عبدالله السكوتي يحكى انه كان للشاعر بشار بن برد صديق يستثقله ، وكان كلما تكلم بشار بشيء ، قال صديقه: هل رأيت ؟ ولكون بشار اعمى كان جوابه : كلا ، فكان الصديق يقول له: اذن لاتصدق ، وكثر مثل هذا القول بين الاثنين، وتبرم منه بشار فاراد ان يخجله حتى لايعود اليه ،
فاحدث صوتا قويا والرجل بجانبه ففزع منه ، فقال له بشار: اسمعت ام رأيت ؟ قال: بل سمعت، قال: فلاتصدق حتى ترى.لكننا بعكس بشار بن برد نسمع ونرى ونتابع الامور ونستطيع من خلال هذه المتابعة ان نتكهن بالكثير، اذ ان الائتلاف الواحد سابقا والذي انقسم بعد تسلمه السلطة بعد انتخابات (2005 )، عصي على التوحد من جديد والعودة الى ماكان عليه ، فالسنين الاربع قد اثرت كثيرا في الكتل السياسية وفي الناخب ايضا، وجعلت تلك السنين لكل رؤيته ووسعت في اهداف بعض الكتل وجعلتها تستوعب اطيافا مختلفة من الوان الشعب العراقي المتنوعة ؛ في حين ائتلفت كتل اخرى ودمجت بين شخصيات متنوعة وستكون السنوات الاربع المقبلة مليئة بالمفاجآت لان صوت البرلمان سيكون عاليا على اعتبار ان كتلة من الكتل الرئيسة ستفوز به وهذا مايجعل صوت المعارضة مؤثرا ، اقصد كتلة تسعينية او ثمانينية ، وايضا للتنوع الذي يحتويه مجلس النواب ، حيث لم تشهد انتخاباتنا في 7آذار تشتيت الاصوات على كتل صغيرة تصبح غير صاحبة قرار في المستقبل .الكثيرون يتشاءمون من تأخر تشكيل الحكومة ، في حين ان هذا الامر صحي ، وهو من افرازات المرحلة السابقة ومنافعها التي انعكست على الكتل ، كي تستطيع ان تشكل الحكومة بكثير من الجهد والتعب لكن ظلال الوضع الامني التي القت بكلكلها على التجربة الديمقراطية عموما جعلت البعض يريد الانتقال بسرعة لئلا يحدث فراغ دستوري تستغله القوى المناوئة ، والا فالحكومة التي تشكل بتأن وصبر ستكون راكزة واثقة وستنال مباركة الجميع وستعمل مالايعمله غيرها ، وكما يقولون: (البدوي اخذ ثاره بعد اربعين سنة ويكول استعجلت).ان بعض الاختلافات غير المؤدلجة والتي تكون على ظواهر الامور ، مثل الاختلاف على شخصية رئيس الوزراء مرحب بها لانها ستفضي الى الطريق الاقصر والافضل ؛ ومازلنا نسمع بالكثير ونرى الكثير ، ونقرأ بعض الاحيان المكتوب مابين السطور ، لكننا نبارك كل شيء تأتي به الديمقراطية ، ونرفض التسلط والتمسك بالمناصب وكأنها اقطاعيات او ميراث لاحد ، وهذا الامر من الخطورة بحيث يحتاج الى مراقبة الشعب المستمرة ، وخصوصا في حال غادرت القوات الاميركية العراق ، كي لانعود ادراجنا الى الخلف لعصر المؤامرات والانقلابات.ان الصوت العالي هو صوت الشعب وهو الذي يعطي ثقته لاي شاء وماعلى الاخرين سوى البحث والتنقيب عن الافضل وبالتالي الخروج من مأزق تشكيل الحكومة بمنجز ديمقراطي عراقي يختلف عن التجارب الاخرى ؛ طبعا هذا الكلام لايشمل شخصية رئيس الوزراء فقط وانما ينسحب على كل مسؤولية بالدولة سيادية او غير سيادية ، علينا النظر الى الاعلى قليلا ، وتجربة الخبرات الاخرى وعدم الوقوف على شخصية واحدة نكررها في عدة وزارات ، اذا فعلنا هذا نكون قد خرجنا عن طريق الديمقراطية وسنصنع من يتمسك بالكرسي لانه سيعتاد عليه.ليأخذ تشكيل الحكومة امده وامده الطويل ايضا، كي لانتعرض لاختلال الحسابات ، وندخل في مأزق مخالفة الحكومة في كل شيء كما حدث في السابق، لان مثل هذا الامر سيضيع جهد الحكومة وجهد النواب ايضا على اساس حسابات شخصية لاغير.
هواء فـي شبك :(إذا ماتشوف لاتصدك)
نشر في: 18 إبريل, 2010: 07:37 م