محمود النمر الحلم يرتبط بنسيج متواصل من ماضي وتاريخ يندرجان في مكمن من الدماغ ،تتغذى منه الروح حينما تريد ان تسرّح في مباهجها او احزانها ، وهما يشكلان الزمان والمكان ويرتبطان بالانسان ،خاصة اذا كان هذا المرء يحمل صفة الخيال والابداع ويدرك العلاقة مابين الحلم والخيال والواقع.الشاعر نصير فليح في مجموعته الجديدة
استخدم بها عدة احالات ابتداء من العنوان الذي هو عبارة عن خلط فني شعري مدهش غارق في الايحاءات –اماكـ ن ـهار التي جعل حرف النون جسرا تحيل القارىء الى جملة من التفاسير والتأويلات او ما يسمى (الهرمينوطيقا ) التي يشتغل عليها الفيلسوف الالماني - جورج هانز غادامير – وهو مفهوم فلسفي اشتغل عليه الكثير من الفلاسفة في تسليط قدراتهم المعرفية على النصوص واحالاتها الى مفاهيم وتأويلات، حتى اصبحت هذه المنطقة الفلسفية وعرة في اشتغالاتها المعرفية ومنطقة متعددة الجوانب والمفاهيم ،فالاماكن هي جزء مهم في الوجود الانساني ،والنهار الذي تتمظهر فيها حركة الزمن وحرف النون هو العامل المشترك الذي انصهر به العاملان المشتركان –الزمان والمكان – وعلى هذا الاساس اشتغل الشاعر نصير فليح في هذا الديوان على عكس التجارب الاخرى في المجموعتين السابقتين – اشارات مقترحة – و –الوجود انا – بالاضافة الى مجموعته التي ترجمها عن الانكليزية للشاعرة الانكليزية – اميلي ديكنسون – التي كانت من اجمل الترجمات الشعرية في الاونة الاخيرة .ان هذه المجموعة يتسيد فيها السرد الشعري ،مستخدما فيها الشاعر لغة شفيفة قادرة على استيعاب رؤى السرد الي تستبطن المرموزات او الاقنعة التي اشتغل عليها في السرد الايحائي الذي تمكن منه في لغة التوصيل والايقاع وصياغة الجملة الشعرية الطويلة في اغلب قصائد المجموعة .في قصيدة ،دانتي ،زقاق ،مدينة الثورة يقول :،قد لاتكون حيا ،كما تظن، خلف الزجاج يتكدس الحشد ،طرائق غريبة للموت تظهر ، يتكاثر الذباب على الصمت ،والعيون التي ترتمي من خلال الزجاج،تحدق فيك ،كالشمس، إذن لم يكن مخبأ،كنت في لحم الزجاج منذ البداية ،عندما كنت وجها ،وترسم في نخل البداية صورتك.لاحظ ان الشاعر يستحضر – جحيم دانتي في مدينة الثورة ويحاول ان يكشف الموت الذي منذ البدء ،ويخبر الاخرين ان الموت قد حان وان لامهرب من هذه النهاية القاسية التي ستكتسح الاخرين في الحروب ،انها تراكمات الحروب القاسية التي اكلت كل شيء ،لذلك هو احال جحيم دانتي الى هذه المدينة البائسة التي يزجون بابنائها الى الموت / هاهي موجة ٌ اخرى ،من اخر الدرب يندفع العراة ،وينطفئون على لوحة ٍ-هذي التي تنتصب كالزجاج – امام وجهك ،لتعرف انك مازلت في زمن الخليقة .حين يمر الشاعر نصير فليح بالمكان يؤثث بلا استثناءات كل شيء ،كأنه يراها اول مرة ثم يترك الاسئلة معلقة على الفجيعة ،ويصف كيفية العمل في التداخل الوجودي في -البدايات –ص 28/كان ذاك الضياء غريبا ،كنت تقترب من جرار النهار ،كنت تحلم في ان تكون شارعا في وقرة الشمس ، ان تتلو نصك المغبر صوب التراب ،ترى ،كم كنت فظا ،وانت تطلب من غفلة الصيف الاخيرة،شارعا من دلالة .اليست هي غربة الشاعر الذي يشعربها حين تكون الاشياء اكثر ايلاما من الغربة خارج الوطن ،ان الانسان الذي يلفه الاغتراب في داخل وطنه لايمكن ان يرتكز على ارض ،وكأنه يمشي على جمر الحيرة الكبرى ،ترى من الذي سيمنحه الطمأنينة ؟عندما يكبر الحزن ،في العين العراقية المقفلة،عندما تنفلت الفقاعة ،وتتحطم على زاوية من غبار السماء/القسوة والجسد/ذكريات البدابة /وارتحال الرياح على بقعة من هواء قديم –تشبه الريح- او ساحة خلفية للحديد المكدس تسمى (الوطن ) في قصيدة /chaos/ - كايوس - التي تعني –فوضى او اضطراباً او تشوشاً- ،يظل الفعل المضطرب عند نصير فليح محتقنا بهذا الاضطراب والفوضى فيقول : ذلك المشهد الفظ، انسحاق العيون امام سحابة ،ظلت تشيد مع- الثورة – شارعا ،موحلا ،كالدروب-على وردة للوحول . في الديوان تظهر قصائد ثلاث بعنوان واحد هو –تناسخ – ربما هو تناسخ الارواح او الاشخاص حيث يعمل على هذه الثيمة للقصائد الثلاث لاعادة مكونات في فكر الشاعر وتكويناته المعرفية او في السجية الباقية من الفطرة الاولى عندما كان غضا وهذا مجرد حدس لااكثر، ففي التناسخ الاول / كان المساء غريبا ،عندما لمحت فكرة ،مرت قبل خمسين عاما / البداية ُ: شارع يشبه الجسد /رجل (غامر ) يتوقف سائلا عن سؤال غريب لمغامر آخر لم يره.التناسخ الثاني /تتوقع اني اخيرا ،كلما تجدد فيك المكان تجددت فيك المخاوف ،رياح التجاويف الاخيرة ،وهذا الجدار المخربش بالطين ، كتب في اسفل القصيدة :موت جديد ،اميرته .التناسخ الثالث :اثمل بالضوء ،بالترهات الاخيرة لحكمة الجسد ،كنت يومها شابا ،وكان الجدار المكرس للطين يحمي ضياء الصباح من وهج الهجيرة ،نائما كال
(أماكــــ نَّ ــــهار)..مكاشفات عن جمال العالم وكآبته
نشر في: 19 إبريل, 2010: 05:29 م