديوان المجلس بمثابة المعين الاساس والمهم الذي يزودني بالوثائق والمعلومات جميعها. *جامعة البصرة تنوي العمل على وضع تاريخ الوزارات في العهد الجمهوري على غرار تاريخ الوزارات العراقية. -نتمنى ان يتوافر لنا المعين لنكمل هذا المشروع فتحت يدي اوراق وملفات مجلس الوزراء والتي كما اشرت سابقا لايمكن الطعن في صدقيتها والتي تغطي المدة من عام 1958 الى 1963 واعتمدها فعلا في الكتابة عن تاريخ الوزارات التي شكلت في هذه المدة. التاريخ..الوثائق والناس *وثائق ديوان مجلس الوزراء كانت المعين الذي اعتمدت عليه كمرجع ومصدر في اصدار تاريخ الوزارات.ماذا عن مصادرك الاخرى التي تعتمدها في ما تبقى من مؤلفاتك؟ -المصادر التي اعتمدتها في كتاباتي عموما مصادر تاريخية وهي مراجع لا يشكك بها مثل تاريخ الطبري، المسعودي ابن الاثير، ابن خلكان، دائرة المعارف البريطانية، دائرة
ملحق ذاكرة عراقيةعن الشعر والتاريخ.. والصحافة والحق والحياة ..شيخ المؤرخين عبد الرزاق الحسني يتحدث..
عن الشعر والتاريخ.. والصحافة والحق والحياة ..شيخ المؤرخين عبد الرزاق الحسني يتحدث..
نشر في: 18 إبريل, 2010: 04:36 م